٢القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَآتُواْ الْيَتَامَىَ أَمْوَالَهُمْ ...}. قال أبو جعفر: يعنـي بذلك تعالـى ذكره أوصياء الـيتامى، يقول لهم: وأعطوا يا معشر أوصياء الـيتامى أموالهم، إذا هم بلغوا الـحلـم وأونس منهم الرشد. {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} يقول: ولا تستبدلوا الـحرام علـيكم من أموالهم بأموالكم الـحلال لكم. كما: ٦٨٤٤ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه تعالـى: {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} قال: الـحلال بـالـحرام. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي سفـيان، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} قال: الـحرام مكان الـحلال. قال أبو جعفر: ثم اختلف أهل التأويـل فـي صفة تبديـلهم الـخبـيث بـالطيب الذي نهوا عنه ومعناه، فقال بعضهم: كان أوصياء الـيتامى يأخذون الـجيد من ماله والرفـيع منه، ويجعلون مكانه للـيتـيـم الرديء والـخسيس، فذلك تبديـلهم الذي نهاهم اللّه تعالـى عنه. ذكر من قال ذلك: ٦٨٤٥ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن مغيرة، عن إبراهيـم: {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} قال: لا تعط زيفـا وتأخذ جيدا. ٦٨٤٦ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن السديّ، وعن يحيـى بن سعيد، عن سعيد بن الـمسيب ومعمر، عن الزهري، قالوا: يعطي مهزولاً ويأخذ سمينا. ٦٨٤٧ـ وبه عن سفـيان ، عن رجل، عن الضحاك ، قال: لا تعط فـاسدا وتأخذ جيدا. ٦٨٤٨ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنـم الـيتـيـم، ويجعل مكانها الشاة الـمهزولة، و يقول: شاة بشاة. ويأخذ الدرهم الـجيد، ويطرح مكانه الزيف، و يقول: درهم بدرهم. وقال آخرون: معنى ذلك: لا تستعجل الرزق الـحرام فتأكله قبل أن يأتـيك الذي قدّر لك من الـحلال. ذكر من قال ذلك: ٦٨٤٩ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} قال: لا تعجل بـالرزق الـحرام قبل أن يأتـيك الـحلال الذي قدّر لك. وبه عن سفـيان، عن إسماعيـل، عن أبـي صالـح مثله. وقال آخرون: معنى ذلك كالذي: ٦٨٥٠ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} قال: كان أهل الـجاهلـية لا يورّثون النساء، ولا يورّثون الصغار يأخذه الأكبر. وقرأ: {وَتَرْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنّ} قال: إذا لـم يكن لهم شيء، {والـمُسْتَضْعَفِـينَ مِنَ الوِلْدَانِ} لا يورثوهم، قال، فنصيبه من الـميراث طيب، وهذا الذي أخذه خبـيث. قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال بتأويـل الاَية قول من قال: تأويـل ذلك: ولا تتبدّلوا أموال أيتامكم أيها الأوصياء الـحرام علـيكم الـخبـيث لكم، فتأخذوا رفـائعها وخيارها وجيادها (بـالطيب الـحلال لكم من أموالكم) {وتـجعلوا} الرديء الـخسيس بدلاً منه. وذلك أن تَبَدّل الشيء بـالشيء فـي كلام العرب أخذ شيء مكان آخر غيره، يعطيه الـمأخوذ منه، أو يجعله مكان الذي أخذ. فإذا كان ذلك معنى التبديـل والاستبدال، فمعلوم أن الذي قاله ابن زيد من أن معنى ذلك: هو أخذ أكبر ولد الـميت جميع مال ميته ووالده دون صغارهم إلـى ماله، قول لا معنى له، لأنه إذا أخذ الأكبر من ولده جميع ماله دون الأصاغر منهم، فلـم يستبدل مـما أخذ شيئا. فما التبدّل الذي قال جلّ ثناؤه: {وَلا تَتَبَدّلُوا الـخَبِـيثَ بـالطّيّبِ} ولـم يبدّل الاَخذ مكان الـمأخوذ بدلاً؟ وأما الذي قاله مـجاهد وأبو صالـح من أن معنى ذلك لا تتعجل الرزق الـحرام قبل مـجيء الـحلال، فإنهما أيضا إن لـم يكونا أرادا بذلك نـحو القول الذي روي عن ابن مسعود أنه قال: إن الرجل لـيحرم الرزق بـالـمعصية يأتـيها، ففساده نظير فساد قول ابن زيد، لأن من استعجل الـحرام فأكله، ثم آتاه اللّه رزقه الـحلال فلـم يبدّل شيئا مكان شيء، وإن كانا أرادا بذلك أن اللّه جل ثناؤه نهى عبـاده أن يستعجلوا الـحرام فـيأكلوه قبل مـجيء الـحلال، فـيكون أكلهم ذلك سببـا لـحرمان الطيب منه، فذلك وجه معروف، ومذهب معقول يحتـمله التأويـل، غير أن الأشبه فـي ذلك بتأويـل الاَية ما قلنا، لأن ذلك هو الأظهر من معانـيه، لأن اللّه جل ثناؤه إنـما ذكر ذلك فـي قصة أموال الـيتامى وأحكامها، فلا يكون ذلك من جنس حكم أوّل الاَية، فأخرجها من أن يكون من غير جنسه. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلا تَأْكُلُوا أمْوَالَهُمْ إلـى أمْوَالِكُمْ}. قال أبو جعفر: يعنـي بذلك تعالـى ذكره: ولا تـخـلطوا أموالهم ـ يعنـي: أموال الـيتامى بأموالكم ـ فتأكلوها مع أموالكم. كما: ٦٨٥١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {وَلا تَأْكُلُوا أمْوَالهُمْ إلـى أمْوَالِكُمْ} يقول: لا تأكلوا أموالكم وأموالهم، تـخـلطوها فتأكلوها جميعا. ٦٨٥٢ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن مبـارك، عن الـحسن، قال: لـما نزلت هذه الاَية فـي أموال الـيتامى، كرهوا أن يخالطوهم، وجعل ولـيّ الـيتـيـم يعزل مال الـيتـيـم عن ماله، فشكوا ذلك إلـى النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه : {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الـيَتامَى قُلْ إصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإنْ تُـخالِطُوهُمْ فـاخْوَانُكُمْ} قال: فخالطوهم واتّقوا. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إنّهُ كانَ حُوبـا كَبِـيرا}. قال أبو جعفر: يعنـي تعالـى ذكره (بقوله): {إنّهُ كانَ حُوبـا كَبِـيرا} إن أكلكم أموال أيتامكم مع أموالكم حوب كبـير. والهاء فـي قوله (إنّهُ) دالة علـى اسم الفعل، أعنـي الأكلوأما الـحُوب: فإنه الإثم، يقال منه: حاب الرجل يحوب حَوْبـا وَحُوبـا وحيابة، ويقال منه: قد تـحوّب الرجل من كذا، إذا تأثم منه. ومنه قول أمية بن الأسكر اللـيثـي: وإنّ مُهاجِرَيْنِ تَكَنّفـاهُغَدَاتَئِذٍ لقَدْ خَطِئا وَحابـا ومنه قـيـل: نزلنا بَحوْبة من الأرض وبحيبة من الأرض: إذا نزلوا بـموضع سَوء منها. والكبـير: العظيـم، فمعنى ذلك: إن أكلكم أموال الـيتامى مع أموالكم، إثم عند اللّه عظيـم. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٦٨٥٣ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو وعمرو بن علـيّ، قالا: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه : {حُوبـا كَبِـيرا} قال: إثما. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد مثله. ٦٨٥٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس ، قوله: {إنّهُ كانَ حُوبـا كَبِـيرا} قال: إثما عظيـما. ٦٨٥٥ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {كانَ حُوبـا} أما حوبـا: فإثما. ٦٨٥٦ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، فـي قوله: {حُوبـا} قال: إثما. حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {إنّهُ كانَ حُوبـا كَبِـيرا} يقول: ظلـما كبـيرا. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد، يقول فـي قوله: {إنّهُ كانَ حُوبـا كَبِـيرا} قال: ذنبـا كبـيرا، وهي لأهل الإسلام. ٦٨٥٧ـ حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: حدثنا يحيـى بن سعيد، قال: حدثنا قرة بن خالد، قال: سمعت الـحسن يقول: {حُوبـا كَبِـيرا} قال: إثما واللّه عظيـما. |
﴿ ٢ ﴾