٣١القول في تأويل قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ...}. اختلف أهل التأويل في معنى الكبائر التي وعد اللّه جل ثناؤه عباده باجتنابها تكفير سائر سيئاتهم عنهم، فقال بعضهم: الكبائر التي قال اللّه تبارك وتعالى: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئاتِكُمْ} هي ما تقدم اللّه إلى عباده بالنهي عنه من أوّل سورة النساء إلى رأس الثلاثين منها. ذكر من قال ذلك: ٧٣٩٨ـ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد اللّه ، قال: الكبائر من أوّل سورة النساء إلى ثلاثين منها. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عبد اللّه بمثله. حدثني المثنى، قال: حجاج، قال: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، مثله. حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: ثنى علقمة، عن عبد اللّه ، قال: الكبائر من أوّل سورة النساء، إلى قوله: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ}. حدثنا الرفاعي، قال: حدثنا أبو معاوية وأبو خالد، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: الكبائر من أوّل سورة النساء، إلى قوله: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَونْ عَنْهُ}. حدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: سئل عبد اللّه عن الكبائر، قال: ما بين فاتحة سورة النساء إلى رأس الثلاثين. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، قال: الكبائر: ما بين فاتحة سورة النساء إلى ثلاثين آية منها: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ}. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد اللّه ، أنه قال: الكبائر من أوّل سورة النساء إلى الثلاثين منها: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ}. ٧٣٩٩ـ حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن إبراهيم، قال: كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة، سورة النساء، إلى هذا الموضع: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ}. حدثني المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا شعبة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، عن ابن مسعود، قال: الكبائر من أوّل سورة النساء إلى ثلاثين آية منها. ثم تلا: {إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيما}. حدثني المثنى، قال: حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا مسعر، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، قال: قال عبد اللّه : الكبائر: ما بين أوّل سورة النساء إلى رأس الثلاثين. وقال آخرون: الكبائر سبع. ذكر من قال ذلك: ٧٤٠٠ـ حدثني تميم بن المنتصر، قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، قال: إني لفي هذا المسجد مسجد الكوفة، وعليّ رضي اللّه عنه يخطب الناس على المنبر، فقال: يا أيها الناس إن الكبائر سبع! فأصاخ الناس، فأعادها ثلاث مرات، ثم قال: ألا تسألوني عنها؟ قالوا¹ يا أمير المؤمنين ما هي؟ قال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرّم اللّه ، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والفرار يوم الزحف، والتعرّب بعد الهجرة. فقلت لأبي: يا أبت التعرب بعد الهجرة، كيف لحق ههنا؟ فقال: يا نبيّ، وما أعظم من أن يهاجر الرجل، حتى إذا وقع سهمه في الفيء ووجب عليه الجهاد، خلع ذلك من عنقه فرجع أعرابيا كما كان. ٧٤٠١ـ حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم، عن ابن إسحاق، عن عبيد بن عمير، قال: الكبائر سبع ليس منهنّ كبيرة إلا وفيها آية من كتاب اللّه ، الإشراك باللّه منهنّ: {وَمَنْ يُشركْ باللّه فكأنّمَا خَرّ مِنَ السّماءِ} و{الّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْما إنّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارا} وَ{الّذِينَ يأْكُلُونَ الرّبا لا يَقُومُونَ إلاّ كمَا يَقُومُ الّذِي يَتَخَبّطُهُ الشّيْطانُ مِنَ المَسّ} و{الّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ الغَافِلاَتِ المُؤْمِناتِ}، والفرار من الزحف: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا إذَا لَقِيُتمُ الّذِينَ كَفَرُوا زَحْفا فَلا تُوَلّوهُمُ الأدْبارَ}، والتعرّب بعد الهجرة: {إنّ الّذِينَ ارْتَدّوا على أدْبِارِهمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيّنَ لَهُمُ الهُدَى}، وقتل النفس. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن ابن إسحاق، عن عبيد بن عمير الليثي، قال: الكبائر سبع: الإشراك بالله: {وَمَنْ يُشْرِكْ باللّه فَكأنّمَا خَرّ مِنَ السّمَاءِ فتَخْطَفُهُ الطّيْرُ أوْ تَهْوِى بِهِ الرّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ}، وقتل النفس: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ}.. الاَية، وأكل الربا: {الّذِينَ يَأْكُلُونَ الرّبا لا يَقُومُونَ إلاّ كمَا يَقُومُ الّذِي يَتَخَبّطُهُ الشّيْطانُ مِنَ المَسّ}.. الاَية، وأكل أموال اليتامى: {إنّ الّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوَالَ اليَتامَى ظُلْما}.. الاَية، وقذف المحصنة: {إنّ الّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ الغَافِلاَتِ المؤمنات}.. الاَية، والفرار من الزحف: {ومَنْ يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلاّ مُتَحَرّفا لِقِتَالٍ أوْ مُتَحَيّزا إلى فِئَةٍ} ... الاَية. والمرتد أعرابيا بعد هجرته: {إنّ الّذِينَ ارْتَدّوا على أدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيّنَ لَهُمُ الهُدَى} الاَية. ٧٤٠٢ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، قال: سألت عبيدة عن الكبائر، فقال: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حَرّمَ اللّه بغير حقها، وفرار يوم الزحف، وأكل مال اليتيم بغير حقه، وأكل الربا، والبهتان قال: ويقولون أعرابية بعد هجرة. قال ابن عون: فقلت لمحمد فالسحر؟ قال: إن البهتان يجمع شرّا كثيرا. ٧٤٠٣ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا منصور وهشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة أنه قال: الكبائر: الإشراك، وقتل النفس الحرام، وأكل الربا، وقذف المحصنة، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف، والمرتدّ أعرابيا بعد هجرته. حدثني يعقوب، قال حدثنا هشيم، ققال: حدثنا هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة، بنحو. وعلة من قال هذه المقالة ما: ٧٤٠٤ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: أخبرني الليث، قال: ثنى خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نعيم المجمر، قال: أخبرني صهيب مولى العتواري أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد الخدري يقولان: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوما، فقال: (وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؟) ثَلاثَ مَرّاتٍ، ثم أكبّ، فأكبّ كل رجل منا يبكي لا يدري على ماذا حلف. ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر، فكان أحبّ إلينا من حمر النعم، فقال: (ما مِنْ عَبْدٍ يُصَلّى الصّلَوَاتِ الخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، ويُخْرِجُ الزّكاةَ، وَيجْتَنِبُ الكَبائِرَ السّبْعَ، إلاّ فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ الجَنّةِ، ثُمّ قِيلَ: ادْخُلْ بِسَلام). |
﴿ ٣١ ﴾