١٥١فقال جل ثناؤه لعبـاده، منبها لهم علـى ضلالتهم وكفرهم: أُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ حَقّا يقول: أيها الناس هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم هم أهل الكفربـي، الـمستـحقون عذابـي والـخـلودَ فـي ناري حقّا، فـاستـيقنوا ذلك، ولا يشككنكم فـي أمرهم انتـحالهم الكذب ودعواهم أنهم يقرّون بـما زعموا أنهم به مقرون من الكتب والرسل، فإنهم فـي دعواهم ما ادّعوا من ذلك كَذَبةٌ. وذلك أن الـمؤمن بـالكتب والرسل، هو الـمصدّق ببعض ذلك وكذّب ببعض، فهو لنبوّة من كذّب ببعض ما جاء به جاحد، ومن جحد نبوّة نبـيّ فهو به مكذّب. وهؤلاء الذين جحدوا نبوّة بعض الأنبـياء وزعموا أنهم مصدّقون ببعض، مكذّبون من زعموا أنهم به مؤمنون، لتكذيبهم ببعض ما جاءهم به من عند ربهم، فهم بـاللّه وبرسله الذين يزعمون أنهم بهم مصدّقون، والذين يزعمون أنهم بهم مكذّبون كافرون، فهم الـجاحدون وحدانـية اللّه ونبوّة أنبـيائه، حقّ الـجحود الـمكذّبون بذلك حقّ التكذيب، فـاحذروا أن تغترّوا بهم وببدعتهم، فإنا قد أعتدنا لهم عذابـا مهينا. وأما قوله: وَأعْتَدْنا للكافِرِينَ عَذَابـا مُهِينا فإنه يعنـي: وأعتدنا لـمن جحد بـاللّه ورسوله جحود هؤلاء الذين وصفت لكم أيها الناس أمرهم من أهل الكتاب ولغيرهم من سائر أجناس الكفـار عذابـا فـي الاَخرة مهينا، يعنـي: يهين من عذّب به بخـلوده فـيه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٨٥٥٧ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إنّ الّذِينَ يَكْفُرُونَ بـاللّه وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أنْ يُفَرّقُوا بـينَ اللّه وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أنْ يَتّـخِذُوا بـينَ ذَلكَ سَبِـيلاً أُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ حَقّا وأعْتَدْنا للْكافِرِينَ عَذَابـا مُهِينا أولئك أعداء اللّه الـيهود والنصارى، آمنت الـيهود بـالتوراة وموسى وكفروا بـالإنـجيـل وعيسى وآمنت النصارى بـالإنـجيـل وعيسى وكفروا بـالقرآن وبـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم، فـاتـخذوا الـيهودية والنصرانـية، وهما بدعتان لـيستا من اللّه ، وتركوا الإسلام وهو دين اللّه الذي بعث به رسله. ٨٥٥٨ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: إنّ الّذِينَ يَكْفُرُونَ بـاللّه وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أنْ يُفَرّقُوا بـينَ اللّه وَرُسُلِهِ يقولون: مـحمد لـيس برسولٍ لله وتقول الـيهود: عيسى لـيس برسولٍ لله، فقد فرّقوا بـين اللّه وبـين رسله. وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ فهؤلاء يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض. ٨٥٥٩ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، قال: قال ابن جريج، قوله: إنّ الّذِينَ يَكْفُرُونَ بـاللّه وَرُسُلِهِ... إلـى قوله: بـينَ ذَلِكَ سَبِـيلاً قال: الـيهود والنصارى: آمنت الـيهود بعزير وكفرت بعيسى، وآمنت النصارى بعيسى وكفرت بعُزَير، وكانوا يؤمنون بـالنبـيّ ويكفرون بـالاَخر. وَيُرِيدُونَ أنْ يَتّـخِذُوا بـينَ ذَلِكَ سَبِـيلاً قال: دِينا يدينون به اللّه . |
﴿ ١٥١ ﴾