٣٢٧٤٠٥ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن شيخ من أهل مكة، قوله: {وَلا تَتَمَنّوْا مَا فَضّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضِ} قال: كان النساء يقلن: ليتنا رجال فنجاهد كما يجاهد الرجال، ونغزو في سبيل اللّه ! فقال اللّه : {وَلا تَتَمَنّوْا ما فَضّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْض}. ٧٤٠٦ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال: تتمنى مال فلان ومال فلان، وما يدريك لعلّ هلاكه في ذلك المال. ٧٤٠٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة ومجاهد أنهما قالا: نزلت في أمّ سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة. ٧٤٠٨ـ وبه قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: هو الإنسان يقول: وددت أن لي مال فلان! قال: واسألوا اللّه من فضله، وقول النساء: ليتنا رجال فنغزو، ونبلغ ما يبلغ الرجال. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يتمنّ بعضكم ما خصّ اللّه بعضا من منازل الفضل. ذكر من قال ذلك: ٧٤٠٩ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ، قوله: {وَلا تَتَمَنّوْا ما فَضّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْض} فإن الرجال قالوا: نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء، كما لنا في السهام سهمان، فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران، وقال النساء: نريد أن يكون لنا أجر مثل الرجال، فأنا لا نستطيع أن نقاتل، ولو كتب علينا القتال لقاتلنا. فأنزل اللّه تعالى الاَية، وقال لهم: سلوا اللّه من فضله، يرزقكم الأعمال، وهو خير لكم. ٧٤١٠ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن محمد، قال: نهيتم عن الأمانيّ، ودُللتم على ما هو خير منه، واسألوا اللّه من فضله. ٧٤١١ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عارم، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، قال: كان محمد إذا سمع الرجل يتمنى في الدنيا، قال: قد نهاكم اللّه عن هذا، {وَلاَ تَتَمَنّوْا ما فَضّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْض} ودلكم على خير منه، واسألوا اللّه من فضله. قال أبو جعفر: فتأويل الكلام على هذا التأويل: ولا تتمنوا أيها الرجال والنساء الذي فضل اللّه به بعضكم على بعض من منازل الفضل، ودرجات الخير وليرض أحدكم بما قسم اللّه له من نصيب، ولكن سلو اللّه من فضله. القول في تأويل قوله تعالى: {للرّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وَللنّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ}. اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: للرجال نصيب مما اكتسبوا من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية، وللنساء نصيب من ذلك مثل ذلك. ذكر من قال ذلك: ٧٤١٢ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {وَلا تَتَمَنّوْا ما فَضّلَ اللّه بِهِ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ للرّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وللنّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ} كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا ولا الصبيّ شيئا، وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع، فلما لحق للمرأة نصيبها وللصبيّ نصيبه، وجعل للذكر مثل حظّ الأنثيين، قال النساء: لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال! وقال الرجال: إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الاَخرة، كما فضلنا عليهنّ في الميراث! فأنزل اللّه : {للرّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا، وَللنّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ}، يقول: المرأة تجزى بحسنتها عشر أمثالها كما يجزي الرجل، قال اللّه تعالى: {واسألُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ}. ٧٤١٣ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: ثنى أبو ليلى، قال: سمعت أبا جرير يقول: لما نزل: {للذّكَر مِثْلَ حَظّ الأُنْثَيَيْنِ} قالت النساء: كذلك عليهم نصيبان من الذنوب، كما لهم نصيبان من الميراث! فأنزل اللّه : {للرّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وَللنّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ} يعني الذنوب، واسألوا اللّه يا معشر النساء من فضله. وقال آخرون: بل معنى ذلك: للرجال نصيب مما اكتسبوا من ميراث موتاهم، وللنساء نصيب منهم. ذكر من قال ذلك: ٧٤١٤ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثنى معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {للرّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وللنّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ} يعني: ما ترك الوالدان والأقربون، يقول: {للذّكَرِ مِثْلُ حَظّ الأُنْثَيْنِ}. ٧٤١٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن أبي إسحاق، عن عكرمة أو غيره، في قوله: {للرّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وَللنّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ} قال: في الميراث كانوا لا يورّثون النساء. قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بتأويل الاَية قول من قال معناه: للرجال نصيب من ثواب اللّه وعقابه مما اكتسبوا، فعملوه من خير أو شرّ، وللنساء نصيب مما اكتسبن من ذلك كما للرجال. وإنما قلنا إن ذلك أولى بتأويل الاَية من قول من قال تأويله: للرجال نصيب من الميراث، وللنساء نصيب منه، لأن اللّه جل ثناؤه أخبر أن لكلّ فريق من الرجال والنساء نصيبا مما اكتسب، وليس الميراث مما اكتسبه الوارث، وإنما هو مال أورثه اللّه عن ميته بغير اكتساب، وإنما الكسب العمل، والمكتسب: المحترف، فغير جائز أن يكون معنى الاَية، وقد قال اللّه : {للرّجَالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا وَللنّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ} للرجال نصيب مما ورثوا، وللنساء نصيب مما ورثن¹ لأن ذلك لو كان كذلك لقيل: للرجال نصيب مما لم يكتسبوا، وللنساء نصيب مما لم يكتسبن. القول في تأويل قوله تعالى: {واسْئَلُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ}. يعني بذلك جلّ ثناؤه: واسألوا اللّه من عونه وتوفيقه للعمل بما يرضيه عنكم من طاعته، ففضله في هذا الموضع: توفيقه ومعونته. كما: ٧٤١٦ـ حدثنا محمد بن مسلم الرازي، قال: حدثنا أبو جعفر النفيلي، قال: حدثنا يحيـى بن يمان، عن أشعث، عن سعيد: {وَاسْئلُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ} قال: العبادة ليست من أمر الدنيا. ٧٤١٧ـ حدثنا محمد بن مسلم، قال: ثنى أبو جعفر، قال: حدثنا موسى، عن ليث، قال: فضله العبادة ليس من أمر الدنيا. ٧٤١٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا هشام، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: {وَاسْئَلُوا مِنْ فَضْلِهِ} قال: ليس بعرض الدنيا. ٧٤١٩ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {واسْئَلُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ} يرزقكم الأعمال، وهو خير لكم. ٧٤٢٠ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن رجل لم يسمه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (سَلُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ فإنّهُ يُحِبّ أنْ يُسألَ، وإنّ مِنْ أفْضَلِ العِبادَةِ انْتِظارَ الفَرَج). القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه كانَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيما}. يعني بذلك جلّ ثناؤه: إن اللّه كان بما يصلح عباده فيما قسم لهم من خير، ورفع بعضهم فوق بعض في الدين والدنيا، وبغير ذلك من قضائه وأحكامه فيهم {عَلِيما} يقول: ذا علم، ولا تتنموا غير الذي قضى لكم، ولكن عليكم بطاعته والتسليم لأمره، والرضا بقضائه ومسئلته من فضله. |
﴿ ٣٢ ﴾