٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ...}. قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويـل فـي السفهاء الذين نهى اللّه جل ثناؤه عبـاده أن يؤتوهم أموالهم، فقال بعضهم: هم النساء والصبـيان. ذكر من قال ذلك: ٦٩٠٧ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا إسرائيـل، عن عبد الكريـم، عن سعيد بن جبـير، قال: الـيتامى والنساء. ٦٩٠٨ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيـم، عن يونس، عن الـحسن فـي قوله: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكمْ} قال: لا تعطوا الصغار والنساء. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الـحسن، قال: الـمرأة والصبـيّ. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن شريك، عن أبـي حمزة، عن الـحسن قال: النساء والصغار، والنساء أسفه السفهاء. ٦٩٠٩ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الـحسن فـي قوله: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكمْ} قال: السفهاء: ابنك السفـيه وامرأتك السفـيهة، وقد ذكر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال: (اتّقوا اللّه فـي الضّعِيفَـيْنِ: الـيتـيـم، والـمرأة). حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا الـحمانـي، قال: حدثنا حميد، عن عبد الرحمن الرؤاسي، عن السديّ ـ قال: يردّه إلـى عبد اللّه ـ قال: النساء والصبـيان. ٦٩١٠ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكمْ} أما السفهاء: فـالولد والـمرأة. ٦٩١١ـ حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، عن الضحاك ، قوله: {وَلا تُؤتُوا السّفَهاءَ أمَوالَكمْ} يعنـي بذلك: ولد الرجل وامرأته، وهي أسفه السفهاء. حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب، قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك فـي قوله: {وَلا تُؤتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكم} قال: السفهاء: الولد والنساء أسفه السفهاء، فـيكونوا علـيكم أربـابـا. حدثنا أحمد بن حازم الغفـاريّ، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن سلـمة بن نبـيط، عن الضحاك ، قال: أولادكم ونساؤكم. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحمانـي، قال: حدثنا أبـي، عن سلـمة، عن الضحاك ، قال: النساء والصبـيان. ٦٩١٢ـ حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن حميد الأعرج، عن مـجاهد: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ} قال: النساء والولدان. ٦٩١٣ـ حدثنا أحمد، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا ابن أبـي عنبسة، عن الـحكم: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أموالكم} قال: النساء والولدان. ٦٩١٤ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُم الّتـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما} أمر اللّه بهذا الـمال أن يخزن فـيحسن خزانته، ولا يـملكه الـمرأة السفـيهة والغلام السفـيه. ٦٩١٥ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحمانّـي، قال: حدثنا ابن الـمبـارك، عن إسماعيـل، عن أبـي مالك، قال: النساء والصبـيان. ٦٩١٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس : {ولا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ} قال: امرأتك وبنـيك، وقال: السفهاء: الولدان والنساء أسفه السفهاء. وقال آخرون: بل السفهاء: الصبـيان خاصة. ذكر من قال ذلك: ٦٩١٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن شريك، عن سالـم، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: {ولاَ تؤْتوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ} قال: هم الـيتامى. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنـي أبـي، عن شريك، عن سالـم، عن سعيد، قال: {السفهاء}: الـيتامى. ٦٩١٨ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا يونس، عن الـحسن، فـي قوله: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكمْ} يقول: لا تنـحلوا الصغار. وقال آخرون: بل عنى بذلك السفهاء من ولد الرجل. ذكر من قال ذلك: ٦٩١٩ـ حدثنا سعيد بن يحيـى الأموي، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن إسماعيـل بن أبـي خالد، عن أبـي مالك، قوله: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ} قال: لا تعط ولدك السفـيه مالك فـيفسده الذي هو قوامك بعد اللّه تعالـى. ٦٩٢٠ـ حدثنا مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ} يقول: لا تسلط السفـيه من ولدك. فكان ابن عبـاس يقول: نزل ذلك فـي السفهاء، ولـيسوا الـيتامى من ذلك فـي شيء. ٦٩٢١ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن فراس، عن الشعبـي، عن أبـي بردة، عن أبـي موسى الأشعري أنه قال: ثلاثة يدعون اللّه فلا يستـجيب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الـخـلق فلـم يطلقها، ورجل أعطى ماله سفـيها وقد قال اللّه : {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ}، ورجل كان له علـى رجل دين، فلـم يُشهد علـيه. ٦٩٢٢ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد: {وَلا تُؤْتوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ}.. الاَية، قال: لا تعط السفـيه من ولدك رأسا ولا حائطا ولا شيئا هو لك قـيـما من مالك. وقال آخرون: بل السفهاء فـي هذا الـموضع: النساء خاصة دون غيرهم. ذكر من قال ذلك: ٦٩٢٣ـ حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان، عن أبـيه، قال: زعم حضرميّ أن رجلاً عمد فدفع ماله إلـى امرأته فوضعته فـي غير الـحقّ، فقال اللّه تبـارك وتعالـى: {وَلا تُؤتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ}. ٦٩٢٤ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن حميد، عن مـجاهد: {وَلا تؤتوا السّفَهاءَ أمْوَالَكمْ} قال: النساء. حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثنا سفـيان، عن الثوري، عن حميد، عن قـيس، عن مـجاهد فـي قوله: {وَلا تُؤتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ} قال: هنّ النساء. ٦٩٢٥ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه تبـارك وتعالـى: {وَلا تُؤتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما} قال: نهى الرجال أن يعطوا النساء أموالهم، وهن سفهاء مَنْ كُنّ أزواجا أو أمهات أو بنات. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ٦٩٢٦ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا هشام، عن الـحسن، قال: الـمرأة. ٦٩٢٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك ، قال: النساء من أسفه السفهاء. ٦٩٢٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن أبـي عوانة، عن عاصم، عن مورق قال: مرّت امرأة بعبد اللّه بن عمر لها شارة وهيئة، فقال لها ابن عمر: {وَلا تؤتوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما}. قال أبو جعفر: والصواب من القول فـي تأويـل ذلك عندنا أن اللّه جل ثناؤه عمّ بقوله: {وَلا تؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ} فلـم يخصص سفـيها دون سفـيه، فغير جائز لأحد أن يؤتـي سفـيها ماله صبـيا صغيرا كان أو رجلاً كبـيرا ذكرا كان أو أنثى، والسفـيه الذي لا يجوز لولـيه أن يؤتـيه ماله، هو الـمستـحقّ الـحجر بتضيـيعه ماله وفساده وإفساده وسوء تدبـيره ذلك. وإنا قلنا ما قلنا من أن الـمعنـيّ بقوله: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ} هو من وصفنا دون غيره، لأن اللّه جل ثناؤه قال فـي الاَية التـي تتلوها: {وَابْتَلُوا الـيَتَامى حتـى إذَا بَلَغُوا النّكاحَ فإنْ آنَسْتـمْ مِنْهمْ رُشْدا فـادْفَعوا إلَـيْهِمْ أمْوَالَهُمْ} فأمر أولـياء الـيتامى بدفع أموالهم إلـيهم إذا بلغوا النكاح وأونس منهم الرشد، وقد يدخـل فـي الـيتامى الذكور والإناث، فلـم يخصص بـالأمر يدفع مالهم من الأموال الذكور دون الإناث، ولا الإناث دون الذكور. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذين أمر أولـياؤهم بدفعهم أموالهم إلـيهم، وأجيز للـمسلـمين مبـايعتهم، ومعاملتهم غير الذين أمر أولـياؤهم بـمنعهم أموالهم، وحظر علـى الـمسلـمين مداينتهم ومعاملتهم، فإذ كان ذلك كذلك، فبـين أن السفهاء الذين نهى اللّه الـمؤمنـين أن يؤتوهم أموالهم، هم الـمستـحقون الـحجر، والـمستوجبون أن يولـى علـيهم أموالهم، وهم من وصفنا صفتهم قبل، وأن من عدا ذلك، فغير سفـيه، لأن الـحجر لا يستـحقه من قد بلغ، وأونس رشدهوأما قول من قال: عنى بـالسفهاء النساء خاصة، فإنه جعل اللغة علـى غير وجهها، وذلك أن العرب لا تكاد تـجمع فعيلاً علـى فعلاء، إلا فـي جمع الذكور، أو الذكور والإناث¹ وأما إذا أرادوا جمع الإناث خاصة لا ذكران معهم، جمعوه علـى فعائل وفعيلات، مثل غريبة تـجمع غرائب وغريبـات¹ فأما الغربـاء فجمع غريب. واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: {أمْوَالَكُمْ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما وَارْزُقُوهُم فِـيها وَاكْسُوهُمْ} فقال بعضهم: عنى بذلك: لا تؤتوا السفهاء من النساء والصبـيان علـى ما ذكرنا من اختلاف من حكينا قوله قبل أيها الرشداء أموالكم التـي تـملكونها، فتسلطوهم علـيها فـيفسدوها ويضيعوها، ولكن ارزقوهم أنتـم منها، إن كانوا مـمن تلزمكم نفقته، واكسوهم، وقولوا لهم قولاً معروفـا. وقد ذكرنا الرواية عن جماعة مـمن قال ذلك: منهم أبو موسى الأشعري، وابن عبـاس ، والـحسن، ومـجاهد، قتادة، وحضرميّ، وسنذكر قول الاَخرين الذين لـم يذكر قولهم فـيـما مضى قبل. ٦٩٢٩ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما وَارْزُقوهُمْ فِـيها} يقول: لا تعط امرأتك وولدك مالك، فـيكونوا هم الذين يقومون علـيك، وأطعمهم من مالك واكسهم. ٦٩٣٠ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما وَارْزُقوهُمْ فِـيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} يقول: لا تسلط السفـيه من ولدك علـى مالك، وأمره أن يرزقه منه ويكسوه. ٦٩٣١ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {وَلا تَؤْتُوا السفَهاءَ أمْوَالَكُمُ} قال: لا تعط السفـيه من مالك شيئا هو لك. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تؤتوا السفهاء أموالهم¹ ولكنه أضيف إلـى الولاة لأنهم قُوّامها ومدبّروها. ذكر من قال ذلك: ٦٩٣٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: حدثنا ابن الـمبـارك، عن شريك، عن سالـم، عن سعيد بن جبـير فـي قوله: {وَلا تُؤْتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمُ}. وقد يدخـل فـي قوله: {وَلا تُؤْتُوا السفَهاءَ أمْوَالَكُمُ} أموال الـمنهيـين عن أن يؤتوهم ذلك، وأموال السفهاء، لأن قوله: {أمْوَالَكمْ} غير مخصوص منها بعض الأموال دون بعض، ولا تـمنع العرب أن تـخاطب قوما خطابـا، فـيخرّج الكلام بعضه خبر عنهم وبعضه عن غيب، وذلك نـحو أن يقولوا: أكلتـم يا فلان أموالكم بـالبـاطل فـيخاطب الواحد خطاب الـجمع بـمعنى: أنك وأصحابك، أو وقومك أكلتـم أموالكم، فكذلك قوله: {وَلا تُؤتُوا السّفَهاءَ} معناه: لا تؤتوا أيها الناس سفهاءكم أموالكم التـي بعضها لكم وبعضها لهم، فتضيعوها. وإذ كان ذلك كذلك، وكان اللّه تعالـى ذكره قد عمّ بـالنهي عن إيتاء السفهاء الأموال كلها، ولـم يخصص منها شيئا دون شيء، كان بـينا بذلك أن معنى قوله: {الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكمْ قِـياما} إنـما هو التـي جعل اللّه لكم ولهم قـياما، ولكن السفهاء دخـل ذكرهم فـي ذكر الـمخاطبـين بقوله: (لكم). وأما قوله: {الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما} فإن قـياما وقـيـما وقواما فـي معنى واحد، وإنـما القـيام أصله القوام، غير أن القاف التـي قبل الواو لـما كانت مكسورة، جعلت الواو ياء لكسرة ما قبلها، كما يقال: صمت صياما، وحلت حيالاً، ويقال منه: فلان قوّام أهل بـيته، وقـيام أهل بـيته. واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأ بعضهم: {الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـيَـما} بكسر القاف وفتـح الـياء بغير ألف. وقرأه آخرون: {قِـياما} بألف. قال مـحمد: والقراءة التـي نـختارها: {قِـياما} بـالألف، لأنها القراءة الـمعروفة فـي قراءة أمصار الإسلام، وإن كانت الأخرى غير خطأ ولا فـاسد. وإنـما اخترنا ما اخترنا من ذلك، لأن القراءات إذا اختلفت فـي الألفـاظ واتفقت فـي الـمعانـي، فأعجبها إلـينا ما كان أظهر وأشهر فـي قراءة أمصار الإسلام. وبنـحو الذي قلناه فـي تأويـل قوله: {قِـياما} قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٦٩٣٣ـ حدثنا سعيد بن يحيـى الأموي، قال: حدثنا ابن الـمبـارك، عن إسماعيـل بن أبـي خالد، عن أبـي مالك: {أمْوَالَكُمُ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما}: التـي هي قوامك بعد اللّه . ٦٩٣٤ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {أمْوَالَكُمُ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكِمْ قِـياما} فإن الـمال هو قـيام الناس قوام معايشهم، يقول: كنت أنت قـيـم أهلك، فلا تعط امرأتك مالك، فـيكونوا هم الذين يقومون علـيك. ٦٩٣٥ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس ، قوله: {وَلا تُؤتُوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكمْ قِـياما} يقول اللّه سبحانه: لا تعمد إلـى مالك وما خوّلك اللّه وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بنـيك ثم تنظر إلـى ما فـي أيديهم، ولكن أمسك مالك وأصلـحه، وكن أنت الذي تنفق علـيهم فـي كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم قال: وقوله: {قِـياما} بـمعنى: قوامكم فـي معايشكم. ٦٩٣٦ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الـحسن قوله: {قِـياما} قال: قـيام عيشك. ٦٩٣٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا بكر بن شرود، عن ابن مـجاهد أنه قرأ: {الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما} بـالألف، يقول: قـيام عيشك. ٦٩٣٨ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {أمْوَالَكُمُ الّتِـي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِـياما} قال: لا تعط السفـيه من ولدك شيئا هو لك قـيـم من مالك. وأما قوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِـيها واكْسُوهُمْ} فإن أهل التأويـل اختلفوا فـي تأويـله¹ فأما الذين قالوا: إنـما عنى اللّه جل ثناؤه بقوله: {وَلا تُؤتوا السّفَهاءَ أمْوَالَكُمْ} أولـياء السفهاء، لا أموال السفهاء، فإنهم قالوا: معنى ذلك: وارزقوا أيها الناس سفهاءكم من نسائكم وأولادكم من أموالكم طعامهم، وما لا بدّ لهم منه من مؤنهم وكسوتهم. وقد ذكرنا بعض قائلـي ذلك فـيـما مضى، وسنذكر من لـم يذكر من قائلـيه. ٦٩٣٩ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: أمروا أن يرزقوا سفهاءهم من أزواجهم وأمهاتهم وبناتهم من أموالهم. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ٦٩٤٠ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عبـاس ، قوله: {وَارْزُقُوهُمْ} قال: يقول: أنفقوا علـيهم. ٦٩٤١ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {وَارْزُقُوهُمْ فِـيها وَاكْسُوهُمْ} يقول: أطعمهم من مالك واكسهم. وأما الذين قالوا: إنـما عنى بقوله: {وَلا تُؤتُوا السَفهاءَ أمْوالَكُمُ} أموال السفهاء أن لا يؤتـيهموها أولـياؤهم، فإنهم قالوا: معنى قوله: {وَارْزُقُوهُمْ فِـيها وَاكْسُوهُمْ}: وارزقوا أيها الولاة ولاة أموال سفهاءكم من أموالهم، طعامهم وما لا بدّ لهم من مؤنهم وكسوتهم. وقد مضى ذكر ذلك. قال أبو جعفر: وأما الذي نراه صوابـا فـي قوله: {وَلا تُؤتُوا السفَهاءَ أمْوَالَكُمْ} من التأويـل، فقد ذكرناه، ودللنا علـى صحة ما قلنا فـي ذلك بـما أغنى عن إعادته. فتأويـل قوله: {وَارْزقُوهُمْ فِـيها وَاكْسُوهُمْ} علـى التأويـل الذي قلنا فـي قوله: {وَلا تؤتُوا السفَهاءَ أمْوَالَكمُ} وألفوا علـى سفهائكم من أولادكم ونسائكم الذين تـجب علـيكم نفقتهم من طعامهم وكسوتهم فـي أموالكم، ولا تسلطوهم علـى أموالكم فـيهلكوها، وعلـى سفهائكم منهم مـمن لا تـجب علـيكم نفقته، ومن غيرهم الذين تلون أنتـم أمورهم من أموالهم فـيـما لا بدّ لهم من مؤنهم فـي طعامهم وشرابهم وكسوتهم، لأن ذلك هو الواجب من الـحكم فـي قول جميع الـحجة، لا خلاف بـينهم فـي ذلك مع دلالة ظاهر التنزيـل علـى ما قلنا فـي ذلك. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَقُولوا لَهمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا}. قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: عِدْهُمْ عِدَةً جميـلة من البر والصلة. ذكر من قال ذلك: ٦٩٤٢ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {وَقولوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} قال: أمروا أن يقولوا لهم قولاً معروفـا فـي البرّ والصلة. يعنـي النساء، وهن السفهاء عنده. ٦٩٤٣ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: {وَقولوا لَهمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} قال: عِدَةً تعدوهم. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ادعوا لهم. ذكر من قال ذلك: ٦٩٤٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {وَقولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} إن كان لـيس من ولدك، ولا مـمن يجب علـيك أن تنفق علـيه، فقل لهم قولاً معروفـا، قل لهم: عافـانا اللّه وإياك، وبـارك اللّه فـيك. قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال فـي ذلك بـالصحة، ما قاله ابن جريج، وهو أن معنى قوله: {وَقولوا لَهمْ قَوْلاً معْرُوفـا}: أي قولوا يا معشر ولاة السفهاء قولاً معروفـا للسفهاء، إنْ صلـحتـم ورشدتـم سلـمنا إلـيكم أموالكم وخـلـينا بـينكم وبـينها، فـاتقوا اللّه فـي أنفسكم وأموالكم. وما أشبه ذلك من القول الذي فـيه حثّ علـى طاعة اللّه ونهي عن معصيته. |
﴿ ٥ ﴾