١٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نّسَآئِكُمْ ... }. يعنـي بقوله جلّ ثناؤه: {وَاللاّتِـي يَأْتِـينَ الفـاحِشَةَ} والنساء اللاتـي يأتـين بـالزنا: أي بزنـين. {مِنْ نِسائِكُمْ} وهن مـحصنات ذوات أزواج، أو غير ذوات أزواج. {فـاسْتَشْهِدُوا عَلَـيْهِنّ أرْبَعَةً مِنْكُمْ} يقول: فـاستشهدوا علـيهنّ بـما أتـين من الفـاحشة أربعة رجال من رجالكم، يعنـي: من الـمسلـمين. {فإنْ شَهِدُوا} علـيهن، {فَأمْسِكُوهُنّ فِـي البُـيُوتِ} يقول: فـاحبسوهنّ فـي البـيوت، {حتـى يَتَوَفّـاهُنّ الـمَوْتُ} يقول: حتـى يـمتن، {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} يعنـي: أو يجعل اللّه لهنّ مخرجا وطريقا إلـى النـجاة مـما أتـين به من الفـاحشة. وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٧١٠٤ـ حدثنا أبو هشام الرفـاعي مـحمد بن يزيد، قال: حدثنا يحيـى بن أبـي زائدة، عن ابن جريج، عن مـجاهد: {وَاللاّتِـي يَأْتِـينَ الفـاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فـاسْتَشْهِدُوا عَلَـيْهِنّ أرْبَعَةً مِنْكُمْ فإنْ شَهِدُوا فَأمْسِكُوهُنّ فِـي البُـيُوتِ} أمر بحبسهن فـي البـيوت حتـى يـمتن {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} قال: الـحدّ. ٧١٠٥ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {وَاللاّتِـي يَأْتِـينَ الفـاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ} قال: الزنا، كان أمر بحبسهنّ حين يشهد علـيهن أربعة حتـى يـمتن¹ {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} والسبـيـل: الـحدّ. ٧١٠٦ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة عن ابن عبـاس ، قوله: {وَاللاّتِـي يَأْتِـينَ الفـاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ} إلـى: {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} فكانت الـمرأة إذا زنت حبست فـي البـيت حتـى تـموت، ثم أنزل اللّه تبـارك وتعالـى بعد ذلك: {الزّانِـيَةُ وَالزّانِـي فـاجْلِدُوا كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ} فإن كانا مـحصنـين رُجما، فهذه سبـيـلهما الذي جعل اللّه لهما. ٧١٠٧ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} فقد جعل اللّه لهنّ، وهو الـجلد والرجم. ٧١٠٨ـ حدثنـي بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَاللاّتِـي يَأْتِـينَ الفـاحِشَةَ} حتـى بلغ: {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} كان هذا من قبل الـحدود، فكانا يؤذيان بـالقول جميعا، وبحبس الـمرأة. ثم جعل اللّه لهنّ سبـيلاً، فكان سبـيـل من أحصن جلد مائة ثم رمي بـالـحجارة، وسبـيـل من لـم يحصن جلد مائة ونفـي سنة. ٧١٠٩ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عطاء بن أبـي ربـاح وعبد اللّه بن كثـير: الفـاحشة: الزنا، والسبـيـل: الرجم والـجلد. ٧١١٠ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {وَاللاّتِـي يَأْتِـينَ الفـاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فـاسْتَشْهِدُوا عَلَـيْهِنّ أرْبَعَةً مِنْكُمْ} إلـى: {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} هؤلاء اللاتـي قد نكحن وأحصن، إذا زنت الـمرأة فإنها كانت تـحبس فـي البـيت ويأخذ زوجها مهرها فهو له، فذلك قوله: {وَلا يَحِلّ لَكُمْ أنْ تَأْخُذوا مِـمّا آتَـيْتُـمُوهُنّ شَيْئا إلاّ أنْ يَأْتِـينَ بفـاحِشةٍ مُبَـيّنَةٍ} {وَعاشِرُوهُنّ بـالـمَعْرُوفِ} حتـى جاءت الـحدود فنسختها، فجلدت ورجمت، وكان مهرهَا ميراثا، فكان السبـيـل هو الـجلد. ٧١١١ـ حُدثت، عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـمان، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول فـي قوله: {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} قال: الـحد، نسخ الـحد هذه الاَية. ٧١١٢ـ حدثنا أبو هشام الرفـاعي، قال: حدثنا يحيـى، عن إسرائيـل، عن خصيف، عن مـجاهد: {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} قال: جلد مائة، الفـاعل والفـاعلة. حدثنا الرفـاعي، قال: حدثنا يحيـى، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: الـجلد. ٧١١٣ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثنا أبـي، عن قتادة، عن الـحسن، عن حطان بن عبد اللّه الرقاشي، عن عبـادة بن الصامت: أن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم كان إذا نزل علـيه الوحي نكس رأسه، ونكس أصحابه رءوسهم¹ فلـما سُرّيَ عنه رفع رأسه، فقال: (قَدْ جَعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً، الثّـيّبُ بـالثّـيّبِ، والبِكْرُ بـالبِكْرِ¹ أما الثّـيّبُ فتُـجْلَدُ ثم تُرْجَمُ¹ وأما البِكْرُ فتُـجْلَدُ ثم تُنْفَـى). حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن حطان بن عبد اللّه ، عن عبـادة بن الصامت، قال: قال نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (خُذُوا عَنّـي قَدْ جَعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً¹ الثّـيّبُ بـالثّـيّبِ تُـجْلَدُ مِائَةً وَتُرْجَمُ بـالـحِجارَةِ، وَالبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْـيُ سَنَةٍ). ٧١١٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الـحسن، عن حطان بن عبد اللّه أخي بنـي رقاش، عن عبـادة بن الصامت: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا نزل علـيه الوحي كرب لذلك وتربّد له وجهه، فأنزل اللّه علـيه ذات يوم، فلقـي ذلك فلـما سُري عنه قال: (خُذُوا عَنّـي قَد جَعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً¹ الثّـيّبُ بـالثّـيّبِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمّ رَجْمٌ بـالـحِجارَةِ، وَالبِكْرُ بـالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمّ نَفْـيُ سَنَةٍ). ٧١١٥ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال: ابن زيد فـي قوله: {وَاللاّتِـي يَأْتِـينَ الفـاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ، فـاسْتَشْهِدُوا عَلَـيْهِنّ أرْبَعَةً مِنْكُمْ فإنْ شَهِدُوا فَأمْسِكُوهُنّ فِـي البُـيُوتِ حتـى يَتَوَفّـاهُنّ الـمَوْتُ أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} قال: يقول: لا تنكحوهنّ حتـى يتوفـاهنّ الـموت، ولـم يخرجهن من الإسلام. ثم نسخ هذا، وجعل السبـيـل التـي ذكر أن يجعل لهن سبـيلاً، قال: فجعل لها السبـيـل إذا زنت وهي مـحصنة رجمت وأخرجت، وجعل السبـيـل للبكر جلد مائة. ٧١١٦ـ حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك فـي قوله: {حتـى يَتَوَفّـاهُنّ الـمَوْتُ أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} قال: الـجلد والرجم. حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن أبـي جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن الـحسن، عن حطان بن عبد اللّه الرقاشي، عن عبـادة بن الصامت، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (خُذُوا عَنّـي قَدْ جَعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً: الثّـيّبِ بـالثّـيّبِ وَالبِكْرُ بـالبِكْرِ، الثّـيّبُ تُـجْلَدُ وَتُرْجَمُ والبِكرُ تُـجْلَدُ وَتُنْفَـى). حدثنـي يحيـى بن إبراهيـم الـمسعودي، قال: حدثنا أبـي، عن أبـيه، عن جده، عن الأعمش، عن إسماعيـل بن مسلـم البصري، عن الـحسن، عن عبـادة بن الصامت، قال: كنا جلوسا عند النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم إذ احمّر وجهه، وكان يفعل ذلك إذا نزل علـيه الوحي، فأخذه كهيئة الغَشْي لـما يجد من ثِقل ذلك، فلـما أفـاق قال: (خُذُوا عَنّـي قَدْ جَعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً، والبِكْرَانِ يُجْلَدَانِ ويُنْفَـيانِ سَنَةً، والثّـيّبـانِ يُجْلَدَانِ وَيُرْجَمانِ). قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال بـالصحة فـي تأويـل قوله: {أوْ يَجْعَلَ اللّه لَهُنّ سَبِـيلاً} قول من قال السبـيـل التـي جعلها اللّه جل ثناؤه للثـيبـين الـمـحصنـين الرجم بـالـحجارة، وللبكرين جلد مائة، ونفـي سنة لصحة الـخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه رجم ولـم يجلد¹ وإجماع الـحجة التـي لا يجوز علـيها فـيـما نقلته مـجمعة علـيه الـخطأ والسهو والكذب¹ وصحة الـخبر عنه، أنه قضى فـي البكرين بجلد مائة، ونفـي سنة، فكان فـي الذي صحّ عنه من تركه، جلد من رجم من الزناة فـي عصره دلـيـل واضح علـى وهي الـخبر الذي روي عن الـحسن عن حطان عن عبـادة عن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: السبـيـل للثـيب الـمـحصن: الـجلد والرجم. وقد ذكر أن هذه الاَية فـي قراءة عبد اللّه : واللاتـي يأتـين بـالفـاحشة من نسائكم، والعرب تقول: أتـيت أمرا عظيـما، وبأمر عظيـم، وتكلـمت بكلام قبـيح، وكلاما قبـيحا. |
﴿ ١٥ ﴾