٧٢القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنّ مِنْكُمْ لَمَن لّيُبَطّئَنّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّه عَلَيّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مّعَهُمْ شَهِيداً }. وهذا نعت من اللّه تعالى ذكره للمنافقين، نعتهم لنبيه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ووصفهم بصفتهم، فقال: {وإنّ مِنْكُمْ} أيها المؤمنون، يعني: من عدادكم وقومكم ومن يتشبه بكم ويظهر أنه من أهل دعوتكم وملتكم، وهو منافق يبطىء من أطاعه منكم عن جهاد عدوّكم وقتالهم إذا أنتم نفرتم إليهم. {فإنْ أصَابَتْكُمْ مُصِيَبةٌ} يقول: فإن أصابتكم هزيمة، أو نالكم قتل أو جراح من عدوّكم، قال: قد أنعم اللّه عليّ إذ لم أكن معهم شهيدا، فيصيبني جراح أو ألم أو قتل، وسرّه تخلفه عنكم شماتة بكم، لأنه من أهل الشكّ في وعد اللّه الذي وعد المؤمنين على ما نالهم في سبيله من الأجر والثواب وفي وعيده، فهو غير راج ثوابا ولا خائف عقابا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٧٩٣٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {وَإنّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطّئَنّ فَإنْ أصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ}.. إلى قوله: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أجْرا عَظِيما} ما بين ذلك في المنافقين. حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. ٧٩٣٦ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {وَإنّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطّئَنّ} عن الجهاد والغزو في سبيل اللّه . {فَإنْ أصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قال قَدْ أنْعَمَ اللّه عليّ إذْ لَمْ أكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدا} قال: هذا قول مكذّبٍ. ٧٩٣٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج: المنافق يبطىء المسلمين عن الجهاد في سبيل اللّه ، قال اللّه : {فَإنْ أصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} قال: بقتل العدوّ من المسلمين، {قَالَ قَدْ أنْعَمَ اللّه عَليّ إذْ لَمْ أكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدا} قال: هذا قول الشامت. ٧٩٣٨ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {فَإنْ أصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} قال: هزيمة. ودخلت اللام في قوله {لَمَنْ} وفتحت لأنها اللام التي تدخل توكيدا للخبر مع (إن)، كقول القائل: إن في الدار لمن يكرمك، وأما اللام الثانية التي في: {لَيُبَطّـَئَنّ} فدخلت لجواب القسم، كأن معنى الكلام: وإن منكم أيها القوم لمن واللّه لبطئن. |
﴿ ٧٢ ﴾