تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة النساء١قال أبو جعفر: يعنـي بقوله تعالـى ذكره: {يا أيّها النّاسُ اتّقُوا رَبّكُمُ الّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}: احذروا أيها الناس ربكم فـي أن تـخالفوه فـيـما أمركم، وفـيـما نهاكم، فـيحلّ بكم من عقوبته ما لا قِبَل لكم به. ثم وصف تعالـى ذكره نفسه بأنه الـمتوحد بخـلق جميع الأنام من شخص واحد، وعرّف عبـاده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة، ومنبههم بذلك علـى أن جميعهم بنو رجل واحد وأمّ واحدة، وأن بعضهم من بعض، وأن حقّ بعضهم علـى بعض واجب وجوب حقّ الأخ علـى أخيه، لاجتـماعهم فـي النسب إلـى أب واحد وأم واحدة. وأن الذي يـلزمهم من رعاية بعضهم حقّ بعض، وإن بعد التلاقـي فـي النسب إلـى الأب الـجامع بـينهم، مثل الذي يـلزمهم من ذلك فـي النسب الأدنى. وعاطفـا بذلك بعضهم علـى بعض، لـيتناصفوا، ولا يتظالـموا، ولـيبذل القويّ من نفسه للضعيف حقه بـالـمعروف، علـى ما ألزمه اللّه له، فقال: {الّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعنـي من آدم. كما: ٦٨١٨ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: أما {خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}: فمن آدم صلى اللّه عليه وسلم. ٦٨١٩ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {يا أيّها النّاسُ اتّقُوا رَبّكُمُ الّذِي خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعنـي: آدم صلى اللّه عليه وسلم. ٦٨٢٠ـ حدثنا سفـيان بن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن رجل، عن مـجاهد: {خَـلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} قال: آدم. ونظير قوله: {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} والـمعنـيّ به رجل، قول الشاعر: أبوكَ خـلـيفَةٌ وَلَدتْهُ أُخْرَىوأنتَ خـلـيفةٌ ذاكَ الكَمالُ فقال: (ولدته أخرى)، وهو يريد الرجل، فأنث للفظ الـخـلـيفة وقال تعالـى ذكره: {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} لتأنـيث (النفس) والـمعنى. (من رجل واحد) ولو قـيـل: (من نفس واحد)، وأخرج اللفظ علـى التذكير للـمعنى كان صوابـا. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَخَـلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثّ مِنْهُما رِجالاً كَثِـيرا وَنِساءً}. يعنـي بقوله جلّ ثناؤه: {وَخَـلَقَ مِنْها زَوْجَها} وخـلق من النفس الواحدة زوجها¹ يعنـي بـ (الزوج) الثانـي لها وهو فـيـما قال أهل التأويـل: امرأتها، حوّاء. ذكر من قال ذلك: ٦٨٢١ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {وَخَـلَقَ مِنْها زَوْجَها} قال: حوّاء من قُصَيْرَى آدم وهو نائم، فـاستـيقظ فقال: (أثا) بـالنبطية امرأة. حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ٦٨٢٢ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {وَخَـلَقَ مِنْها زَوْجَها} يعنـي حوّاء خـلقت من آدم، من ضلع من أضلاعه. ٦٨٢٣ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: أخبرنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: أسكن آدم الـجنة، فكان يـمشي فـيها وَحِشا لـيس له زوج يسكن إلـيها¹ فنام نومة، فـاستـيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خـلقها اللّه من ضلعه، فسألها ما أنتِ؟ قالت امرأة، قال: ولـم خـلقتِ؟ قالت: لتسكن إلـي. ٦٨٢٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ألقـي علـى آدم صلى اللّه عليه وسلم السّنة فـيـما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلـم، عن عبد اللّه بن العبـاس وغيره، ثم أخذ ضِلعا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولأم مكانه، وآدم نائم لـم يهبّ من نومته، حتـى خـلق اللّه تبـارك وتعالـى من ضلعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأة لـيسكن إلـيها، فلـما كُشفت عنه السّنة وهبّ من نومته رآها إلـى جنبه، فقال فـيـما يزعمون واللّه أعلـم: لـحمي ودمي وزوجتـي! فسكن إلـيها. ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدّي: {وَخَـلَقَ مِنْها زَوْجَها} جعل من آدم حوّاء. وأما قوله: {وَبَثّ مِنْهُما رِجالاً كَثِـيرا وَنِساء} فإنه يعنـي ونشر منهما يعنـي من آدم وحواء {رِجَالاً كَثِـيرا وَنِسَاءً} قد رآهم، كما قال جلّ ثناؤه: {كالفَرَاشِ الـمَبْثُوثِ}. يقال منه: بثّ اللّه الـخـلق وأبثهم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٦٨٢٥ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {وَبَثّ مِنْهَما رِجالاً كَثِـيرا وَنِساءً} وبثّ: خَـلَق. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحام}. اختلفت القراء فـي قراءة ذلك، فقرأه عامة قراء أهل الـمدينة والبصرة: (تَسّاءَلُونَ) بـالتشديد، بـمعنى: تتساءلون، ثم أدغم إحدى التاءين فـي السين، فجعلهما سينا مشددة. وقرأه بعض قراء الكوفة: {تَسَاءَلُونَ} بـالتـخفـيف علـى مثال (تَفَـاعَلُونَ)، وهما قراءتان معروفتان، ولغتان فصيحتان، أعنـي التـخفـيف والتشديد فـي قوله: {تَساءَلُونَ بِهِ}، وبأيّ ذلك قرأ القارىء أصاب الصواب فـيه، لأن معنى ذلك بأيّ وجهيه قرىء غير مختلف. وأما تأويـله: {وَاتّقُوا اللّه } أيها الناس، الذي إذا سأل بعضكم بعضا سأل به، فقال السائل للـمسؤول: أسألك بـالله، وأنشدك بـالله، وأعزم علـيك بـالله، وما أشبه ذلك. يقول تعالـى ذكره: فكما تعظّمون أيها الناس ربكم بألسنتكم، حتـى تروا أن من أعطاكم عهده فأخفركموه، فقد أتـى عظيـما، فكذلك فعظموه بطاعتكم إياه فـيـما أمركم، واجتنابكم ما نهاكم عنه، واحذروا عقابه من مخالفتكم إياه فـيـما أمركم به أو نهاكم عنه. كما: ٦٨٢٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك فـي قوله: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ} قال: يقول: اتقوا اللّه الذي تعاقدون وتعاهدون به. ٦٨٢٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ} يقول: اتقوا اللّه الذي به تعاقدون وتعاهدون. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع بن أنس، مثله. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: أخبرنا حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس : {تَساءَلُونَ بِهِ} قال: تعاطفون به. وأما قوله: {والأرْحامَ} فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله، فقال بعضهم: معناه: واتقوا اللّه الذي إذا سألتـم بـينكم، قال السائل للـمسؤول: أسألك به وبـالرحم. ذكر من قال ذلك: ٦٨٢٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيـم: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} يقول: اتقوا اللّه الذي تعاطفون به والأرحام. يقول: الرجل يسأل بـاللّه وبـالرحم. حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، عن مغيرة، عن إبراهيـم، قال: هو كقول الرجل: أسألك بـالله، أسألك بـالرحم. يعنـي قوله: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ}. حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ الأرْحامَ} قال: يقول: أسألك بـاللّه وبـالرحم. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا هشيـم، عن مغيرة، عن إبراهيـم، هو كقول الرجل: أسألك بـالرحم. ٦٨٢٩ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} قال: يقول: أسألك بـاللّه وبـالرحم. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحمانـي، قال: حدثنا شريك، عن منصور أو مغيرة، عن إبراهيـم فـي قوله: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَالأرْحامَ} قال: هو قول الرجل: أسألك بـاللّه والرحم. ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن معمر، عن الـحسن، قال: هو قول الرجل: أنشدك بـاللّه والرحم. قال مـحمد: وعلـى هذا التأويـل قول بعض من قرأ قوله: (والأرْحامِ) بـالـخفض عطفـا بـالأرحام علـى الهاء التـي فـي قوله (به)، كأنه أراد: واتقوا اللّه الذي تساءلون به وبـالأرحام، فعطف بظاهر علـى مكنـيّ مخفوض. وذلك غير فصيح من الكلام عند العرب لأنها لا تنسق بظاهر علـى مكنـي فـي الـخفض إلا فـي ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر¹ وأما الكلام فلا شيء يضطرّ الـمتكلـم إلـى اختـيار الـمكروه من الـمنطق والرديء فـي الإعراب منه. ومـما جاء فـي الشعر من ردّ ظاهر علـى مكنـيّ فـي حال الـخفض قول الشاعر: نُعَلّقُ فِـي مِثْلِ السّوَارِي سُيُوفَناوَما بـينها وَالكَعْبِ غُوطٌ نَفـانِفُ فعطف (الكعب) وهو ظاهر علـى الهاء والألف فـي قوله (بـينها) وهي مكنـية. وقال آخرون: تأويـل ذلك: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ} واتقوا الأرحام أن تقطعوها. ذكر من قال ذلك: ٦٨٣٠ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ فـي قوله: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ وَالأرْحامَ} يقول: اتقوا اللّه ، واتقوا الأرحام لا تقطعوها. ٦٨٣١ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد عن قتادة: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ إنّ اللّه كانَ عَلَـيْكُمْ رَقِـيبـا} ذكر لنا أن نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: (اتّقُوا اللّه وَصِلُوا الأرْحامَ، فإنّهُ أبْقَـى لَكُمْ فِـي الدّنـيْا، وَخَيْرٌ لَكُمْ فِـي الاَخِرَةِ). ٦٨٣٢ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس فـي قول اللّه : {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} يقول: اتقوا اللّه الذي تساءلون به، واتقوا اللّه فـي الأرحام فصلوها. ٦٨٣٣ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا هشيـم، عن منصور، عن الـحسن فـي قوله: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} قال: اتقوا اللّه الذي تساءلون به، واتقوه فـي الأرحام. ٦٨٣٤ـ حدثنا سفـيان، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن خصيف، عن عكرمة فـي قول اللّه : {الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها. ٦٨٣٥ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الـحسن فـي قوله: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} قال: هو قول الرجل: أنشدك بـاللّه والرحم. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: أن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: (اتّقُوا اللّه وَصِلُوا الأرْحامَ). ٦٨٣٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها. ٦٨٣٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: ثنـي أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك فـي قوله: {الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} قال: يقول: اتقوا اللّه فـي الأرحام فصِلوها. ٦٨٣٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} قال: يقول: واتقوا اللّه فـي الأرحام فصِلوها. ٦٨٣٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبـي حماد، وأخبرنا أبو جعفر الـخزاز، عن جويبر، عن الضحاك ، أن ابن عبـاس كان يقرأ: {والأرْحامَ} يقول: اتقوا اللّه لا تقطعوها. ٦٨٤٠ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس : اتقوا الأرحام. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، قال: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} أن تقطعوها. ٦٨٤١ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ} واتقوا الأرحام أن تقطعوها. وقرأ: {وَالّذِينَ يَصِلُونَ ما أمَرَ اللّه بِهِ أنْ يُوصَل}. قال أبو جعفر: وعلـى هذا التأويـل قرأ ذلك من قرأه نصبـا، بـمعنى: واتقوا اللّه الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، عطفـا بـالأرحام فـي إعرابها بـالنصب علـى اسم اللّه تعالـى ذكره قال: والقراءة التـي لا نستـجيز للقارىء أن يقرأ غيرها فـي ذلك النصب: {وَاتّقُوا اللّه الّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ} بـمعنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، لـما قد بـينا أن العرب لا تعطف بظاهر من الأسماء علـى مكنـيّ فـي حال الـخفض، إلا فـي ضرورة شعر، علـى ما قد وصفت قبل. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إنّ اللّه كانَ عَلَـيْكُمْ رَقِـيبـا}. قال أبو جعفر: يعنـي بذلك تعالـى ذكره: إن اللّه لـم يزل علـيكم رقـيبـا. ويعنـي بقوله: {عَلَـيْكُمْ}: علـى الناس الذين قال لهم جلّ ثناؤه: يا أيها الناس اتقوا ربكم والـمخاطب والغائب إذا اجتـمعا فـي الـخبر، فإن العرب تـخرج الكلام علـى الـخطاب، فتقول إذا خاطبت رجلاً واحدا أو جماعة فعلتْ هي وآخرون غيّب معهم فعلاً: فعلتـم كذا، وصنعتـم. كذا ويعنـي بقوله: {رَقِـيبـا}: حفـيظا، مـحصيا علـيكم أعمالكم، متفقدا رعايتكم حرمة أرحامكم وصلتكم إياها، وقطعكموها وتضيـيعكم حرمتها. كما: ٦٨٤٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {إنّ اللّه كانَ عَلَـيْكُمْ رَقِـيبـا}: حفـيظا. ٦٨٤٣ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد فـي قوله: {إنّ اللّه كانَ عَلَـيْكُمْ رَقِـيبـا} علـى أعمالكم، يعلـمها ويعرفها. ومنه قول أبـي دؤاد الإيادي: كمَقاعِدِ الرّقَبـاءِللضّرَبـاءِ أيدِيهِمْ نَوَاهِدْ |
﴿ ١ ﴾