٤١

القول في تأويل قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىَ هَـَؤُلآءِ شَهِيداً }.

يعني بذلك جلّ ثناؤه: إن اللّه لا يظلم عباده مثقال ذرّة، فكيف بهم {إذا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بَشِهيدٍ} يعني: بمن يشهد عليها بأعمالها، وتصديقها رسلها، أو تكذيبها، {وجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا}

يقول: وَجِئْنَا بك يا محمد على هؤلاء: أي على أمتك شهيدا،

يقول: شاهدا. كما:

٧٦٣١ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدّي: {فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا} قال: إن النبيين يأتون يوم القيامة، منهم من أسلم معه من قومه الواحد والاثنان والعشرة وأقلّ وأكثر من ذلك، حتى يؤتى بقوم لوط صلى اللّه عليه وسلم لم يؤمن معه إلا ابنتاه، فيقال لهم: هل بلغتم ما أرسلتم به؟ فيقولون: نعم، فيقال: من يشهد؟ فيقولون: أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم، فيقال لهم: أتشهدون أن الرسل أوْدَعوا عندكم شهادة، فبم تشهدون؟ فيقولون: ربنا نشهد أنهم قد بلغوا كما شهدوا في الدنيا بالتبليغ! فيقال: من يشهد على ذلك؟ فيقولون: محمد صلى اللّه عليه وسلم. فيدعى محمد عليه الصلاة والسلام، فيشهد أن أمته قد صدقوا، وأن الرسل قد بلّغوا. فذلك قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمّةً وَسَطا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ على النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا}.

٧٦٣٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: قوله: {فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ} قال: رسولها، فيشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله اللّه به إليهم¹ {وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا} قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه وسلم إذا أتى عليها فاضت عيناه.

٧٦٣٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيـى بن واضح، قال: حدثنا الحسن، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، في قوله: {وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} قال: الشاهد محمد، والمشهود: يوم الجمعة. فذلك قوله: {فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا}.

٧٦٣٤ـ حدثني عبد اللّه بن محمد الزهري، قال: حدثنا سفيان، عن المسعودي، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه، عن عبد اللّه : {فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا} قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:

(شَهِيدا عَلَيْهِمْ ما دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وأنْتَ على كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).

٧٦٣٥ـ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن المسعودي، عن القاسم: أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال لابن مسعود: (اقْرأْ عَليّ!) قال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: (أنّي أُحِبّ أنْ أسَمعه مِنْ غيرِي)

قال: فقرأ ابن مسعود النساء، حتى بلغ: {فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا} قال: قال استعبر النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، وكفّ ابن مسعود. قال المسعودي: فحدثني جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه: أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، قال:

(شَهِيدا عَلَيْهِمْ ما دُمْتُ فِيهِمْ، فإذَا تَوَفّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وأنْتَ على كُلْ شَيْءٍ شَهِيدٌ).

﴿ ٤١