١٣القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه ...}. قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه }، فقال بعضهم: يعنـي به: تلك شروط اللّه . ذكر من قال ذلك: ٧٠٩٩ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه } يقول: شروط اللّه . وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك طاعة اللّه . ذكر من قال ذلك: ٧١٠٠ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: حدثنا معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس ، قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه } يعنـي: طاعة اللّه ، يعنـي: الـمواريث التـي سمّى اللّه . وقال آخرون: معنى ذلك: تلك سنة اللّه وأمره. وقال آخرون: بل معنى ذلك: تلك فرائض اللّه . قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب ما نـحن مبـيّنوه، وهو أن حدّ كلّ شيء ما فصل بـينه وبـين غيره، ولذلك قـيـل لـحدود الدار وحدود الأرضين: حدود، لفصولها بـين ما حدّ بها وبـين غيره، فكذلك قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه } معناه: هذه القسمة التـي قسمها لكم ربكم، والفرائض التـي فرضها لأحيائكم من موتاكم فـي هذه الاَية علـى ما فرض وبـين فـي هاتـين الاَيتـين حدود اللّه ، يعنـي: فصول ما بـين طاعة اللّه ومعصيته فـي قسمكم مواريث موتاكم، كما قال ابن عبـاس . وإنـما ترك طاعة اللّه ، والـمعنـيّ بذلك حدود طاعة اللّه اكتفـاء بـمعرفة الـمخاطبـين بذلك بـمعنى الكلام من ذكرها. والدلـيـل علـى صحة ما قلنا فـي ذلك قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللّه وَرَسُولَهُ}.. والاَية التـي بعدها: {وَمَنْ يَعْصِ اللّه وَرَسُولَهُ}. فتأويـل الاَية إذا: هذه القسمة التـي قسم بـينكم أيها الناس علـيها ربكم مواريث موتاكم، فصول فصل بها لكم بـين طاعته ومعصيته، وحددو لكم تنتهون إلـيها فلا تتعدّوها، وفصل منكم أهل طاعته من أهل معصيته فـيـما أمركم به من قسمة مواريث موتاكم بـينكم، وفـيـما نهاكم عنه منها. ثم أخبر جل ثناؤه عما أعدّ لكلّ فريق منهم، فقال لفريق أهل طاعته فـي ذلك: {وَمَنْ يُطِعِ اللّه وَرَسُولَهُ} فـي العمل بـما أمره به والانتهاء إلـى ما حدّه له فـي قسمة الـمواريث وغيرها، ويجتنب ما نهاه عنه فـي ذلك وغيره¹ {يُدْخِـلْهُ جَنّاتٍ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِها الأنهارُ}، فقوله: {يُدْخِـلْهُ جَنّاتٍ} يعنـي: بساتـين تـجري من تـحت غروسها وأشجارها الأنهار. {خالِدِينَ فِـيها} يقول: بـاقـين فـيها أبدا، لا يـموتون فـيها، ولا يفنون، ولا يخرجون منها. {وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيـمُ} يقول: وإدخال اللّه إياهم الـجنان التـي وصفها علـى ما وصف من ذلك الفوز العظيـم يعنـي: الفَلَـح العظيـم. وبنـحو ما قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٧١٠١ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه وَمَنْ يُطِعِ اللّه وَرَسُولَهُ يُدْخِـلْهُ}.. الاَية، قال: فـي شأن الـمواريث التـي ذكر قبل. ٧١٠٢ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللّه } التـي حدّ لـخـلقه وفرائضه بـينهم من الـميراث والقسمة، فـانتهوا إلـيها ولا تعدوها إلـى غيرها. |
﴿ ١٣ ﴾