١١٥

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرّسُولَ مِن بَعْدِ ...}.

يعني جل ثناؤه بقوله: {وَمَنْ يُشاقِق الرّسُولَ}: ومن يباين الرسول محمدا صلى اللّه عليه وسلم معاديا له، فيفارقه على العداوة له¹ {مِنْ بَعْدِ ما تَبَيّنَ لَهُ الهُدَى} يعني: من بعد ما تبين له أن رسول اللّه ، وأن ما جاء به من عند اللّه يهدى إلى الحقّ، وإلى طريق مستقيم. {وَيَتّبِعْ غيرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ}

يقول: ويتبع طريقا غير طريق أهل التصديق، ويسلك منهاجا غير منهاجهم، وذلك هو الكفر بالله، لأن الكفر باللّه ورسوله غير سبيل المؤمنين وغير منهاجهم. {نُوَلّهِ ما تَوَلىّ}

يقول: نجعل ناصره ما استنصره واستعان به من الأوثان والأصنام، وهي لا تغنيه ولا تدفع عنه من عذاب اللّه شيئا ولا تنفعه. كما:

٨٣٢٤ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {نُوَلّهِ ما تَوَلى} قال: من آلهة الباطل.

حدثني ابن المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. {وَنُصْلِهِ جَهَنّمَ} يقوله: ونجعله صِلأ نار جهنم، يعني نحرقه بها، وقد بينا معنى الصّلَى فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. {وَساءَتْ مَصيرا}

يقول: وساءت جهنم مصيرا: موضعا يصير إليه من صار إليه. ونزلت هذه الاَية في الخائنين الذين ذكرهم اللّه في قوله: {وَلا تَكُنْ للخائِنِينَ خَصِيما} لما أبى التوبة من أبى منهم، وهو طعمة بن الأبيرق، ولحق بالمشركين من عبدة الأوثان بمكة مرتدّا مفارقا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ودينه.

﴿ ١١٥