٨

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ...}.

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويـل فـي حكم هذه الاَية، هل هو مـحكم، أو منسوخ؟

فقال بعضهم: هو مـحكم. ذكر من قال ذلك:

٧٠١٠ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن الشيبـانـي، عن عكرمة، عن ابن عبـاس ، قال مـحكمة، ولـيست منسوخة، يعنـي قوله: {وإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى}.. الاَية.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي، عن سفـيان، عن الشيبـانـي، عن عكرمة عن ابن عبـاس ، مثله.

٧٠١١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن مغيرة، عن إبراهيـم والشعبـي قالا: هي مـحكمة.

٧٠١٢ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: واجب، ما طابت به أنفس أهل الـميراث.

وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي، عن سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتامَى والـمَساكِينُ} قال: هي واجبة علـى أهل الـميراث ما طابت به أنفسهم.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي، عن سفـيان، عن مغيرة، عن إبراهيـم والشعبـي، قالا: هي مـحكمة لـيست بـمنسوخة.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيـى بن عبد الرحمن، عن سفـيان، وثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: هي واجبة علـى أهل الـميراث ما طابت به أنفسهم.

٧٠١٣ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبـير، أنه سئل عن قوله: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى والـيَتامَى وَالَـمساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} فقال سعيد: هذه الاَية يتهاون بها الناس

قال: وهما ولـيان: أحدهما يرث والاَخر لا يرث، والذي يرث هو الذي أمر أن يرزقهم، قال: يعطيهم¹قال: والذي لا يرث هو الذي أمر أن يقول لهم قولاً معروفـا. وهي مـحكمة ولـيست بـمنسوخة.

٧٠١٤ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيـم بنـحو ذلك، وقال: هي مـحكمة ولـيس بـمنسوخة.

٧٠١٥ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن مطرف، عن الـحسن، قال: هي ثابتة، ولكن الناس بخـلوا وشحّوا.

٧٠١٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا منصور والـحسن، قالا: هي مـحكمة ولـيست بـمنسوخة.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا عبـاد بن العوّام، عن الـحجاج، عن الـحكم، عن مقسم، عن ابن عبـاس ، قال: هي قائمة يعمل بها.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {وإذا حَضَرَ الِقْسمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتَامَى والـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ما طابت به الأنفس حقا واجبـا.

٧٠١٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا أبو سفـيان، عن معمر، عن الـحسن والزهري، قالا فـي قوله: {وإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى والـيَتامى والـمَساكينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنهُ} قال: هي مـحكمة.

٧٠١٨ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا منصور، عن قتادة، عن يحيـى بن يعمر، قال: ثلاث آيات مـحكمات مدنـيات تركهن الناس: هذه الاَية: وآية الاستئذان: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِـيَسْتَأْذِنْكُمْ الّذِينَ مَلَكَتْ أيـمَانُكُمْ}، وهذه الاَية: {يا أيّها النّاسُ إنّا خَـلَقْناكُمْ مِنْ ذكَرٍ وأُنْثَى}.

حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان الـحسن

يقول: هي ثابتة.

وقال آخرون: منسوخة. ذكر من قال ذلك:

٧٠١٩ـ حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى، قالا: حدثنا ابن أبـي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد أنه قال فـي هذه الاَية: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتَامَى وَالـمَساكِينُ} قال: كانت هذه الاَية قسمة قبل الـمواريث، فلـما أنزل اللّه الـمواريث لأهلها جعلت الوصية لذوي القرابة الذين يحزنون ولا يرثون.

٧٠٢٠ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا قرة بن خالد، عن قتادة، قال: سألت سعيد بن الـمسيب، عن هذه الاَية: {وإذَ احَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القرْبَى والـيَتَامَى والـمَساكِينُ} قال: هي منسوخة.

حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن الـمسيب، قال: كانت هذه قبل الفرائض وقسمة الـميراث، فلـما كانت الفرائض والـمواريث نسخت.

٧٠٢١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن السديّ، عن أبـي مالك، قال: نسختها آية الـميراث.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي، عن سفـيان، عن السديّ، عن أبـي مالك، مثله.

٧٠٢٢ـ حدثنا مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: حدثنا أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : {وإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولوا القُرْبَى والـيَتامى}.. الاَية، إلـى قوله: {قَوْلاً مَعْرُوفـا}، وذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل اللّه تبـارك وتعالـى بعد ذلك الفرائض، فأعطى كلّ ذي حقّ حقه، فجعلت الصدقة فـيـما سمّى الـمتوفَـى.

٧٠٢٣ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك ، قال: نسختها الـمواريث.

وقال آخرون: هي مـحكمة ولـيست بـمنسوخة، غير أن معنى ذلك: وإذا حضر القسمة، يعنـي بها: قسمة الـميت ماله بوصيته لـمن كان يوصي له به.

قالوا: وأمر بأن يجعل وصيته فـي ماله لـمن سماه اللّه تعالـى فـي هذه الاَية. ذكر من قال ذلك:

٧٠٢٤ـ حدثنا سعيد بن يحيـى الأموي، قال: حدثنا ابن الـمبـارك، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، عن القاسم بن مـحمد: أن عبد اللّه بن عبد الرحمن قسم ميراث أبـيه وعائشة حية، فلـم يدع فـي الدار أحدا إلا أعطاه. وتلا هذه الاَية: {وإذا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولوا القُرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} قال القاسم: فذكرت ذلك لابن عبـاس ،

فقال: ما أصاب إنـما هذه الوصية. يريد الـميت، أن يوصي لقرابته.

حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرنـي ابن أبـي ملـيكة، أن القاسم بن مـحمد أخبره أن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبـي بكر قسم، فذكر نـحوه.

٧٠٢٥ـ حدثنا عمران بن موسى الصفـار، قال: حدثنا عبد الوار ث بن سعيد، قال: حدثنا داود، عن سعيد بن الـمسيب فـي قوله: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ} قال: أمر أن يوصي بثلثه فـي قرابته.

حدثنا ابن الـمبـارك، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا داود، عن سعيد بن الـمسيب، قال: إنـما ذلك عند الوصية فـي ثلثه.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن سعيد بن الـمسيب: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولوا القرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} قال: هي الوصية من الناس.

٧٠٢٦ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد فـي قوله: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ} قال: القسمة: الوصية، كان الرجل إذا أوصى

قالوا: فلان يقسم ماله،

فقال: ارزقوهم منه،

يقول: أوصوا لهم، يقول للذي يوصي: {وَقُولُوا لَهُمْ قَولاً مَعْرُوفـا} فإن لـم توصوا لهم، فقولوا لهم خيرا.

قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصحة قول من قال: هذه الاَية مـحكمة غير منسوخة، وإنـما عنى بها: الوصية لأولـي قربى الـموصي، وعنى بـالـيتامى والـمساكين أن يقال لهم قول معروف.

وإنـما قلنا ذلك أولـى بـالصحة من غيره لـما قد بـينا فـي غير موضع من كتابنا هذا وغيره، أن شيئا من أحكام اللّه تبـارك وتعالـى التـي أثبتها فـي كتابه أو بـينها علـى لسان رسوله صلى اللّه عليه وسلم غير جائز فـيه أن يقال له ناسخ لـحكم آخر، أو منسوخ بحكم آخر، إلا والـحكمان اللذان قضى لأحدهما بأنه ناسخ، والاَخر بأنه منسوخ ناف كل واحد منهما صاحبه، غير جائز اجتـماع الـحكم بهما فـي وقت واحد بوجه من الوجوه، وإن كان جائزا صرفه إلـى غير النسخ، أو يقوم بأن أحدهما ناسخ والاَخر منسوخ، حجة يجب التسلـيـم لها. وإذ كان ذلك كذلك لـما قد دللنا فـي غير موضع، وكان قوله تعالـى ذكره: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولوا القُرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} مـحتـملاً أن يكون مرادا به: وإذا حضر قسمة مال قاسم ماله بوصية، أولو قرابته والـيتامى والـمساكين، فـارزقوهم منه، يراد: فأوصوا لأولـي قرابتكم الذين لا يرثونكم منه، وقولوا للـيتامى والـمساكين قولاً معروفـا، كما قال فـي موضع آخر: {كُتِبَ عَلَـيْكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ الـمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِـين بـالـمَعْرُوفِ حَقّا علـى الـمُتّقِـينَ} ولا يكون منسوخا بآية الـميراث لـم يكن لأحد صرفه إلـى أنه منسوخ بآية الـميراث، إذ كان لا دلالة علـى أنه منسوخ بها من كتاب أو سنة ثابتة، وهو مـحتـمل من التأويـل ما بـينا. وإذ كان ذلك كذلك، فتأويـل قوله: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ} قسمة الـموصي ماله بـالوصية أولو قرابته والـيتامى والـمساكين، فـارزقوهم منه،

يقول: فـاقسموا لهم منه بـالوصية، يعنـي: فأوصوا لأولـي القربى من أموالكم، وقولوا لهم، يعنـي الاَخرين وهم الـيتامى والـمساكين، قولاً معروفـا، يعنـي: يدعى لهم بخير، كما قال ابن عبـاس وسائر من ذكرنا قوله قبلوأما الذين

قالوا: إن الاَية منسوخة بآية الـمواريث، والذين

قالوا: هي مـحكمة والـمأمور بها ورثة الـميت، فإنهم وجهوا قوله: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}

يقول: فأعطوهم منه، وقولوا لهم قولاً معروفـا. وقد ذكرنا بعض من قال ذلك، وسنذكر بقـية من قال ذلك مـمن لـم نذكره.

٧٠٢٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتَامَى وَالـمَساكِينُ} أمر اللّه جل ثناؤه الـمؤمنـين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم ويتاماهم من الوصية إن كان أوصى، وإن لـم تكن وصية وصل إلـيهم من مواريثهم.

٧٠٢٨ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى}.. الاَية، يعنـي: عند قسمة الـميراث.

٧٠٢٩ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة: أن أبـاه أعطاه من ميراث الـمصعب حين قسم ماله.

٧٠٣٠ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا عوف، عن ابن سيرين، قال: كانوا يرضخون لهم عند القسمة.

٧٠٣١ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن مطر، عن الـحسن، عن حطان: أن أبـا موسى أمر أن يعطوا إذا حضر قسمة الـميراث أولو القربى والـيتامى والـمساكين والـجيران من الفقراء.

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا يحيـى بن سعيد، وابن أبـي عديّ ومـحمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبـير، عن حطان بن عبد اللّه الرقاشي، قال: قسم أبو موسى بهذه الاَية: {وإذا حَضَرَ القِسْمَة أُولُوا القُرْبى وَالـيَتامَى وَالـمَساكينُ}.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد ويحيـى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبـير، عن حطان، عن أبـي موسى فـي هذه الاَية: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ}.. الاَية، قال: قضى بها أبو موسى.

٧٠٣٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن العلاء بن بدر فـي الـميراث إذا قسم، قال: كانوا يعطون منه التابوت، والشيء الذي يستـحيا من قسمته.

٧٠٣٣ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا داود، عن الـحسن وسعيد بن جبـير، كانا يقولان: ذاك عند قسمة الـميراث.

٧٠٣٤ـ حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن عاصم، عن أبـي العالـية والـحسن، قالا: يرضخون ويقولون قولاً معروفـا فـي هذه الاَية: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ}.

ثم اختلف الذين

قالوا: هذه الاَية مـحكمة، وإن القسمة لأولـي القربى والـيتامى والـمساكين واجبة علـى أهل الـميراث إن كان بعض أهل الـميراث صغيرا فقسم علـيه الـميراث ولـيّ ماله.

فقال بعضهم: لـيس لولـيّ ماله أن يقسم من ماله ووصيته شيئا، لأنه لا يـملك من الـمال شيئا، ولكنه يقول لهم قولاً معروفـا.

قالوا: والذي أمره اللّه بأن يقول لهم معروفـا هو ولـيّ مال الـيتـيـم إذا قسم مال الـيتـيـم بـينه وبـين شركاء الـيتـيـم، إلا أن يكون ولـيّ ماله أحد الورثة، فـيعطيهم من نصيبه ويعطيهم من يجوز أمره فـي ماله من أنصبـائهم.

قالوا: فأما من مال الصغير الذي يولـي علـى ماله لا يجوز لولـيّ أن يعطيهم منه شيئا. ذكر من قال ذلك:

٧٠٣٥ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن السديّ، عن أبـي سعيد، قال: سألت سعيد بن جبـير عن هذه الاَية: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتَامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} قال: إن كان الـميت أوصى لهم بشيء أنفذت لهم وصيتهم، وإن كان الورثة كبـارا رضخوا لهم، وإن كانوا صغارا قال ولـيهم إنـي لست أملك هذا الـمال ولـيس لـي وإنـما هو للصغار، فذلك قوله: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا}.

٧٠٣٦ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير فـي هذه الاَية: {وإذَا حَضَرَ القِسْمَة أُولُوا القرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وقُولوا لَهُمْ قوْلاً مَعْروفـا} قال: هما ولـيان: ولـيّ يرث، وولـيّ لا يرث، فأما الذي يرث فـيعطى، وأما الذي لا يرث، فقولوا له قولاً معروفـا.

٧٠٣٧ـ حدثنـي ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا ابن داود، عن الـحسن وسعيد بن جبـير، كانا يقولان: ذلك عند قسمة الـميراث، إن كان الـميراث لـمن قد أدرك، فله أن يكسو منه، وأن يطعم الفقراء والـمساكين، وإن كان الـميراث لـيتامى صغار، فـيقول الولـيّ: إنه لـيتامى صغار، ويقول لهم قولاً معروفـا.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا ابن يـمان، عن سفـيان، عن السديّ، عن أبـي سعيد، عن سعيد بن جبـير قال: إن كانوا كبـارا رضخوا، وإن كانوا صغارا اعتذروا إلـيهم.

٧٠٣٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن سلـيـمان الشيبـانـي، عن عكرمة: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى} قال: كان ابن عبـاس

يقول: إذا ولـي شيئا من ذلك يرضخ لأقربـاء الـميت، وإن لـم يفعل اعتذر إلـيهم وقال لهم قولاً معروفـا.

٧٠٣٩ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} هذه تكون علـى ثلاثة أوجه: أما الأول: فـيوصي لهم وصية فـيحضرون ويأخذون وصيتهموأما الثانـي: فإنهم يحضرون فـيقتسمون إذا كانوا رجالاً فـينبغي لهم أن يعطوهموأما الثالث: فتكون الورثة صغارا، فـيقوم ولـيهم إذا قسم بـينهم، فـيقول للذين حضروا: حقكم حقّ وقرابتكم قرابة ولو كان لـي فـي الـميراث نصيب لأعطيتكم، ولكنهم صغار، فإن يكبروا فسيعرفون حقكم. فهذا القول الـمعروف.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن رجل، عن سعيد أنه قال: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولوا القرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقوهمْ مِنهُ وَقولوا لَهمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} قال: إذا كان الوارث عند القسمة، فكان الإناء والشيء الذي لا يستطاع أن يقسم فلـيرضخ لهم، وإن كان الـميراث للـيتامى، فلـيقل لهم قولاً معروفـا.

وقال آخرون منهم: ذلك واجب فـي أموال الصغار والكبـار لأولـي القربى والـيتامى والـمساكين، فإن كان الورثة كبـارا، تولوا عند القسمة إعطاءهم ذلك، وإن كانوا صغارا تولـى إعطاء ذلك منهم ولـيّ مالهم. ذكر من قال ذلك:

٧٠٤٠ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن يونس فـي قوله: {وإذا حَضَر القِسْمَة أُولوا القرْبَى والـيَتامى والـمَساكِين فـارْزُقوهمْ مِنْهُ} فحدّث عن مـحمد، عن عبـيدة: أنه ولـي وصية، فأمر بشاة فذبحت، وصنع طعاما لأجل هذه الاَية، وقال: لولا هذه الاَية لكان هذا من مالـي

قال: وقال الـحسن: لـم تنسخ، كانوا يحضرون فـيعطون الشيء والثوب الـخـلق. قال يونس: إن مـحمد بن سيرين ولـي وصية ـ أو قال أيتاما ـ فأمر بشاة فذبحت، فصنع طعاما، كما صنع عبـيدة.

٧٠٤١ـ حدثنا مـجاهد بن موسى، قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا هشام بن حسان، عن مـحمد: أن عبـيدة قسم ميراث أيتام، فأمر بشاة فـاشتريت من مالهم، وبطعام فصنع، وقال: لولا هذه الاَية لأحببت أن يكون من مالـي. ثم قرأ هذه الاَية: {وَإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُرْبَى وَالـيَتامَى وَالـمَساكِينُ فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}.. الاَية.

فكأن من ذهب من القائلـين القول الذي ذكرناه عن ابن عبـاس وسعيد بن جبـير، ومن قال: يرضخ عند قسمة الـميراث لأولـي القربى والـيتامى والـمساكين تأوّل قوله: {فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}: فأعطوهم منه. وكأن الذين ذهبوا إلـى ما قال عبـيدة وابن سيرين، تأوّلوا قوله: {فـارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}: فأطعموهم منه.

واختلفوا فـي تأويـل قوله: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا}

فقال بعضهم: هو أمر من اللّه تعالـى ذكره ولاة الـيتامى أن يقولوا لأولـي قرابتهم وللـيتامى والـمساكين إذا حضروا قسمتهم مال من ولوا علـيه ماله من الأموال بـينهم وبـين شركائهم من الورثة فـيها أن يعتذروا إلـيهم علـى نـحو ما قد ذكرناه فـيـما مضى من الاعتذار. كما:

٧٠٤٢ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: حدثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبـير: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفـا} قال: هو الذي لا يرث أمر أن يقول لهم قولاً معروفـا

قال:

يقول: إن هذا الـمال لقوم غيب، أو لـيتامى صغار ولكن فـيه حقّ، ولسنا نـملك أن نعطيكم منه شيئا

قال: فهذا القول الـمعروف.

وقال آخرون: بل الـمأمور بـالقول الـمعروف الذي أمر جل ثناؤه أن يقال له هو الرجل الذي يوصي فـي ماله، والقول الـمعروف هو الدعاء لهم بـالرزق والغنى وما أشبه ذلك من قول الـخير. وقد ذكرنا قائلـي ذلك أيضا فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته.

﴿ ٨