١٤٥القول في تأويل قوله تعالى: {إِنّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }. يعني جل ثناؤه بقوله: {إنّ المُنافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنع النّارِ}: إن المنافقين في الطبق الأسفل من أطباق جهنم. وكل طبق من أطباق جهنم درّك، وفيه لغتان: درَك بتسكينها، فمن فتح الراء جمعه في القلة أدراك، وإن شاء جمعه في الكثرة الدروك، ومن سكن الراء قال: ثلاثة أدرُك، وللكثير: الدروك. وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: (فِي الدّرَكِ) بفتح الراء. وقرأته عامة قرّاء الكوفة بتسكين الراء. وهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، لاتفاق معنى ذلك واستفاضة القراءة بكلّ واحدة منهما في قراءة الإسلام. غيرأني رأيت أهل العلم بالعربية يذكرون أن فتح الراء منه في العرب أشهر من تسكينها، وحكموا سماعا منهم: أعطني دَرَكا أصل به حبلي، وذلك إذا سأل ما يصل به حبله الذي قد عجز عن بلوغ الركيّة. وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٨٥٤٠ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن خيثمة، عن عبد اللّه : {إنّ المُنافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ} قال: في توابيت من حديد مبهمة عليهم. حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن شعبة، عن سلمة، عن خيثمة، عن عبد اللّه قال: إنّ المنافقين في توابيت من حديد مقفلة عليهم في النار. ٨٥٤١ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيـى بن يمان، عن سفيان، عن عاصم، عن ذكوان، عن أبي هريرة: {إنّ المنافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ} قال: في توابيت تُرْتجُ عليهم. ٨٥٤٢ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: {إنّ المُنافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ} يعني: في أسفل النار. ٨٥٤٣ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال لي عبد اللّه بن كثير، قوله: {فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ} قال: سمعنا أن جهنم أدْراك، منازل. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن خيثمة، عن عبد اللّه : {إنّ المُنافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ} قال: توابيت من نار تطبق عليهم. وأما قوله: {وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا} فإنه يعني: ولن تجد لهؤلاء المنافقين يا محمد من اللّه إذا جعلهم في الدّرك الأسفل من النار ناصرا ينصرهم منه، فينقذهم من عذابه، ويدفع عنهم أليم عقابه. |
﴿ ١٤٥ ﴾