١٤٤

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ ...}.

وهذا نهي من اللّه عباده المؤمنين أن يتخلقوا بأخلاق المنافقين الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فيكونوا مثلهم في ركوب ما نهاهم عنه من موالاة أعدائه.

يقول لهم جلّ ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا باللّه ورسوله، لا توالوا الكفار فتوازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين، فتكونوا كمن أوجب له النار من المنافقين.

ثم قال جل ثناؤه متوعدا من اتخذ منهم الكافرين أولياء من دون المؤمنين إن هو لم يرتدع عن موالاته وينجر عن مخالته أن يلحقه بأهل ولايتهم من المنافقين الذين أمر نبيه صلى اللّه عليه وسلم بتبشيرهم بأن لهم عذابا أليما: أتريدون أيها المتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ممن قد آمن بي وبرسولي أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا،

يقول: حجة باتخاذكم الكافرين أولياء من دون المؤمنين، فتستوجبوا منه ما استوجبه أهل النفاق الذين وصف لكم صفتهم وأخبركم بمحلهم عنده {مُبِينا} يعني: عن صحتها وحقيتها،

يقول: لا تعرضوا لغضب اللّه بإيجابكم الحجة على أنفسكم في تقدمكم على ما نهاكم ربكم من موالاة أعدائه وأهل الكفر به.

وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٨٥٣٧ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّخِذُوا الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ أتُرِيدُونَ أنْ تَجْعَلُوا لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطانا مُبِينا} قال: إن لله السلطان على خلقه، ولكنه يقول عذرا مبينا قال: إن لله السلطان على خلقه، ولكنه يقول عذرا مبينا.

٨٥٣٨ـ حدثني المثنى، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدثنا سفيان، عن رجل، عن عكرمة، قال: ما كان في القرآن من سلطان فهو حجة.

٨٥٣٩ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {سُلْطانا مُبِينا} قال: حجة.

حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

﴿ ١٤٤