٩٩

فقال: {أولَئِكَ عَسَى اللّه أنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وكانَ اللّه عَفُوّا غَفُورا} قال: وكان ابن عباس

يقول: كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.

٨٢١٠ـ حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، قال: حدثنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {إنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسهِمْ}.. الاَية، قال: أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلم يخرجوا معه إلى المدينة، وخرجوا مع مشركي قريش إلى بدر، فأصيبوا يومئذ فيمن أصيب، فأنزل اللّه فيهم هذه الاَية.

٨٢١١ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: سألته، يعني ابن زيد، عن قول اللّه : {إنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسهِمْ} فقرأ حتى بلغ: {إلاّ المُسْتَضْعَفينَ مِنَ الرّجالِ وَالنّساءِ والوِلْدَان} فقال: لما بعث النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وظهر ونَبَع الإيمان نَبَع النفاق منه، فأتى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجالٌ،

فقالوا: يا رسول اللّه ، لولا أنّا نخاف هؤلاء القوم يعذبوننا ويفعلون ويفعلون لأسلمنا، ولكنا نشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأنك رسول اللّه ! فكانوا يقولون ذلك له. فلما كان يوم بدر قام المشركون،

فقالوا: لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحنا ماله! فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم معهم، فقتلت طائفة منهم وأسرت طائفة

قال: فأما الذين قتلوا فهم الذين قال اللّه فيهم: {إنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنْفُسهِمْ}.. الاَية كلها {ألمْ تكُن أرضُ اللّه واسعةً فتهاجرُوا فيهَا} وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم {أولئكَ مَأواهُم جَهَنمُ وساءَتْ مَصيرا}

قال: ثم عذر اللّه أهل الصدق فقال: {إلاّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجالِ وَالنّساءِ وَالولْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا، فأولئك عسى اللّه أن يعفو عنهم إقامتهم بين ظهري المشركين

وقال الذين أسروا: يا رسول اللّه إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه ، وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا! فقال اللّه : {يا أيّها النّبِيّ قُلْ لِمَنْ فِي أيْدِيكُمْ مِنَ الأسْرَى إن يَعْلَمِ اللّه فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرا يُؤْتِكُمْ خَيْرا ممّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرُ لَكُمْ} صنيعكم الذي صنعتم بخروجكم مع المشركين على النبيّ صلى اللّه عليه وسلم {وَإنْ يُريدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللّه مِنْ قَبْلُ} خرجوا مع المشركين {فأمْكنَ مِنهُم واللّه عَليمٌ حَكيمٌ}.

٨٢١٢ـ حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثني أبي، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن عبد اللّه بن أبي مليكة عن ابن عباس: أنه قال: كنت أنا وأمي ممن عذر اللّه إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.

٨٢١٣ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يحيـى بن آدم، عن شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: {إلاّ الُمسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجالِ وَالنّساءِ وَالولْدَانِ} قال ابن عباس: أنا من المستضعفين.

٨٢١٤ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {ظالِمِي أنْفُسهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} قال: من قتل من ضعفاء كفار قريش يوم بدر.

حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.

حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عبد اللّه بن أبي يزيد، قال: سمعت ابن عباس

يقول: كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان.

٨٢١٥ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، عن عليّ بن زيد، عن عبد اللّه أو إبراهيم بن عبد اللّه القرشي، عن أبي هريرة: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو في دبر صلاة الظهر: (اللّه مّ خَلّصِ الَولِيدَ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشامٍ وَعَيّاشَ بْنَ أبي رَبِيعَةَ وَضَعَفَةَ المُسْلِمِينَ مِنْ أيْدِي المُشْرِكِينَ الّذِينَ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً).

٨٢١٦ـ حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} قال: مؤمنون مستضعفون بمكة، فقال فيهم أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم: هم بمنزلة هؤلاء الذين قتلوا ببدر ضعفاء مع كفار قريش. فأنزل اللّه فيهم: {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}.. الاَية.

حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه.

وأما قوله: {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} فإن معناه كما:

٨٢١٧ـ حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة في قوله: {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} قال: نهوضا إلى المدينة¹ {وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}: طريقا إلى المدينة.

٨٢١٨ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}: طريقا إلى المدينة.

حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

٨٢١٩ـ حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: الحيلة: المال، والسبيل: الطريق إلى المدينة.

وأما قوله: {إنّ الّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ} ففيه وجهان: أحدهما أن يكون (توفاهم) في موضع نصب بمعنى المضيّ، لأن (فَعَلَ) منصوبة في كلّ حال. والاَخر أن يكون في موضع رفع بمعنى الاستقبال، يراد به: إن الذين تتوفاهم الملائكة. فتكون إحدى التاءين من توفاهم محذوفة، وهي مرادة في الكلمة، لأن العرب تفعل ذلك إذا اجتمعت تاءان في أوّل الكلمة ربما حذفت إحداهما وأثبتت الأخرى، وربما أثبتتهما جميعا.

﴿ ٩٩