٣٤القول في تأويل قوله تعالى: {الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَآءِ ...}. يعني بقوله جلّ ثناؤه: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساء}: الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن، فيما يجب عليهنّ لله ولأنفسهم¹ {بِمَا فَضّلَ اللّه بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ}: يعني بما فضل اللّه به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهنّ مهورهنّ، وإنفاقهم عليهنّ أموالهم، وكفايتهم إياهن مؤنهن. وذلك تفضيل اللّه تبارك وتعالى إياهنّ عليهن، ولذلك صاروا قوّاما عليهنّ، نافذي الأمر عليهنّ فيما جعل اللّه إليهم من أمورهنّ. وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٧٤٥١ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ} يعني: أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها اللّه به من طاعته، وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله وفضله عليها بنفقته وسعيه. ٧٤٥٢ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ بِمَا فَضّلَ اللّه بَعْضَهُمْ على بَعْض} يقول: الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة اللّه ، فإن أبت، فله أن يضربها ضربا غير مبرّح، وله عليها الفضل بنفقته وسعيه. ٧٤٥٣ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن المفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {الرّجالُ قَوّامونَ على النّساءِ} قال: يأخذون على أيديهن ويؤدبونهنّ. ٧٤٥٤ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: {بِمَا فَضّلَ اللّه بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ} قال: بتفضيل اللّه الرجال على النساء. وذكر أن هذه الاَية نزلت في رجل لطم امرأته، فخوصم إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم في ذلك، فقضى لها بالقصاص. ذكر من قال ذلك: ٧٤٥٥ـ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: حدثنا الحسن: أن رجلاً لطم امرأته، فأتت النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأراد أن يقصها منه، فأنزل اللّه : {الرّجالُ قَوّامُونَ على النساءِ بِمَا فَضّلَ اللّه بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وبِمَا أنْفَقُوا مِنْ أمْوَالِهِمْ} فدعاه النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فتلاها عليه وقال: (أرَدْتُ أمْرا وأرَادَ اللّه غَيْرَهُ). ٧٤٥٦ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ بِمَا فَضّلَ اللّه بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وبِمَا أنْفَقُوا مِنْ أمْوَالِهِمْ} ذكر لنا أن رجلاً لطم امرأّه، فأتت النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، ثم ذكر نحوه. حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ} قال: صكّ رجل امرأته، فأتت النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأراد أن يقيدَها منه، فأنزل اللّه : {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ}. ٧٤٥٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن جرير بن حازم، عن الحسن، أن رجلاً من الأنصار لطم امرأته، فجاءت تلتمس القصاص، فجعل النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بينهما القصاص، فنزلت: قوله: {وَلا تَعْجَلْ بالقُرآنِ مِنْ قَبْل أنْ يُقْضَى إلَيْكَ وَحْيُهُ} ونزلت: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ بِمعا فَضّلَ اللّه بَعْضَهُمْ على بَعْض}. ٧٤٥٨ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: لطم رجل امرأته، فأراد النبيّ صلى اللّه عليه وسلم القصاص، فبينما هم كذلك، نزلت الاَية. ٧٤٥٩ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، أما: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ} فإن رجلاً من الأنصار كان بينه وبين امرأته كلام، فلطمها، فانطلق أهلها، فذكروا ذلك للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأخبرهم: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ}.. الاَية. وكان الزهري يقول: ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس. ٧٤٦٠ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، سمعت الزهري، يقول: لو أن رجلاً شجّ امرأته، أو جرحها، لم يكن عليه في ذلك قود وكان عليه العقل، إلا أن يعدو عليها فيقتلها، فيقتل بها. وأما قوله: {وبِمَا أنْفَقُوا مِنْ أمْوَالِهِمْ} فإنه يعني: وبما ساقوا إليهنّ من صداق، وأنفقوا عليهن من نفقة. كما: ٧٤٦١ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: فضله علها بنفقته وسعيه. ٧٤٦٢ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك ، مثله. ٧٤٦٣ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان يقول: {وبِمَا أنْفَقُوا مِنْ أمْوَالِهِمْ} بما ساقوا من المهر. فتأويل الكلام إذًا: الرجال قوّامون على نسائهم بتفضيل اللّه إياهم عليهنّ وبإنفاقهم عليهنّ من أموالهم. و(ما) التي في قوله: {بِمَا فَضّلَ اللّه } والتي في قوله: {وبِمَا أنْفَقُوا} في معنى المصدر. القول في تأويل قوله تعالى: {فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ للْغَيْب بِما حَفِظَ اللّه }. يعني بقوله جلّ ثناؤه: {فالصّالِحاتُ}: المستقيمات الدين، العاملات بالخير. كما: ٧٤٦٤ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: حدثنا عبد اللّه بن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: فالصالحات يعملن بالخير. وقوله: {قانِتاتٌ} يعني: مطيعات لله ولأزواجهن. كما: ٧٤٦٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: قوله: {قانِتاتٌ} قال: مطيعات. حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {قانِتاتٌ} قال: مطيعات. ٧٤٦٦ـ حدثني عليّ عن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {قانِتاتٌ}: مطيعات. ٧٤٦٧ـ حدثنا الحسن بن معاذ، قال: ثا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {قانِتاتٌ}: أي مطيعات لله ولأزواجهنّ. حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: مطيعات. ٧٤٦٨ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: القانتات: المطيعات. ٧٤٦٩ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان يقول في قوله: {قانِتاتٌ} قال: مطيعات لأزواجهن. وقد بينا معنى القنوت فيما مضى وأنه الطاعة، ودللنا على صحة ذلك من الشواهد بما أغنى عن إعادته. وأما قوله: {حافِظاتٌ للغَيْب} فإنه يعني: حافظات لأنفسهنّ عند غيبة أزواجهنّ عنهنّ في فروجهن وأموالهم، وللواجب عليهنّ من حقّ اللّه في ذلك وغيره. كما: ٧٤٧٠ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {حافِظاتٌ للغَيْبِ} يقول: حافِظات لما استودعهنّ اللّه من حقه، وحافظات لغيب أزواجهن. ٧٤٧١ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: {حافِظاتٌ للغَيْبِ بِمعا حَفِظَ اللّه } يقول: تحفظ على زوجها ماله وفرجها، حتى يرجع كما أمرها اللّه . ٧٤٧٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: ما قوله: {حافِظاتٌ للغَيْبِ}؟ قال: حافظات للزوج. حدثني زكريا بن يحيـى بن أبي زائدة، قال: حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج: سألت عطاء، عن{حافِظاتٌ للغَيْبِ} قال: حافظات للأزواج. ٧٤٧٣ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان يقول: {حافِظاتٌ للغَيْبِ}: حافظات لأزواجهن لما غاب من شأنهنّ. ٧٤٧٤ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنا أبو معشر، قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (خَيْرُ النّساءِ امْرأةٌ إذَا نَظَرْتَ إلَيْها سَرّتْكَ، وإذَا أمَرْتَها أطاعَتْكَ، وَإذَا غِبْتَ عَنْها حَفِظَتْكَ فِي نَفْسِها وَمالِكَ) قال: ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {الرّجالُ قَوّامُونَ على النّساءِ}.. الاَية. قال أبو جعفر: وهذا الخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدلّ على صحة ما قلنا في تأويل ذلك، وأن معناه: صالحات في أديانهنّ، مطيعات لأزواجهنّ، حافظات لهم في أنفسهنّ وأموالهم. وأما قوله: {بِمَا حَفظَ اللّه } فإن القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامة القراء في جميع أمصار الإسلام: {بِما حَفِظَ اللّه } برفع اسم اللّه على معنى: بحفظ اللّه إياهنّ إذ صيرهن كذلك. كما: ٧٤٧٥ـ حدثني زكريا بن يحيـى بن أبي زائدة، قال: حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج: سألت عطاء، عن قوله: {بِمَا حَفِظَ اللّه } قال: يقول: حفظهنّ اللّه . ٧٤٧٦ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان يقول في قوله: {بِمَا حَفِظَا اللّه } قال: بحفظ اللّه إياها أنه جعلها كذلك. وقرأ ذلك أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني: (بِمَا حَفِظَ اللّه ) يعني: بحفظهنّ اللّه في طاعته، وأداء حقه بما أمرهنّ من حفظ غيب أزواجهنّ، كقول الرجل للرجل: ما حفظت اللّه في كذا وكذا، بمعنى: راقبته ولاحظته. قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك ما جاءت به قراءة المسلمين من القراءة مجيئا يقطع عذر من بلغه ويثبت عليه حجته، دون ما انفرد به أبو جعفر فشذّ عنهم، وتلك القراءة ترفع اسم اللّه تبارك وتعالى: {بِمَا حَفِظَ اللّه } مع صحة ذلك في العربية وكلام العرب، وقبح نصبه في العربية لخروجه عن المعروف من منطق العرب. وذلك أن العرب لا تحذف الفاعل مع المصادر من أجل أن الفاعل إذا حذف معها لم يكّن للفعل صاحب معروف. وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر من الكلام عليه من ذكره ومعناه: {فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ للغَيْب بِمَا حَفِظَ اللّه } فأحسنوا إليهنّ وأصلحوا، وكذلك هو فيما ذكر في قراءة ابن مسعود. ٧٤٧٧ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: حدثنا عيسى الأعمي، عن طلحة بن مصرف، قال: في قراءة عبد اللّه : (فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ للْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه فأصلحوا إليهنّ واللاّتِي تخافُونَ نُشُوزَهُنّ). ٧٤٧٨ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ للغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه } فأحسنوا إليهنّ. ٧٤٧٩ـ حدثني عليّ بن داود، قال: حدثنا عبد اللّه ، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ للغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه } فأصلحوا إليهنّ. حدثني عليّ بن داود، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ للغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّه } يعني إذا كنّ هكذا، فأصلحوا إليهنّ. القول في تأويل قوله: {واللاّتِي تخافُونَ نُشُوزَهُنّ فعظُوهُنّ}. اختلف أهل التأويل في معنى قوله: {واللاّتِي تخافُونَ نُشُوزَهُنّ} فقال بعضهم: معناه: واللاتي تعلمون نشوزهنّ. ووجه صرف الخوف في هذا الموضع إلى العلم في قول هؤلاء نظير صرف الظنّ إلى العلم لتقارب معنييهما، إذ كان الظنّ شكا، وكان الخوف مقرونا برجاء، وكانا جميعا من فعل المرء بقلبه، كما قال الشاعر: وَلا تَدْفِنَنّـي فِي الفَلاةِ فانّنِيأخافُ إذَا ما مِتّ أنْ لا أذُوقُها معناه: فإنني أعلم، وكما قال الاَخر: أتانِي كَلامٌ عَنْ نُصَيْب يَقُولُهُوَما خِفْتُ يا سَلاّمُ أنّكَ عائِبي بمعنى: وما ظننت. وقال جماعة من أهل التأويل: معنى الخوف في هذا الموضع: الخوف الذي هو خلاف الرجاء. قالوا: معنى ذلك: إذا رأيتم منهن ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه، ويدخلن ويخرجن، واستربتم بأمرهنّ، فعظوهنّ واهجروهنّ. وممن قال ذلك محمد بن كعب. وأما قوله: {نُشُوزَهُنّ} فإنه يعني: استعلاءهنّ على أزواجهنّ، وارتفاعهنّ عن فرشهم بالمعصية منهنّ، والخلاف عليهم فيما لزمهنّ طاعتهم فيه، بغضا منهنّ وإعراضا عنهم وأصل النشوز الارتفاع، ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض نَشْز ونَشَاز. {فَعِظُوهُنّ} يقول: ذكروهنّ اللّه ، وخوفوهنّ وعيده في ركوبها ما حرّم اللّه عليها من معصية زوجها فيما أوجب عليها طاعته فيه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال: النشوز: البغض ومعصية الزوج: ٧٤٨٠ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {واللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنّ} قال: بعضهنّ. ٧٤٨١ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {واللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنّ} قال: التي تخاف معصيتها قال: النشوز: معصيته وخلافه. ٧٤٨٢ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {واللاّتي تَخافُونَ نُشُوزَهُنّ} تلك المرأة تنشز وتستخفّ بحق زوجها ولا تطيع أمره. ٧٤٨٣ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، حدثنا روح، قال: حدثنا ابن جريج، قال: قال عطاء: النشوز: أن تحب فراقه، والرجل كذلك. ذكر الرواية عمن قال ما قلنا في قوله: {فَعِظُوهُنّ}: ٧٤٨٤ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: حدثنا معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {فَعِظُوهنّ} يعني: عظوهن بكتاب اللّه ، قال: أمره اللّه إذا نشزت أن يعظها ويذكرها اللّه ويعظم حقه عليها. ٧٤٨٥ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {واللاّتي تَخافُونَ نُشُوزَهُنّ فَعِظُوهُنّ} قال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها: اتقي اللّه وارجعي إلى فراشك، فإن أطاعته فلا سبيل له عليها. ٧٤٨٦ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن، قال: إذا نشزت المرأة على زوجها فليعظها بلسانه، يقول: يأمرها بتقوى اللّه وطاعته. ٧٤٨٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، قال: إذا رأى الرجل خفّة في بصرها في مدخلها ومخرجها، قال: يقول لها بلسانه: قد رأيت منك كذا وكذا فانتهى! فإن أعَتَبتْ فلا سبيل له عليها، وإن أبت هجر مضجعها. حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {فَعِطُوهُنّ} قال: إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها، فإنه يقول لها: اتقي اللّه وارجعي. ٧٤٨٨ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عطاء: {فَعِظُوهُنّ} قال: بالكلام. ٧٤٨٩ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قوله: {فَعِظُوهُنّ} قال بالألسنة. ٧٤٩٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: {فَعِظُوهُنّ} قال: عظوهن باللسان. القول في تأويل قوله تعالى: {واهْجُروهُنّ فِي المَضَاجِع}. اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فعظوهن في نشوزهن عليكم أيها الأزواج، فإن أبين مراجعة الحق في ذلك والواجب عليهم لكم، فاهجروهن بترك جماعهن في مضاجعتكم إياهن. ذكر من قال ذلك: ٧٤٩١ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {فَعِظُوهُنّ واهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِع} يعني: عظوهن، فإن أطعنكم وإلا فاهجروهن. ٧٤٩٢ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِع} يعني بالهجران أن يكون الرجل وامرأته على فراش واحد لا يجامعها. ٧٤٩٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، قال: الهجر: هجر الجماع. ٧٤٩٤ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: أما {تَخافُونَ نُشُوزَهُنّ} فإن على زوجها أن يعظها، فإن لم تقبل فليهجرها في المضجع. يقول: يرقد عندها ويوليها ظهره، ويطؤها ولا يكلمها. هكذا في كتابي: (ويطؤها ولا يكلمها). ٧٤٩٥ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِع} قال: يضاجعها ويهجر كلامها ويوليها ظهره. حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِع} قال: لا يجامعها. وقال آخرون: بل معنى ذلك: واهجروهن واهجروا كلامهن في تركهنّ مضاجعتكم، حتى يرجعن إلى مضاجعتكم. ذكر من قال ذلك: ٧٤٩٦ـ حدثنا أبو كريب وأبو السائب، قالا: حدثنا ابن إدريس، عن الحسن بن عبيد اللّه ، عن أبي الضحى، عن ابن عباس في قوله: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِع} أنها لا تترك في الكلام، ولكن الهجران في أمر المضجع. ٧٤٩٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيـى بن واضح، قال: حدثنا أبو حمزة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِعِ} يقول: حتى يأتين مضاجعكم. ٧٤٩٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِعِ}: في الجماع. ٧٤٩٩ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِعِ} قال: يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها، وذلك عليها شديد. ٧٥٠٠ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا شريك، عن خصيف، عن عكرمة: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِع} الكلام والحديث.... ذكر من قال ذلك: ٧٥٠١ـ حدثني الحسن بن زريق الطهوى، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن منصور، عن مجاهد في قوله: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجع} قال: لا تضاجعوهنّ. ٧٥٠٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: الهجران أن لايضاجعها. ٧٥٠٣ـ وبه قال حدثنا جرير، عن مغيرة، عن عامر وإبراهيم، قالا: الهجران في المضجع أن لا يضاجعها على فراش. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم والشعبي، أنهما قالا في قوله: {واهْجُرُوهُنّ في المَضاجِعِ} قالا: يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يحبّ. حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم والشعبي أنهما كانا يقولان: {وَاهْجُرُوهُن في المَضاجِعِ} قال: يهجرها في المضجع. ٧٥٠٤ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: حدثنا شريك، عن خصيف، عن مقسم: {وَاهْجُروهُنّ في المَضاجِعِ} قال: هجرها في مضجعها: أن لا يقرب فراشها. ٧٥٠٥ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي، قال: اهجروهنّ في المضاجع، قال: يعظها بلسانه، فإن أعتبتْ فلا سبيل له عليها، وإن أبت هجر مضجعها. ٧٥٠٦ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله: {فَعِظُوهُنّ واهْجُرُوهُنّ} قالا: إذا خاف نشوزها وعظها، فإن قبلت وإلا هجر مضجعها. ٧٥٠٧ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {واهْجُرُوهُنّ في المَضاجِعِ} قال: تبدأ يا ابن آدم فتعظها، فإن أبت عليك فاهجرها، يعني به: فراشها. وقال آخرون: معنى قوله: {واهْجُرُوهُنّ في المَضاجِعِ} قولوا لهنّ من القول هُجْرا في تركهنّ مضاجعتكم. ذكر من قال ذلك: ٧٥٠٨ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن رجل، عن أبي صالح عن ابن عباس، في قوله: {واهْجُرُوهُنّ في المَضاجِعِ} قال: يهجرها بلسانه، ويغلظ لها بالقول، ولا يدع جماعها. ٧٥٠٩ـ وبه قال: أخبرنا الثوري، عن خصيف، عن عكرمة، قال: إنما الهجران بالمنطق أن يغلظ لها، وليس بالجماع. ٧٥١٠ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن أبي الضحى، في قوله: {واهْجُرُهُنّ في المَضاجِعِ} قال: يهجر بالقول، ولا يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يريد. ٧٥١١ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن رجل، عن الحسن، قال: لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع، ليس له أن يهجر في كلام ولا شيء إلا في الفراش. ٧٥١٢ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: ثني يعلى، عن سفيان، في قوله: {واهْجُرُهُنّ في المَضاجِعِ} قال: في مجامعتها، ولكن يقول لها: تعالَيْ وافعلي! كلاما فيه غلظة، فإذا فعلت ذلك فلا يكلفها أن تحبه، فإن قلبها ليس في يديها. ولا معنى للهجر في كلام العرب إلا على أحد ثلاثة أوجه: أحدها هجر الرجل كلام الرجل وحديثه، وذلك رفضه وتركه، يقال منه: هجر فلان أهله يهجُرها هجرا وهجرانا. والاَخر: الإكثار من الكلام بترديد كهيئة كلام الهازيء، يقال منه: هجر فلان في كلامه يهجُر هجرا إذا هَذَي ومدّد الكلمة، وما زالت تلك هِجّيراه وإهْجِيراه، ومنه قول ذي الرمة: رمى فأخْطَأ والأقْدارُ غالِبَةٌفانْصَعْنَ والوَيْلُ هِجّيراهُ والحَربُ والثالث: هَجَرَ البعير إذا ربطه صاحبه بالهِجَار، وهو حبل يربط في حُقويها ورسغها، ومنه قول امرىء القيس: رأتْ هَلَكا بِنِجَافِ الغَبِيطِفَكادَتْ تَجُدّ لِذَاك الهِجارَا فأما القول الذي فيه الغلظة والأذى فإنما هو الإهجار، ويقال منه: أهجر فلان في منطقه: إذا قال الهُجْرَ وهو الفحش من الكلام، يُهْجِرُ إهجارا وهُجْرا. فإذ كان لا وجه للهَجْر في الكلام إلا أحد المعاني الثلاثة، وكانت المرأة المخوف نشوزها إنما أمر زوجها بوعظها لتنيب إلى طاعته فيما يجب عليها له من موافاته عند دعائه إياها إلى فراشه، فغير جائز أن تكون عظته لذلك، ثم تصير المرأة إلى أمر اللّه وطاعة زوجها في ذلك، ثم يكون الزوج مأمورا بهجرها في الأمر الذي كانت عظته إياها عليه. وإذ كان ذلك كذلك بطل قول من قال: معنى قوله: {واهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِعِ} وَاهجروا جماعهنّ. أو يكون إذ بطل هذا المعنى. بمعنى: واهجروا كلامهنّ بسبب هجرهنّ مضاجعكم، وذلك أيضا لا وجه له مفهوم لأن اللّه تعالى ذكره قد أخبر على لسان نبيه صلى اللّه عليه وسلم أنه لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. على أن ذلك لو كان حلالاً لم يكن لهجرها في الكلام معنى مفهوم، لأنها إذا كانت عنه منصرفة وعليه ناشزا فمن سرورها أن لا يكلمها ولا يراها ولا تراه، فكيف يؤمر الرجل في حال بغض امرأته إياه وانصرافها عنه بترك ما في تركه سرورها من ترك جماعها ومجاذبتها وتكليمها، وهو يؤمر بضربها لترتدع عما هي عليه من ترك طاعته إذا دعاها إلى فراشه، وغير ذلك مما يلزمها طاعته فيه؟ أو يكون إذ فسد هذان الوجهان يكون معناه: واهجروا في قولكم لهم، بمعنى: ردّوا عليهنّ كلامكم إذا كلمتموهنّ بالتغليظ لهنّ، فإن كان ذلك معناه، فلا وجه لإعمال الهجر في كناية أسماء النساء الناشزات، أعني في الهاء والنون من قوله {وَاهْجُرُوهُنّ}، لأنه إذا أريد به ذلك المعنى، كان الفعل غير واقع، إنما يقال: هجر فلان في كلامه ولا يقال: هجر فلان فلانا. فإذا كان في كل هذه المعاني ما ذكرنا من الخلل اللاحق، فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يكون قوله: {وَهْجُرُوهُنّ} موجها معناه إلى معنى الربط بالهجار على ما ذكرنا من قيل العرب للبعير إذا ربطه صاحبه بحبل على ما وصفنا: هَجَرَه فهو يهجره هَجْرا. وإذا كان ذلك معناه كان تأويل الكلام: واللاتي تخافون نشزوهنّ، فعظوهنّ في نشوزهنّ عليكم، فإن اتعظن فلا سبيل لكم عليهنّ، وإن أبين الأوبة من نشوزهنّ فاستوثقوا منهنّ رباطا في مضاجعهنّ، يعني في منازلهنّ وبيوتهنّ التي يضطجعن يها ويضاجعن فيها أزواجهن. كما: ٧٥١٣ـ حدثني عباس بن أبي طالب، قال: حدثنا يحيـى بن أبي بكير، عن شبل، قال: سمعت أبا قزعة يحدث عن عمرو بن دينار، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه: أنه جاء إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: ما حقّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: (يُطْعِمُها وَيَكْسُوها، وَلا يَضْرِبِ الوَجْهَ وَلا يُقْبّحْ وَلا يَهْجُرْ إلاّ فِي البيت). حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا يزيد، عن شعبة بن الحجاج، عن أبي قزعة، عن حكيم بن معاوية عن أبيه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، نحوه. ٧٥١٤ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا بهز بن حكيم، عن جده، قال: قلت: يا رسول اللّه ، نساؤنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: (حَرْثُكَ فَأْتِ حَرْثَكَ أنّى شِئْتَ، غيرَ أنْ لا تَضْرِبَ الوَجْهَ وَلا تُقَبّحْ وَلا تَهْجُرْ إلاّ فِي البيت وأطْعِمْ إذَا طَعِمْتَ واكْسُ إذَا اكْتَسَيْتَ كَيْفَ وَقَدْ أفْضَى بَعْضُكُمْ إلا بَعْض إلاّ بِمَا حَلّ عَلَيْها؟). وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك، قال عدة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٧٥١٥ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن الحسن، قال: إذا نشزت المرأة على زوجها، فليعظها بلسانه، فإن قبلت فذاك وإلا ضربها ضربا غير مبرّح، فإن رجعت فذاك، وإلا فقد حلّ له أن يأخذ منها ويخليها. ٧٥١٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الحسن بن عبيد اللّه ، عن أبي الضحى، عن ابن عباس في قوله: {وَاهْجُرُهُنّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنّ} قال: يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع، فإذا أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته. ٧٥١٧ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا يحيـى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول في قوله: {وَاهْجُرُوهُنّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنّ} ضربا غير مبرّج، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اضْرِبُوهُنّ إذَا عَصَيْنَكُمْ فِي المَعْرُوفِ ضَرْبا غيرَ مُبَرّح). قال أبو جعفر: فكل هؤلاء الذين ذكرنا قولهم لم يوجبوا للهجر معنى غير الضرب، ولم يوجبوا هجرا إذا كان هيئة من الهيئات التي تكون بها المضروبة عند الضرب مع دلالة الخبر الذي رواه عكرمة عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أنه أمر بضربهنّ إذا عصين أزواجهنّ في المعروف من غير أمر منه أزواجهنّ بهجرهنّ لما وصفنا من العلة. فإن ظنّ ظانّ أن الذي قلنا في تأويل الخبر عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم الذي رواه عكرمة، ليس كما قلنا، وصحّ أن ترك النبيّ صلى اللّه عليه وسلم أمر الرجل بهجر زوجته إذا عصيته في المعروف وأمره بضربها قبل الهجر، لو كان دليلاً على صحة ما قلنا من أن معنى الهجر هو ما بيناه، لوجب أن يكون لا معنى لأمر اللّه زوجها أن يعظها إذا هي نشزت، إذ كان لا ذكر للعظة في خبر عكرمة عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظنّ وذلك أن قوله صلى اللّه عليه وسلم: (إذَا عَصيْنَكُمْ في المَعْروفِ) دلالة بينة أنه لم يبح للرجل ضرب زوجته إلا بعد عظتها من نشزوها، وذلك أنه لا تكون له عاصية، إلا وقد تقدم منه لها أمر أو عظة بالمعروف على ما أمر اللّه تعالى ذكره به. القول في تأويل قوله تعالى: {واضْرِبُوهُنّ}. يعني بذلك جلّ ثناؤه: فعظوهنّ أيها الرجال في نشزوهنّ، فإن أبين الأياب إلى ما يلزمهنّ لكم فشدّوهنّ وثاقا في منازلهنّ، واضربوهنّ ليؤبن إلى الواجب عليهنّ من طاعة اللّه في اللازم لهنّ من حقوقكم. قول أهل التأويل: صفة الضرب التي أبام اللّه لزوج الناشز أن يضربها الضرب غير المبرّح. ذكر من قال ذلك: ٧٥١٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: {وَاضْرِبُوهُنّ} قال: ضربا غير مبرّح. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيـى بن واضح، قال: أخبرنا أبو حمزة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، مثله. ٧٥١٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، قال: الضرب غير المبرّح. ٧٥٢٠ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: {واضْرِبُوهُنّ} قال: ضربا غير مبرّح. ٧٥٢١ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {واهْجُرُوهُنّ في المَضاجِعِ} واضربوهنّ، قال: تهجرها في المضجع، فإن أقبلت وإلا فقد أذن اللّه لك أن تضربها ضربا غير مبرّح، ولا تكسر لها عظما، فإن أقبلت، وإلا فقد حلّ لك منها الفدية. ٧٥٢٢ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الحسن وقتادة في قوله: {واضْرِبُوهُنّ} قال: ضربا غير مبرّح. ٧٥٢٣ـ وبه قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: {واضْرِبُوهُنّ} قال: ضربا غير مبرّح. ٧٥٢٤ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {واهْجُرُوهُنّ في المَضاجِعِ واضْرِبُوهُنّ} قال: تهجرها في المضجع، فإن أبت عليك فاضربها ضربا غير مبرّح أي غير شائن. ٧٥٢٥ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن عيينة، عن ابن جرج، عن عطاء، قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرّح، قال: السواك وشبهه يضربها به. حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهريّ، قال: حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرّج؟ قال: بالسواك ونحوه. ٧٥٢٦ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في خطبته: (ضَرْبا غيرَ مُبَرّحٍ) قال: السواك ونحوه. ٧٥٢٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا تَهْجُرُوا النّساءَ إلاّ فِي المَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنّ ضَرْبا غيرَ مُبَرّحٍ) يقول: غير مؤثر. ٧٥٢٨ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عطاء: {وَاضْرِبُوهُنّ} قال: ضربا غير مبرّح. ٧٥٢٩ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا حبان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: حدثنا يحيـى بن بشر، عن عكرمة مثله. ٧٥٣٠ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {وَاضْرِبُوهُنّ} قال: إن أقبلت في الهجران، وإلا ضَرَبها ضربا غير مبرّح. ٧٥٣١ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، قال: تهجر مضجعها ما رأيت أن تنزع، فإن لم تنزع ضربها ضربا غير مبرّح. ٧٥٣٢ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن: {وَاضْرِبُوهُنّ} قال: ضربا غير مبرّح. حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا عبد الوارث بن سعيد، عن رجل، عن الحسن، قال: ضربا غير مبرّح، غير مؤثر. القول في تأويل قوله تعالى: {فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنّ سَبِيلاً}. يعني بذلك جلّ ثناؤه: فإن أطعنكم أيها الناس نساؤكم اللاتي تخافون نشوزهنّ عند وعظكم إياهنّ فلا تهجروهنّ في المضاجع، فإن لم يطعنكم فاهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ، فإن راجعن طاعتكم عند ذلك وفئن إلى الواجب عليهنّ، فلا تطلبوا طريقا إلى أذاهنّ ومكروههنّ، ولا تلتمسوا سبيلاً إلى ما لا يحلّ لكم من أبدانهنّ وأموالهنّ بالعلل، وذلك أن يقول أحدكم لإحداهن وهي له مطيعة: إنك لست تحبيني وأنت لي مبغضة، فيضربها على ذلك أو يؤذيها، فقال اللّه تعالى للرجال: {فإنْ أطَعْنَكُمْ}: أي على بغضهن لكم فلا تجنوا عليهنّ، ولا تكلفوهنّ محبتكم، فإن ذلك ليس بأيديهنّ فتضربوهنّ أو تؤذوهنّ عليه. ومعنى قوله: {فَلا تَبْغوا}: لا تلتمسوا ولا تطلبوا، من قول القائل: بغيت الضالة: إذا التمستها، ومنه قول الشاعر في صفة الموت: بَغاكَ وَما تَبْغِيهِ حتى وَجَدْتَهُكأنّكَ قدْ وَاعَدْتَهُ أمسِ مَوْعِدا بمعنى: طلبك وما تطلبه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٧٥٣٣ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، في قوله: {فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهنّ سَبيلاً} قال: إذا أطاعتك فلا تتجنّ عليها العلل. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الحسن بن عبيد اللّه ، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، قال: إذا أطاعته فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته. ٧٥٣٤ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قوله: {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنّ سَبِيلاً} قال: العلل. ٧٥٣٥ـ وقال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: قال الثوري في قوله: {فإنْ أطَعْنَكُمْ} قال: إن أتت الفراش وهي تبغضه. ٧٥٣٦ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا يعلي، عن سفيان، قال: إذا فعلت ذلك لا يكلفها أن تحبه، لأن قلبها ليس في يديها. ٧٥٣٧ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: إن أطاعته فضاجعته، فإن اللّه يقول: {فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنّ سَبِيلاً}. ٧٥٣٨ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {فإنْ أطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنّ سَبِيلاً} يقول: فإن أطاعتك فلا تبغ عليها العلل. القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه كانَ عَليّا كَبِيرا}. يقول: إن اللّه ذو علوّ على كلّ شيء، فلا تبغوا أيها الناس على أزواجكم إذا أطعنكم فيما ألزمهنّ اللّه لكم من حقّ سبيلاً لعلوّ أيديكم على أيديهنّ، فإن اللّه أعلى منكم ومن كلّ شيء، وأعلى منكم عليهن، وأكبر منكم ومن كل شيء، وأنتم في يده وقبضته، فاتقوا اللّه أن تظلموهنّ وتبغوا عليهنّ سبيلاً وهن لكم مطيعات، فينتصر لهنّ منكم ربكم الذي هو أعلى منكم ومن كل شيء، وأكبر منكم ومن كلّ شيء. |
﴿ ٣٤ ﴾