٥٩

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّه ... }.

يعني بذلك جلّ ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه ربكم فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، وأطيعوا رسوله محمدا صلى اللّه عليه وسلم، فإن في طاعتكم إياه لربكم طاعة، وذلك أنكم تطيعونه لأمر اللّه إياكم بطاعته. كما:

٧٨٧١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (مَنْ أطاعَنِي فَقَدْ أطاعَ اللّه وَمَنْ أطاعَ أمِيري فَقَدْ أطاعَنِي، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللّه وَمَنْ عَصَا أمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي).

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ}

فقال بعضهم: ذلك أمر من اللّه باتباع سنّته. ذكر من قال ذلك:

٧٨٧٢ـ حدثنا المثنى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء، في قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ} قال: طاعة الرسول: اتّباع سنته.

حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا يعلى بن عبيد، عن عبد الملك، عن عطاء: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ} قال: طاعة الرسول: اتباع الكتاب والسنة.

وحدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الملك، عن عطاء، مثله.

وقال آخرون: ذلك أمر من اللّه بطاعة الرسول في حياته. ذكر من قال ذلك:

٧٨٧٣ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ} إن كان حيّا.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: هو أمر من اللّه بطاعة رسوله في حياته فيما أمر ونهى، وبعد وفاته في اتباع سنته¹ وذلك أن اللّه عمّ بالأمر بطاعته ولم يخصص ذلك في حال دون حال، فهو على العموم حتى يخصّ ذلك ما يجب التسليم له.

واختلف أهل التأويل في أولي الأمر الذين أمر اللّه عباده بطاعتهم في هذه الاَية، فقال بعضهم هم الأمراء. ذكر من قال ذلك:

٧٨٧٤ـ حدثني أبو السائب سلم بن جنادة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة في قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولى الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: هم الأمراء.

٧٨٧٥ـ حدثنا الحسن بن الصباح البزار، قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ}، نزلت في رجل بعثه النبيّ صلى اللّه عليه وسلم على سرية.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبيد اللّه بن مسلم بن هرمز، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن هذه الاَية نزلت في عبد اللّه بن حذافة بن قيس السهمي إذ بعثه النبيّ صلى اللّه عليه وسلم في السرية.

٧٨٧٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، قال: سأل مسلمة ميمون بن مهران، عن قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولى الأمْره مِنْكُمْ} قال: أصحاب السرايا على عهد النبيّ صلى اللّه عليه وسلم.

٧٨٧٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولي الأمْر مِنْكُمْ} قال: قال أبي: هم السلاطين

قال: وقال ابن زيد في قوله: {وأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال أبي: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (الطّاعَة الطّاعة! وفي الطّاعَةِ بلاءٌ)

وقال: (ولو شَاء اللّه لَجَعَلَ الأَمْرَ في الأنْبِيَاءِ)، يعني: لقد جعل إليهم والأنبياء معهم، ألا ترى حين حكموا في قتل يحيـى بن زكريا؟.

٧٨٧٨ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، حدثنا أسباط، عن السديّ: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولى الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سرية عليها خالد ابن الوليد، وفيها عمار بن ياسر، فساروا قَبِلَ القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريبا منهم عَرّسوا، وأتاهم ذو العيينتين، فأخبرهم فأصبحوا وقد هربوا غير رجل أمر أهله، فجمعوا متاعهم. ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل، حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر فأتاه،

فقال: يا أبا اليقظان، إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا عبده ورسوله، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدا وإلا هربت؟ قال عمار: بل هو ينفعك، فأقم! فأقام. فلما أصبحوا أغار خالد، فلم يجد أحدا غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله، فبلغ عمارا الخبر، فأتى خالدا فقال: خلّ عن الرجل فإنه قد أسلم، وهو في أمان مني! فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستّبا وارتفعا إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فأحاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير. فاستّبا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال خالد: يا رسول اللّه أتترك هذا العبد الأجدع يسبني؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يا خالِدُ لا تَسُبّ عَمّارا، فإنّهُ مَنْ سَبّ عَمّارا سَبّهُ اللّه ، وَمَنْ أبْغَضَ عَمّارا أبْغَضَهُ اللّه ، وَمَنْ لَعَنَ عَمّارا لَعَنَهُ اللّه ). فغضب عمار، فقام فتبعه خالد حتى أخذ بثوبه فاعتذر إليه، فرضي عنه، فأنزل اللّه تعالى قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولى الأمْرِ مِنْكُمْ}.

وقال آخرون: هم أهل العلم والفقه. ذكر من قال ذلك:

٧٨٧٩ـ حدثني سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن عليّ بن صالح، عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد اللّه ..

قال: حدثنا جابر بن نوح، عن الأعمش، عن مجاهد، في قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولى الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: أولي الفقه منكم.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا ليث، عن مجاهد، في قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولي الأمْر مِنْكُمْ} قال: أولي الفقه والعلم.

٧٨٨٠ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح: {وأُولي الأمْر مِنْكُمْ} قال: أولي الفقه في الدين والعقل.

حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

٧٨٨١ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ} يعني: أهل الفقه والدين.

حدثني أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن حصين، عن مجاهد: {وأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: أهل العلم.

٧٨٨٢ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء بن السائب في قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: أولي العلم والفقه.

حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، عن عبد الملك، عن عطاء: {وأُولي الأمْر مِنْكُمْ} قال: الفقهاء والعلماء.

٧٨٨٣ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الحسن، في قوله: {وأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: هم العلماء.

٧٨٨٤ـ قال: وأخبرنا عبد الرزاق، عن الثّوْرِيّ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: {وَأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: هم أهل الفقه والعلم.

٧٨٨٥ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: {وأولي الأمْر مِنْكُمْ} قال: هم أهل العلم، ألا ترى أنه

يقول: {وَلَوْ رَدّوهُ إلى الرّسُولِ وَإلى أُولِي الأمْر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الّذِينَ يَسْتَنْبطُونَهُ مِنْهُمْ}؟.

وقال آخرون: هم أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم. ذكر من قال ذلك:

٧٨٨٦ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {أطِيعُوا اللّه وأطيعُوا الرّسُولَ وَأُولي الأمْر مِنْكُمْ} قال: كان مجاهد

يقول: أصحاب محمد

قال: وربما قال: أولي الفضل والفقه ودين اللّه .

وقال آخرون: هم أبو بكر وعمر رضي اللّه عنه. ذكر من قال ذلك:

٧٨٨٧ـ حدثنا أحمد بن عمرو البصري، قال: حدثنا حفص بن عمر العدني، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة: {أطِيعُوا اللّه وأطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولي الأمْرِ مِنْكُمْ} قال: أبو بكر وعمر.

وأوْلَي الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الأمراء والولاة، لصحة الأخبار عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة وللمسلمين مصلحة. كالذي:

٧٨٨٨ـ حدثني عليّ بن مسلم الطوسي قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: ثني عبد اللّه بن محمد بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم:

(سيَليكُمْ بَعْدِي وُلاةٌ، فَيَلِيكُمْ البَرّ بِبرّة والفَاجِرِ بِفُجُوره، فاسمَعُوا لَهُمْ وأطِيعُوا فِي كلّ ما وَافَقَ الحَقّ، وَصَلّوا وَرَاءَهُمْ فإنْ أحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ، وَإنْ أساءوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ).

٧٨٨٩ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا يحيـى عن عبيد اللّه ، قال: أخبرني نافع، عن عبد اللّه ، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، قال:

(على المَرْء المُسْلِم الطّاعَةُ فِيما أحَبّ وكَرهَ، إلاّ أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصَيَةٍ فَمَنْ أُمرَ بِمَعْصِيَةِ فَلا طاعَةَ).

حدثني ابن المثنى، قال: ثني خالد عن عبيد اللّه ، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، نحوه.

فإذا كان معلوما أنه لا طاعة واجبة لأحد غير اللّه أو رسوله أو إمام عادل، وكان اللّه قد أمر بقوله: {أطِيعُوا اللّه وأطِعُوا الرّسُولَ وأولي مِنْكُمْ} بطاعة ذوي أمرنا، كان معلوما أن الذين أمر بطاعتهم تعالى ذكره من ذوي أمرنا هم الأئمة ومن ولاّه المسلمون دون غيرهم من الناس، وإن كان فرضا القبول من كل من أمر بترك معصية اللّه ، ودعا إلى طاعة اللّه ، وأنه لا طاعة تجب لأحد فيما أمر ونهى فيما لم تقم حجة وجوبه إلا للأئمة الذين ألزم اللّه عباده طاعتهم فيما أمروا به رعيتهم مما هو مصلحة لعامة الرعية، فإنّ على من أمروه بذلك طاعتهم، وكذلك في كل ما لم يكن لله معصية. وإذ كان ذلك كذلك كان معلوما بذلك صحة ما اخترنا من التأويل دون غيره.

القول في تأويل قوله تعالى: {فإنْ تَنازَعْتمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إلى اللّه وَالرّسُولِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ باللّه وَاليَوْم الاَخِرِ}.

يعني بذلك جلّ ثناؤه: فإن اختلفتم يها المؤمنون في شيء من أمر دينكم أنتم فيما بينكم أو أنتم وولاة أمركم فاشتجرتم فيه، {فَردّوهُ إلَى اللّه } يعني بذلك: فارتادوا معرفة حكم الذي اشتجرتم أنتم بينكم أو انتم وأولو أمركم من عند اللّه ، يعني بذلك: من كتاب اللّه ، فاتبعوا ما وجدتموأما قوله: {وَالرّسولِ} فإنه

يقول: فإن تجدوا إلى علم ذلك في كتاب اللّه سبيلاً، فارتادوا معرفة ذلك أيضا من عند الرسول إن كان حيّا وإن كان ميتا، فمن سنته: {إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ باللّه وَاليَوْم الاَخِر}

يقول: افعلوا ذلك إن كنتم تصدّقون باللّه واليوم الاَخر. يعني: بالمعاد الذي فيه الثواب والعقاب، فإنكم إن فعلتم ما أمرتم به من ذلك فلكم من اللّه الجزيل من الثواب، وإن لم تفعلوا ذلك فلكم الأليم من العقاب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٧٨٩٠ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا ليث عن مجاهد، في قوله: {فإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُوهُ إلى اللّه وَالرّسُولِ} قال: فإن تنازع العلماء ردّوه إلى اللّه والرسول

قال:

يقول: فردّوه إلى كتاب اللّه وسنة رسوله. ثم قرأ مجاهد هذه الاَية: {وَلَوْ رَدّوه إلى الرّسولِ وإلَى أُولي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَه الّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَه مِنْهُمْ}.

٧٨٩١ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد في قوله: {فَرُدّوهُ إلى اللّه وَالرّسُول} قال: كتاب اللّه وسنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم.

حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ليث، عن مجاهد في قوله: {فَرُدّوهُ إلى اللّه وَالرّسُولِ} قال: إلى اللّه إلى كتابه، وإلى الرسول: إلى سنة نبيه.

٧٨٩٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، قال: سأل مسلمة ميمون بن مهران عن قوله: {فإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوه إلى اللّه والرّسُول} قال: (اللّه ): كتابه و(رسوله): سنته. فكأنما ألقمه حجرا.

٧٨٩٣ـ حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: أخبرنا جعفر بن مروان، عن ميمون بن مهران: {فإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إلى اللّه وَالرّسُولِ} قال: الردّ إلى اللّه : الردّ إلى كتابه، والردّ إلى رسوله إن كان حيّا، فإن قبضه اللّه إليه فالردّ إلى السنة.

٧٨٩٤ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {فإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إلى اللّه والرّسُولِ}

يقول: ردّوه إلى كتاب اللّه وسنة رسوله {إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ باللّه وَاليَوْمِ الاَخِرِ}.

٧٨٩٥ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {فإنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدّوهُ إلى اللّه وَالرّسُولِ} إن كان الرسول حيّا، و{إلَى اللّه } قال: إلى كتابه.

القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلاً}.

يعني بقوله جلّ ثناؤه: {ذَلِكَ} فردّ ما تنازعتم فيه من شيء إلى اللّه والرسول، خير لكم عند اللّه في معادكم، وأصلح لكم في دنياكم، لأن ذلك يدعوكم إلى الألفة، وترك التنازع والفرقة. {وأحْسَنُ تَأْويلاً} يعني: وأحمدُ موئلاً ومغبة، وأجمل عاقبة. وقد بينا فيما مضى أن التأويل: التفعيل من تأوّل، وأن قول القائل تأوّل: تفعّل، من قولهم آل هذا الأمر إلى كذا: أي رجع¹ بما أغنى عن إعادته.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٧٨٩٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {وأحْسَنُ تَأْوِيلاً} قال: حسن جزاء.

حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

٧٨٩٧ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة:{ذَلِكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْوِيلاً}

يقول: ذلك أحسن ثوابا وخير عاقبه.

٧٨٩٨ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {وأحْسَنُ تَأُويلاً} قال: عاقبة.

٧٨٩٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ وأحْسَنُ تَأْويلاً} قال: وأحسن عاقبة

قال: والتأويل: التصديق.

﴿ ٥٩