٩٣

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مّتَعَمّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنّمُ ...}.

يعني بذلك جلّ ثناؤه: ومن يقتل مؤمنا عامدا قتله، مريدا إتلاف نفسه، {فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ}

يقول: فثوابه من قتله إياه جهنم، يعني: عذاب جهنم، {خَالدا فيها} يعني: باقيا فيها. والهاء والألف في قوله: (فيها) من ذكر جهنم. {وَغَضبَ اللّه عَلَيْهِ}

يقول: وغضب اللّه بقتله إياه متعمدا، {وَلَعَنَهُ}

يقول: وأبعده من رحمته وأخزاه وأعدّ له عذابا عظيما، وذلك ما لا يعلم قدر مبلغه سواه تعالى ذكره.

واختلف أهل التأويل في صفة القتل الذي يستحقّ صاحبه أن يسمّى متعمدا بعد إجماع جميعهم على أنه إذا ضرب رجل رجلاً بحدّ حديد يجرح بحدّه، أو يَبْضَع ويقطع، فلم يقلع عنه ضربا به، حتى أتلف نفسه، وهو في حال ضربه إياه به قاصد ضربه أنه عامد قتله. ثم اختلفوا فيما عدا ذلك،

فقال بعضهم: لا عمد إلا ما كان كذلك على الصفة التي وصفنا. ذكر من قال ذلك:

٨١٣٦ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: العمد: السلاح ـ أو قال: الحديد قال: وقال سعيد بن المسيب: هو السلاح.

٨١٣٧ـ حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم، قالا: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: العمد ما كان بحديدة، وما كان بدون حديدة فهو شبه العمد، لا قود فيه.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: العمد ما كان بحديدة، وشبه العمد: ما كان بخشبة، وشبه العمد لا يكون إلا في النفس.

٨١٣٨ـ حدثني أحمد بن حماد الدولابي، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو، عن طاوس، قال: من قتل في عصبية في رمي يكون منهم بحجارة أو جلد بالسياط أو ضرب بالعصيّ فهو خطأ ديته دية الخطأ، ومن قتل عمدا فهو قود يديه.

٨١٣٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير ومغيرة، عن الحارث وأصحابه في الرجل يضرب الرجل فيكون مريضا حتى يموت، قال: أسأل الشهود أنه ضربه، فلم يزل مريضا من ضربته حتى مات، فإن كان بسلاح فهو قود، وإن كان بغير ذلك فهو شبه العمد.

وقال آخرون: كل ما عمد الضارب إتلاف نفس المضروب فهو عمد، إذا كان الذي ضرب به الأغلب منه أنه يقتل. ذكر من قال ذلك:

٨١٤٠ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يحيـى، عن حبان بن أبي جبلة عن عبيد بن عمير، أنه قال: وأيّ عمد هو أعمد من أن يضرب رجلاً بعصا ثم لا يقلع عنه حتى يموت.

٨١٤١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن إبراهيم، قال: إذا خنقه بحبل حتى يموت أو ضربه بخشبة حتى يموت فهو القود.

وعلة من قال كلّ ما عدا الحديد خطأ، ما:

٨١٤٢ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن أبي عازب، عن النعمان بن بشير، قال: قال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: (كُلّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلاّ السّيْفَ، وَلِكُلّ خَطَأٍ أرْشٌ).

وعلة من قال: حكم كلّ ما قتل المضروب به من شيء حكم السيف من أن من قتل به قتيل عمد، ما:

٨١٤٣ـ حدثنا به ابن بشار، قال: حدثنا أبو الوليد، قا: حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أن يهوديّا قتل جارية على أوضاح لها بين حجرين، فأتى به النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فقتله بين حجرين.

قالوا: فأقاد النبيّ صلى اللّه عليه وسلم من قاتل بحجر وذلك غير حديد.

قالوا: وكذلك حكم كلّ من قتل رجلاً بشيء الأغلب منه أنه يقتل مثل المقتول به، نظير حكم اليهودي القاتل الجارية بين الحجرين.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال: كل من ضرب إنسانا بشيء الأغلب منه أنه يتلفه، فلم يقلع عنه حتى أتلف نفسه به أنه قاتل عمد ما كان المضروب به من شيء¹ للذي ذكرنا من الخبر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

وأما قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ خالِدا فِيها} فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه،

فقال بعضهم: معناه: فجزاؤه جهنم إن جازاه. ذكر من قال ذلك:

٨١٤٤ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ} قال: هو جزاؤه، وإن شاء تجاوز عنه.

٨١٤٥ـ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد اللّه ، قال: حدثنا شعبة، عن يسار، عن أبي صالح: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ} قال: جزاؤه جهنم إن جازاه.

وقال آخرون: عُني بذلك رجل بعينه كان أسلم، فارتدّ عن إسلامه وقتل رجلاً مؤمنا¹

قالوا: فمعنى الاَية: ومن يقتل مؤمنا متعمدا مستحلاّ قتله، فجزاؤه جهنم خالدا فيها. ذكر من قال ذلك:

٨١٤٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: أن رجلاً من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبيّ صلى اللّه عليه وسلم الدية قبلها، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله. قال ابن جريج وقال غيره: ضرب النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ديته على بني النجار، ثم بعث مِقْيَسا وبعث معه رجلاً من بني فهر في حاجة للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم، فاحتمل مقيس الفهري وكان أيّدا، فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، ثم أُلفي يتغنى:

قَتَلْتُ بِهِ فِهْرا وَحَمّلْتُ عَقْلَهُسَرَاةَ بني النّجّار أرْبابِ فارعِ

فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم: (أظُنّهُ قَدْ أحْدَثَ حَدَثا، أمَا وَاللّه لَئِنْ كانَ فَعَلَ لا أُؤَمّنُهُ فِي حِلّ وَلا حَرَمٍ، وَلا سِلْمٍ وَلا حَرْبٍ) فقتل يوم الفتح¹ قال ابن جريج: وفيه نزلت هذه الاَية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا}.. الاَية.

وقال آخرون: معنى ذلك: إلا من تاب. ذكر من قال ذلك:

٨١٤٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، قال: ثني سعيد بن جبير، أو حدثني الحكم، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ} قال: إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم، ولا توبة له. فذكرت ذلك لمجاهد،

فقال: إلا من ندم.

وقال آخرون: ذلك إيجاب من اللّه الوعيد لقاتل المؤمن متعمدا كائنا من كان القاتل، على ما وصفه في كتابه، ولم يجعل له توبة من فعله.

قالوا: فكلّ قاتل مؤمن عمدا فله ما أوعده اللّه من العذاب والخلود في النار، ولا توبة له. و

قالوا: نزلت هذه الاَية بعد التي في سورة الفرقان. ذكر من قال ذلك:

٨١٤٨ـ حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: حدثنا جرير، عن يحيـى الجاري، عن سالم بن أبي الجعد، قال: كنا عند ابن عباس بعد ما كفّ بصره، فأتاه رجل فناداه: يا عبد اللّه بن عباس ما ترى في رجل قتل مؤمنا متعمدا؟ فقال: جزاؤه جهنم خالدا فيها، وغضب اللّه عليه ولعنه، وأعدّ له عذابا عظيما

قال: أفرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال ابن عباس: ثكلته أمه، وأني له التوبة والهدي، فوالذي نفسي بيده لقد سمعت نبيكم صلى اللّه عليه وسلم

يقول: (ثَكِلَتْهُ أُمّهُ! رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلاً مُتَعَمّدا، جاءَ يَوْمَ القِيامَة آخِذا بِيَمِينِه أوْ بِشِمالِهِ، تَشْخُبُ أوْدَاجُهُ دَما، فِي قُبُلِ عَرْشِ الرّحْمَنِ، يَلْزَمُ قاتِلَهُ بِيَدِهِ الأُخْرَى

يقولُ: سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَتَنِي). والذي نفسي عبد اللّه بيده لقد أنزلت هذه الاَية فما نسختها من آية حتى قُبِض نبيكم صلى اللّه عليه وسلم، وما نزل بعدهما من برهان.

٨١٤٩ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو خالد، عن عمرو بن قيس، عن يحيـى بن الحارث التيمي، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ خالِدا فِيها وَغَضِبَ اللّه عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وأعَدّ لَهُ عَذَابا عَظِيما} فقيل له: وإن تاب وآمن وعمل صالحا؟ فقال: وأنّى له التوبة!.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا موسى بن داود، قال: حدثنا همام عن يحيـى، عن رجل، عن سالم، قال كنت جالسا مع ابن عباس، فسأله رجل فقال: أرأيت رجلاً قتل مؤمنا متعمدا أين منزله؟ قال: جهنم خالدا فيها، وغضب اللّه عليه ولعنه، وأعدّ له عذابا عظيما

قال: أفرأيت إن هو تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال: وأنّي له الهدى ثكلته أمه! والذي نفسي بيده لسمعته يقول ـ يعني النبيّ صلى اللّه عليه وسلم :

(يَجِيءُ يَوْمَ القِيامَةِ مُعَلّقا رأسُهُ باحْدَى يَدَيْهِ، إمّا بِيَمِينِهِ أوْ بِشِمَالِهِ، آخِذا صَاحِبَهُ بِيَدِهِ الأُخْرَى تَشْخُبُ أوْدَاجُهُ حِيالَ عَرْضِ الرّحْمَنِ

يَقُولُ: يا رَبّ سَلْ عَبْدَكَ هَذَا عَلامَ قَتَلَنِي؟) فما جاء نبيّ بعد نبيكم، ولا نزل كتاب بعد كتابكم.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا قبيصة، قال: حدثنا عمان بن زريق، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس بنحوه، إلا أنه قال في حديثه: فواللّه لقد أنزلت على نبيكم ثم ما نسخها شيء، ولقد سمعته

يقول: {وَيْلٌ لِقاتِلِ المُؤْمِنِ، يَجِيءُ يَوْمَ القِيامَة آخِذا رأسَهُ بِيَدِهِ} ثم ذكر الحديث نحوه.

٨١٥٠ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أي عديّ، عن سعيد، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، قال: قال لي عبد الرحمن بن أبزي: سئل ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ} فقال: لم ينسخها شيء.

وقال في هذه الاَية: {وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّه إلها آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّه إلاّ بالحَقّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثاما} قال: نزلت في أهل الشرك.

حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن سعيد بن جبير قال: أمرني عبد الرحمن بن أبزي أن أسأل ابن عباس عن هاتين الاَيتين، فذكر نحوه.

٨١٥١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا طلق بن غنام، عن زائدة، عن منصور، قال: حدثني سعيد بن جبير، أو حُدثت عن سعيد بن جبير، أن عبد الرحمن بن أبزي أمره أن يسأل ابن عباس عن هاتين الاَيتين التي في النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ}... إلى آخر الاَية، والتي في الفرقان: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أثاما}.. إلى: {وَيخْلُدْ فِيهِ مُهانا} قال ابن عباس: إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ثم قتل مؤمنا متعمدا فلا توبة لهوأما التي في الفرقان، فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة: فقد عدلنا باللّه وقتلنا النفس التي حرّم اللّه بغير الحقّ وأتينا الفواحش، فما ينفعنا الإسلام؟ قال: فنزلت {إلاّ مَنْ تابَ}.. الاَية.

٨١٥٢ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ} قال: ما نسخها شيء.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا شعبة، عن المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: هي من آخر ما نزلت ما نسخها شيء.

حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جبير، قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فدخلت إلى ابن عباس فسألته،

فقال: لقد نزلت في آخر ما نزل من القرآن وما نسخها شيء.

٨١٥٣ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا آدم العسقلاني، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو إياس معاوية بن قرّة، قال: أخبرني شهر بن حوشب، قال: سمعت ابن عباس

يقول: نزلت هذه الاَية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّم} بعد قوله: {إلاّ مَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا} بسنة.

حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا سلم بن قتيبة، قال: حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرّة، عن ابن عباس، قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ} قال: نزلت بعد: {إلاّ مَنْ تَابَ} بسنة.

حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو إياس، قال: ثني من سمع ابن عباس

يقول: في قاتل المؤمن نزلت بعد ذلك بسنة، فقلت لأبي إياس: من أخبرك؟ فقال: شهر بن حوشب.

٨١٥٤ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن أبي حصين، عن سعيد، عن ابن عباس في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا} قال: ليس لقاتل توبة إلا أن يستغفر اللّه .

٨١٥٥ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني عمي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا}.. الاَية، قال عطية: وسئل عنها ابن عباس، فزعم أنها نزلت بعد الاَية التي في سورة الفرقان بثمان سنين، وهوقوله: {وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّه إلها آخَرَ}.. إلى قوله: {غَفُورا رَحِيما}.

٨١٥٦ـ حدثنا ابن وكيع،قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن مطرف، عن أبي السفر، عن ناجية، عن ابن عباس، قال: هما المبهمتان: الشرك، والقتل.

٨١٥٧ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: أكبر الكبائر: الإشراك باللّه وقتل النفس التي حرّم اللّه ¹ لأن اللّه سبحانه

يقول: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ خالِدا فِيها وَغَضِبَ اللّه عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وأعَدّ لَهُ عَذَابا عَظِيما}.

٨١٥٨ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن بعض أشياخه الكوفيين، عن الشعبي، عن مسروق، عن ابن مسعود في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ} قال: إنها لمحكمة، وما تزداد إلا شدة.

٨١٥٩ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: ثني هياج بن بسطام، عن محمد بن عمرو، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت، قال: نزلت سورة النساء بعد سورة الفرقان بستة أشهر.

٨١٦٠ـ حدثنا ابن البرقي قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، قال: ثني أبو صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جبير، قا: قال ابن عباس: يأتي المقتول يوم القيامة آخذا رأسه بيمينه وأوداجه تشخب دما،

يقول: يا ربّ دمي عند فلان! فيؤخذان فيسندان إلى العرش، فما أدري ما يقضي بينهما. ثم نزع بهذه الاَية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ خالِدا فِيها}.. الاَية. قال ابن عباس: والذي نفسي بيده ما نسخها اللّه جلّ وعزّ منذ أنزلها على نبيكم عليه الصلاة والسلام.

٨١٦١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يحيـى بن آدم، عن ابن عيينة، عن أبي الزناد، قال: سمعت رجلاً يحدّث خارجة بن زيد بن ثابت، عن زيد بن ثابت، قال: سمعت أباك

يقول: نزلت الشديدة بعد الهينة بسنة أشهر، قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا}.. إلى آخر الاَية، بعد قوله: {وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّه إلها آخَرَ}.. إلى آخر الاَية.

حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، قال: سمعت رجلاً يحدّث خارجة بن زيد، قال: سمعت أباك في هذا المكان بمني

يقول: نزلت الشديدة بعد الهينة، قال: أراه بستة أشهر، يعني: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا} بعد: {إنّ اللّه لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ}.

٨١٦٢ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم، قال: ما نسخها شيء منذ نزلت، وليس له توبة.

قال أبو جعفر: وأولى القول في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه إنْ جزاه جهنم خالدا فيها، ولكنه يعفو أو يتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله، فلا يجازيهم بالخلود فيها، ولكنه عزّ ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار، وإما أن يدخله إياها ثم يخرجه منها بفضل رحمته لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله: {يا عِبادِيَ الّذِينَ أسْرَفُوا على أنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّه إنّ اللّه يَغْفِرُ الذّنُوبَ جَمِيعا}.

فإن ظنّ ظانّ أن القاتل إن وجب أن يكون داخلاً في هذه الاَية، فقد يجب أن يكون المشرك داخلاً فيه، لأن الشرك من الذنوب، فإن اللّه عزّ ذكره قد أخبر أنه غير غافر الشرك لأحد بقوله: {إنّ اللّه لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} والقتل دون الشرك.

﴿ ٩٣