١٢٩القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ...}. يعني جل ثناؤه بقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ}: لن تطيقوا أيها الرجال أن تسوّوا بين نسائكم وأزواجكم في حبهن بقلوبكم حتى تعدلوا بينهن في ذلك، مما لا تملكونه. وليس إليكم. {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} يقول: ولو حرصتم في تسويتكم بينهنّ في ذلك. كما: ٨٤٥٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوح حَرَصْتُمْ} قال: واجب أن لا تستطيعوا العدل بينهن. {فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ} يقول: فلا تميلوا بأهوائكم إلى من لم تملكوا محبته منهنّ كلّ الميل، حتى يحملكم ذلك على أن تجوروا على صواحبها في ترك أداء الواجب لهنّ عليكم من حقّ في القسم لهنّ، والنفقة عليهنْ، والعشرة بالمعروف. {فَتَذَرُها كالمُعَلّقَةِ} يقول: فتذروا التي هي سوى التي ملتم بأهوائكم إليها كالمعلقة، يعني: كالتي لا هي ذات زوج، ولا هي أيم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ما قلنا في قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوح حَرَصْتُمْ}: ٨٤٥٧ـ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءه وَلَوْ حَرَصْتُمْ} قال: بنفسه في الحبّ والجماع. حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن يونس، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} قال بنفسه. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا حفص، عن أشعث، وهشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: سألته عن قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} فقال: في الجماع. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة،قال: في الحبّ والجماع. ٨٤٥٨ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سهل، عن عمرو، عن الحسن: في الحبّ. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: في الحبّ والجماع. حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: قال أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أن تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} قال: في المودة، كأنه يعني الحبّ. ٨٤٥٩ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} يقول: لا تستطيع أن تعدل بالشهوة فيما بينهنّ ولو حرصت. ٨٤٦٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، وحدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول: اللهمّ أما قلبي فلا أملك، وأما سوى ذلك فأرجو أن أعدل. ٨٤٦١ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} يعني: في الحبّ والجماع. ٨٤٦٢ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، وحدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قالا جميعا: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: (اللّه مّ هَذَا قَسْمِي فِيما أمْلِكُ، فَلا تَلُمْنِي فِيما تَمْلِكُ وَلا أمْلِكُ). ٨٤٦٣ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا حسين بن عليّ، عن زائدة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة قال: نزلت هذه الاَية في عائشة: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ}. ٨٤٦٤ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك ، قال: في الشهوة والجماع. حدثنا ابن وكيع، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك ، قال: في الجماع. ٨٤٦٥ـ حدثنا عليّ بن سهل، قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء، قال: قال سفيان في قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} قال: في الحبّ والجماع. ٨٤٦٦ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} قال: ما يكون من بدنه وقلبه، فذلك شيء لا يستطيع يملكه. ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل}: ٨٤٦٧ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا ابن عون، عن محمد، قال: قلت لعبيدة: {فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ} قال: بنفسه. حدثنا سفيان، قال: حدثنا ابن علية، عن ابن عون، عن محمد، عن عبيدة، مثله. ٨٤٦٨ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة: {فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ} قال هشام: أظنه قال: في الحبّ والجماع. حدثني المثنى، قال: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة في قوله: {كُلّ المَيْلِ} قال: بنفسه. حدثنا بحر بن نصر الخولاني، قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: أخبرنا الأوزاعي، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة عن قول اللّه : {فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ} قال: بنفسه. ٨٤٦٩ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ} قال: في الغشيان والقسم. ٨٤٧٠ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ}: لا تَعَمّدوا الإساءة. حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغني عن مجاهد: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ} قال: يتعمد أن يسيء ويظلم. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. ٨٤٧١ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل} قال: هذا في العمل في مبيته عندها، وفيما تصيب من خيره. ٨٤٧٢ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السديّ: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل} يقول: يميل عليها فلا ينفق عليها، ولا يقسم لها يوما. ٨٤٧٣ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل} قال: يتعمد الإساءة، يقول: لا تميلوا كل الميل، قال: بلغني أنه الجماع. ٨٤٧٤ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: كان النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يقسم بين نسائه، فيعدل و يقول: (اللّه مّ هَذهِ قِسْمَتِي فِيما أمْلِكُ، فَلا تَلُمْنِي فِيما تَمْلِكُ وَلا أمْلِكُ). حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد اللّه بن يزيد، عن عائشة، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، بمثله. ٨٤٧٥ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن همام بن يحيـى، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، قال: (مَنْ كانَتْ لَهُ امْرأتانِ يَمِيلُ مَعَ إحْدَاهُمَا على الأُخْرَى جاءَ يَوْمَ القِيامَةِ أحَدُ شِقّيْهِ ساقِطٌ). ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ}: ٨٤٧٦ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} قال: تذروها لا هي أيّم، ولا ذات زوج. ٨٤٧٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيـى بن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} قال: لا أيما ولا ذات بعل. ٨٤٧٨ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن يمان، عن مبارك، عن الحسن¹ {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} قال: لا مطلقة، ولا ذات بعل. حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن، مثله. ٨٤٧٩ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ}: أي كالمحبوسة أو كالمسجونة. حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} قال: كالمسجونة. ٨٤٨٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام بن سلم، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} يقول: لا مطلقة، ولا ذات بعل. حدثني المثنى، قال: ثني إسحاق، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعد، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله: {فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} لا مطلقة، ولا ذات بعل. ٨٤٨١ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: بلغني عن مجاهد: {فَتَذَرُها كالمُعَلّقَةِ} قال: لا أيما، ولا ذات بعل. ٨٤٨٢ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} ليس بأيم، ولا ذات زوج. ٨٤٨٣ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي وأبو خالد وأبو معاوية، عن جويبر، عن الضحاك ، قال: لا تدعها، كأنها ليس لها زوج. ٨٤٨٤ـ حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقةِ} قال: لا أيّما، ولا ذات بعل. ٨٤٨٥ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} قال: المعلقة: التي ليست بمخلاّة ونفسها فتبتغي لها، وليست متهيئة كهيئة المرأة من زوجها، لا هي عند زوجها ولا مفارقة فتبتغي لنفسها، فتلك المعلقة. قال أبو جعفر: وإنما أمر اللّه جل ثناؤه بقوله: {فَلا تَميلُوا كُلّ المَيْلِ فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ} الرجال بالعدل بين أزواجهن فيما استطاعوا فيه العدل بينهنّ من القسمة بينهنّ والنفقة، وترك الجور في ذلك بإيثار أحداهنّ على الأخرى فيما فرض عليهم العدل بينهن فيه، إذ كان قد صفح لهم عما لا يطيقون العدل فيه بينهن، مما في القلوب من المحبة والهوى. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإنْ تُصْلِحُوا وَتَتّقُوا فإنّ اللّه كانَ غَفُورا رَحِيما}. يعني بذلك جلّ ثناؤه: وإن تصلحوا أعمالكم أيها الناس، فتعدلوا في قسمكم بين أزواجكم وما فرض اللّه لهنّ عليكم من النفقة والعشرة بالمعروف، فلا تجوروا في ذلك. {وتَتّقُوا} يقول: وتتقوا اللّه في الميل الذي نهاكم عنه، بأن تميلوا لإحداهنّ على الأخرى، فتظلموها حقها مما أوجبها اللّه له عليكم. {فإنّ اللّه كانَ غَفُورا} يقول: فإن اللّه يستر عليكم ما سلف منكم من ميلكم وجوركم عليهنّ قبل ذلك بتركه عقوبتكم عليه، ويغطي ذلك عليكم بعفوه عنكم ما مضى منكم في ذلك قبل. {رَحِيما} يقول: وكان رحيما بكم إذا تاب عليكم، فقبل توبتكم من الذي سلف منكم من جورتكم في ذلك عليهنّ، وفي ترخيصه لكم الصلح بينكم وبينهن، بصفحهن عن حقوقهنّ لكم من القسم على أن يطلقن. |
﴿ ١٢٩ ﴾