٥

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {الْيَوْمَ أُحِلّ لَكُمُ الطّيّبَاتُ ... }.

يعنـي جل ثناؤه بقوله: الـيَوْمَ أُحِلّ لَكُمُ الطّيّبـاتُ: الـيوم أحلّ لكم أيها الـمؤمنون الـحلال من الذبـائح والـمطاعم، دون الـخبـائث منها. قوله: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ وذبـائح أهل الكتاب من الـيهود والنصارى، وهم الذين أوتوا التوراة والإنـجيـل، وأنزل علـيهم، فدانوا بهما أو بأحدهما حِلّ لَكُمْ

يقول: حلال لكم أكله دون ذبـائح سائر أهل الشرك الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب وعبدة الأوثان والأصنام، فإن من لـم يكن منهم مـمن أقرّ بتوحيد اللّه عزّ ذكره ودان دين أهل الكتاب، فحرام علـيكم ذبـائحهم.

ثم اختلف فـيـمن عنى اللّه عزّ ذكره بقوله: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابِ من أهل الكتاب،

فقال بعضهم: عنى اللّه بذلك ذبـيحة كلّ مـمن أنزل علـيه التوراة والإنـجيـل، أو مـمن دخـل فـي ملتهم فدان دينهم وحرّم ما حرّموا وحلل ما حللوا منهم ومن غيرهم من سائر أجناس الأمـم. ذكر من قال ذلك:

٨٨٨٩ـ حدثنا مـحمد بن عبد الـملك بن أبـي الشوارب، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: خَصيف، قال: حدثنا عكرمة، قال: سئل ابن عبـاس عن ذبـائح نصارى بنـي تغلب، فقرأ هذه الاَية: يا أيها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّـخِذُوا الـيَهُودَ... إلـى قوله: وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ... الاَية.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن عثمة، قال: حدثنا سعيد بن بشر، عن قتادة، عن الـحسن وعكرمة: أنهما كانا لا يريان بأسا بذبـائح نصارى بنـي تغلب وبتزوّج نسائْهم، ويتلوان: وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ.

٨٨٩٠ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبـي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن الـحسن وسعيد بن الـمسيب: أنهما كانا لا يريان بأسا بذبـيحة نصارى بنـي تغلب.

٨٨٩١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي حصين، عن الشعبـيّ: أنه كان لا يرى بأسا بذبـائح نصارى بنـي تغلب، وقرأ: وَما كانَ رَبكَ نَسِيّا.

٨٨٩٢ـ حدثنـي ابن بشار وابن الـمثنى، قالا: حدثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: ثنـي ابن شهاب عن ذبـيحة نصارى العرب، قال: تؤكل من أجل أنهم فـي الدين أهل كتاب، ويذكرون اسم اللّه .

٨٨٩٣ـ حدثنا ابن بشار وابن الـمثنى، قالا: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا ابن جريج: قال: قال عطاء: إنـما يقرءون ذلك الكتاب.

٨٨٩٤ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، قال: حدثنا شعبة، قال: سألت الـحكم وحمادا وقتادة عن ذبـائح نصارى بنـي تغلب،

فقالوا: لا بأس بها

قال: وقرأ الـحكم: وَمِنْهُمْ أُمّيّونَ لا يَعْلَـمُونَ الكِتابَ إلاّ أمانِـيّ.

٨٨٩٥ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج، قال: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عبـاس ، قال: كلوا من ذبـائح بنـي تغلب، وتزوّجوا من نسائهم، فإن اللّه قال فـي كتابه: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لا تَتّـخِذُوا الـيَهُودَ وَالنّصَارَى أوْلِـياءَ بَعْضُهُمْ أوْلِـياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلّهُمْ مِنْكُمْ فإنّهُ مِنْهُمْ فلو لـم يكونوا منهم إلا بـالولاية لكانوا منهم.

٨٨٩٦ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن ابن أبـي عروبة، عن قتادة: أن الـحسن كان لا يرى بأسا بذبـائح نصارى بنـي تغلب، وكان

يقول: انتـحلوا دينا فذاك دينهم.

وقال آخرون: إنـما عَنَى بـالذين أوتوا الكتاب فـي هذه الاَية، الذين أنزل علـيهم التوراة والإنـجيـل، من بنـي إسرائيـل وأبنائهم، فأما من كان دخيلاً فـيهم من سائر الأمـم مـمن دان بدينهم وهم من غير بنـي إسرائيـل، فلـم يُعْنَ بهذه الاَية ولـيس هو مـمن يحلّ أكل ذبـائحه لأنه لـيس مـمن أوتـى الكتاب من قَبْل الـمسلـمين. وهذا قول كان مـحمد بن إدريس الشافعيّ يقوله حدثنا بذلك عنه الربـيعّ ويتأوّل فـي ذلك قول من كره ذبـائح نصارى العرب من الصحابة والتابعين. ذكر من حرّم ذبـائح نصارى العرب:

٨٨٩٧ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن أيوب، عن مـحمد، عن عبـيدة قال: قال علـيّ رضوان اللّه علـيه: لا تأكلوا ذبـائح نصارى بنـي تغلب، فإنهم إنـما يتـمسكون من النصرانـية بشرب الـخمر.

حدثنا يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، عن عبـيدة، عن علـيّ، قال: لا تأكلوا ذبـائح نصارى بنـي تغلب، فإنهم لـم يتـمسكوا بشيء من النصرانـية إلا بشرب الـخمر.

حدثنا الـحسن بن عرفة، قال: حدثنا عبد اللّه بن بكر، قال: حدثنا هشام، عن مـحمد بن سيرين، عن عبـيدة، قال: سألت علـيّا عن ذبـائح نصارى العرب،

فقال: لا تؤكل ذبـائحهم، فإنهم لـم يتعلقوا من دينهم إلا بشرب الـخمر.

٨٨٩٨ـ حدثنـي علـي بن سعيد الكندي، قال: حدثنا علـيّ بن عابس، عن عطاء بن السائب، عن أبـي البختري، قال: نهانا علـيّ عن ذبـائح نصارى العرب.

٨٨٩٩ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي حمزة القصاب، قال: سمعت مـحمد بن علـيّ يحدثّ عن علـيّ: أنه كان يكره ذبـائح نصارى بنـي تغلب.

٨٩٠٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن لـيث، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس ، قال: لا تأكلوا ذبـائح نصارى العرب وذبـائح نصارى أرمينـية.

وهذه الأخبـار عن علـيّ رضوان اللّه علـيه، إنـما تدلّ علـى أنه كان ينهي عن ذبـائح نصارى بنـي تغلب من أجل أنهم لـيسوا علـى النصرانـية، لتركهم تـحلـيـل ما تـحلل النصارى وتـحريـم ما تـحرّم غير الـخمر. ومن كان منتـحلاً ملة هو غير متـمسك منها بشيء، فهو إلـى البراءة منها أقرب إلـى اللـحاق بها وبأهلها، فلذلك نهى علـيّ عن أكل ذبـائح نصارى بنـي تغلب، لا من أجل أنهم لـيسوا من بنـي إسرائيـل. فإذا كان ذلك كذلك، وكان إجماعا من الـحجة إحلال ذبـيحة كلّ نصرانـيّ ويهوديّ، إن انتـحل دين النصاري أو الـيهود، فأحلّ ما أحلوا، وحرّم ما حرّموا من بنـي إسرائيـل كان أو من غيرهم، فبّـين خطأ من قال الشافعي فـي ذلك وتأويـله الذي تأوّله فـي قوله: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ: أنه ذبـائح الذين أوتوا الكتاب التوراة والإنـجيـل من بنـي إسرائيـل، وصواب ما خالف تأويـله ذلك، وقول من قال: إن كل يهوديّ ونصرانـيّ فحلال ذبـيحته من أيّ أجناس بنـي آدم كان.

وأما الطعام الذي قال اللّه : وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ فإنه الذبـائح. وبـمثل ما قلنا فـي ذلك

قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

٨٩٠١ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا: حدثنا ابن إدريس، عن لـيث، عن مـجاهد: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ قال: الذبـائح.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن مـحمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبـي بزة، عن مـجاهد فـي قوله: وَطَعامُ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ قال: ذبـائحهم.

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم وقبـيصة، قالا: حدثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا إسحاق بن سلـيـمان الرازي، عن أبـي سنان، عن لـيث، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَطَعامُ الّذينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ قال: ذبـيحة أهل الكتاب.

٨٩٠٢ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، عن مغيرة، عن إبراهيـم فـي قوله: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ قال: ذبـائحهم.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان عن الـمغيرة، عن إبراهيـم، بـمثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن مغيرة، عن إبراهيـم، مثله.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيـم، مثله.

حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم وقبـيصة، قالا: حدثنا سفـيان، عن مغيرة، عن إبراهيـم مثله.

٨٩٠٣ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس : وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ قال: ذبـائحهم.

٨٩٠٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـمعلـى بن أسد، قال: حدثنا خالد، عن يونس، عن الـحسن، مثله.

٨٩٠٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ: أي ذبـائحهم.

٨٩٠٦ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتاب حِلّ لَكُمْ أما طعامهم فهو الذبـائح.

٨٩٠٧ـ حُدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ

يقول: حدثنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: وَطَعامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حِلّ لَكُمْ قال: أحلّ اللّه لنا طعامهم ونساءهم.

٨٩٠٨ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس أما قوله: وَطَعَامُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتاب حِلّ لَكُمْ فإنه أحلّ لنا طعامهم ونساءهم.

٨٩٠٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألته يعنـي ابن يزيد عما ذُبح للكنائس وسُمي علـيها فقال: أحلّ اللّه لنا طعام أهل الكتاب، ولـم يستثن منه شيئا.

٨٩١٠ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنـي معاوية، عن أبـي الزاهرية حدير بن كريب، عن أبـي الأسود، عن عمير بن الأسود: أنه سأل أبـا الدرداء عن كبش ذبح لكنـيسة يقال لها جرجس أهدوه لها، أنأكل منه؟ فقال أبو الدرداء: اللهمّ عفوا إنهم هم أهل كتاب، طعامهم حلّ لنا وطعامنا حلّ لهم. وأمره بأكله.

وأما قوله وَطَعامُكُمْ حِلّ لَهُمْ فإنه يعنـي: ذبـائحكم أيها الـمؤمنون حلْ لأهل الكتاب.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الـمُؤْمِنات والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتَابَ أُوتُوا مِنْ قَبْلِكُمْ إذا آتَـيْتُـمُوهُنّ أُجُورَهُنّ.

يعنـي جل ثناؤه بقوله: والـمُـحْصَنَاتُ مِنَ الـمُؤْمِناتِ أحلّ لكم أيها الـمؤمنون الـمـحصنات من الـمؤمنات وهنّ الـحرائر منهنّ أن تنكحوهنّ. والـمُـحْصَنَاتُ مِنَ الّذِين أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ يعنـي: والـحرائر من الذين أعطوا الكتاب، وهم الـيهود والنصارى الذين دانوا بـما فـي التوراة والإنـجيـل من قبلكم أيها الـمؤمنون بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم من العرب وسائر الناس، أن تنكحوهنّ أيضا إذا آتَـيْتُـمُوهُنّ أجُورَهُنّ يعنـي: إذا أعطيتـم من نكحتـم من مـحصناتكم ومـحصناتهم أجورهنّ، وهي مهورهن.

واختلف أهل التأويـل فـي الـمـحصنات اللاتـي عناهنّ اللّه عزّ ذكره بقوله: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الـمُؤمِناتِ والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِين أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ

فقال بعضهم: عنـي بذلك الـحرائر خاصة، فـاجرة كانت أو عفـيفة. وأجاز قائلوا هذه الـمقالة نكاح الـحرّة مؤمنة كانت أو كتابـية من الـيهود والنصارى من أيّ أجناس كانت، بعد أن تكونَ كتابـية فـاجرة كانت أو عفـيفة، وحرّموا إماء أهل الكتاب أن نتزوّجهنّ بكل حال لأن اللّه جل ثناؤه شرط من نكاح الإماء الإيـمان بقوله: وَمَنْ لَـمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أنْ يَنْكِحَ الـمُـحْصَناتِ الـمُؤْمِناتِ فَمِـمّا مَلَكَتْ أيـمَانُكُمْ مِنْ فَتَـياتِكُمُ الـمُؤْمِناتِ ذكر من قال ذلك:

٨٩١١ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو داود، عن سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَالـمُـحْصَنات مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ قال: من الـحرائر.

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: والـمُـحْصَنات مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: من الـحرائر.

٨٩١٢ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن قـيس بن مسلـم، عن طارق بن شهاب: إن رجلاً طلق امرأته وخطبت إلـيه أخته، وكانت قد أحدثت، فأتـى عمر فذكر ذلك له منها، فقال عمر: ما رأيتَ منها؟ قال: ما رأيت منها إلاّ خيرا فقال: زوّجها ولا تُـخْبر.

٨٩١٣ـ حدثنا ابن أبـي الشوارب، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: حدثنا سلـيـمان الشيبـانـيّ، قال: حدثنا عامر، قال: زَنَت امرأة من هَمْدان، قال: فجلدها مصدّق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الـحدّ، ثم تابت. فأتَوا عمر،

فقالوا: نزوّجها وبئس ما كان من أمرها قال عمر: لئن بلغنـي أنكم ذكرتـم شيئا من ذلك لأعاقبنكم عقوبة شديدة.

٨٩١٤ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن قـيس بن مسلـم، عن طارق بن شهاب: أن رجلاً أراد أن يزوّج أخته، فقالت: إنـي أَخْشَى أن أفضح أبـي، فقد بغيت. فأتـى عمر فقال: ألـيس قد تابت؟ قال: بلـى

قال: فزوّجها.

٨٩١٥ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيـل بن أبـي خالد، عن الشعبـي: أن نبـيشة امرأة من همدان بغت، فأردات أن تذبح نفسها، قال: فأدركوها فداووها فبرئت، فذكروا ذلك لعمر،

فقال: أنكحوها نكاح العفـيفة الـمسلـمة.

٨٩١٦ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن عامر: أن رجلاً من أهل الـيـمن أصابت أخته فـاحشة، فأمرت الشفرة علـى أوداجها، فأدركت، فدُووي جرحها حتـى برئت. ثم إن عمها انتقل بأهله حتـى قدم الـمدينة، فقرأت القرآن ونسكت، حتـى كانت من أنسك نسائهم. فخطبت إلـى عمها، وكان يكره أن يدلّسها، ويكره أن يفشي علـى ابنة أخيه، فأتـى عمر، فذكر ذلك له، فقال عمر: لو أفشيت علـيها لعاقبتك، إذ أتاك رجل صالـح ترضاه فزوّجها إياه.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا داود، عن عامر: أن جارية بـالـيـمن يقال لها نبـيشة، أصابت فـاحشة، فذكر نـحوه.

٨٩١٧ـ حدثنا تـميـم بنننن الـمنتصر، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا إسماعيـل عن عامر، قال: أتـى رجل عمر فقال: إن ابنة لـي كانت وُئدت فـي الـجاهلـية، فـاستـخرجتها قبل أن تـموت، فأدركت الإسلام، فلـما أسلـمت أصابت حدّا من حدود اللّه ، فعمدت إلـى الشفرة لتذبح بها نفسها، فأدركتها وقد قطعت بعض أوداجها، فداويتها حتـى برئت، ثم إنها أقبلت بتوبة حسنة، فهي تـخطب إلـيّ يا أمير الـمؤمنـين، فأُخبر من شأنها بـالذي كان؟ فقال عمر: أتـخبر بشأتها؟ تعمد إلـى ما ستره اللّه فتبدينه واللّه لئن أخبرت بشأنها أحدا من الناس، لأجعلنك نكالاً لأهل الأمصار بل أنكحها بنكاح العفـيفة الـمسلـمة.

حدثنا أحمد بن منـيع، قال: حدثنا مروان، عن إسماعيـل، عن الشعبـيّ، قال: جاء رجل إلـى عمر. فذكر نـحوه.

٨٩١٨ـ حدثنا مـجاهد، قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن أبـي الزبـير: أن رجلاً خطب من رجل أخته، فأخبره أنها قد أحدثت. فبلغ ذلك عمر بن الـخطاب، فضرب الرجل، وقال: مالك والـخبر؟ أنكح واسكت

٨٩١٩ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا سلـيـمان بن حرب، قال: حدثنا أبو هلال، عن قتادة، عن الـحسن، قال: قال عمر بن الـخطاب: لقد همـمت أن أدع أحدا أصاب فـاحشة فـي الإسلام أن يتزوّج مـحصنة. فقال له أبـيّ بن كعب: يا أمير الـمؤمنـين، الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب

وقال آخرون: إنـما عنى اللّه بقوله: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الـمُؤْمِنَاتِ والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ: العفـائف من الفريقـين، إماءكنّ أو حرائر. فأجاز قائلو هذه الـمقالة نكاح إماء أهل الكتاب الدائنات دينهم بهذه الاَية، وحرّموا البغايا من الـمؤمنات وأهل الكتاب. ذكر من قال ذلك:

٨٩٢٠ـ حدثنا أبو كريب، قال حدثنا ابن إدريس، عن لـيث، عن مـجاهد فـي قوله: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: العفـائف.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن لـيث، عن مـجاهد، مثله.

٨٩٢١ـ حدثنا ابن حميد، وابن وكيع، قالا: حدثنا جرير عن مطرف، عن عامر: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أوتوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: إحصان الـيهودية والنصرانـية: أن لا تزنـي وأن تغتسل من الـجنابة.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن فضيـل، عن مطرف، عن عامر: والـمُـحْصَناتُ مَنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: إحصان الـيهودية والنصرانـية: أن تغتسل من الـجنابة، وأن تـحصن فرجها.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن مطرف، عن رجل، عن الشعبـيّ فـي قوله: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: إحصان الـيهودية والنصرانـية: أن لا تزنـي، وأن تغتسل من الـجنابة.

حدثنا الـمثنى قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن مطرّف، عن الشعبـي فـي قوله: والـمـحصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: إحصانها أن تغتسل من الـجنابة، وأن تـحصن فرجها من الزنا.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا معلـى بن أسد، قال: حدثنا خالد، قال: أخبرنا مطرف عن عامر، بنـحوه.

٨٩٢٢ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، قال: سمعت سفـيان يقول فـي قوله: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ قال: العفـائف.

٨٩٢٣ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الـمُؤْمِناتِ والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال: أما الـمـحصنات: فهنّ العفـائف.

٨٩٢٤ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: أن امرأة اتـخذت مـملوكها وقالت: تأوّلت كتاب اللّه : وما ملكت أيـمانكم

قال: فَأُتِـيَ بها عمر بن الـخطاب، فقال له ناس من أصحاب النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم: تأوّلت آية من كتاب اللّه علـى غير وجهها

قال: فقرب العبد وجزّ رأسه، وقال: أنت بعده حرام علـى كلّ مسلـم.

٨٩٢٥ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيـم: أنه قال فـي التـي تسرى قبل أن يُدخـل بها، قال: لـيس لها صداق ويفرّق بـينهما.

٨٩٢٦ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثنا أشعث، عن الشعبـيّ فـي البكر تهجر، قال: تضرب مائة سوط، وتنفـي سنة، وتردّ علـى زوجها ما أخذت منه.

٨٩٢٧ـ حدثنا حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثنا أشعث، عن أبـي الزبـير، عن جابر، مثل ذلك.

٨٩٢٨ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: أخبرنا أشعث، عن الـحسن، مثل ذلك.

٨٩٢٩ـ حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن يونس أن الـحسن كان

يقول: إذا رأى الرجل من امرأته فـاحشة فـاستـيقن فإنه لا يـمسكها.

٨٩٣٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أبـي ميسرة، قال: مـملوكات أهل الكتاب بـمنزلة حرائرهم.

ثم اختلف أهل التأويـل فـي حكم قوله عزّ ذكره: والـمُـحْصَنات مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ أعامّ أم خاصّ؟

فقال بعضهم: هو عامّ فـي العفـائف منهنّ، لأن الـمـحصنات العفـائف، وللـمسلـم أن يتزوّج كلّ حرّة وأمة كتابـية حربـية كانت أو ذمية. واعتلوا فـي ذلك بظاهر قوله تعالـى: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وأن الـمعنـيّ بهنّ العفـائف كائنة من كانت منهن. وهذا قول من قال: عنـي بـالـمـحصنات فـي هذا الـموضع: العفـائف.

وقال آخرون: بل اللواتـي عنى بقوله جلّ ثناؤه: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ: الـحرائر منهنّ، والاَية عامة فـي جميعهنّ، فنكاح جميع الـحرائر الـيهود والنصارى جائز، حربـيات كنّ أو ذميات، من أيّ أجناس الـيهود والنصارى كنّ وهذا قول جماعة من الـمتقدمين والـمتأخرين. ذكر من قال ذلك:

٨٩٣١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبـي عديّ، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن الـمسيب والـحسن: أنهما كانا لا يريان بأسا بنكاح نساء الـيهود والنصارى، وقالا: أحله اللّه علـى علـم.

وقال آخرون منهم: بل عنـي بذلك: نكاح بنـي إسرائيـل الكتابـيات منهنّ خاصة دون سائر أجناس الأمـم الذين دانوا بـالـيهودية والنصرانـية. وذلك قول الشافعي ومن قال بقوله.

وقال آخرون: بل ذلك معنىّ به نساء أهل الكتاب الذين لهم من الـمسلـمين ذمة وعهد، فأما أهل الـحرب فإن نساءهم حرام علـى الـمسلـمين. ذكر من قال ذلك:

٨٩٣٢ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا مـحمد بن عقبة، قال: حدثنا الفزاري، عن سفـيان بن حسين، عن الـحكم، عن مقسم، عن ابن عبـاس ، قال: من نساء أهل الكتاب من يحلّ لنا، ومنهم من لا يحل لنا. ثم قرأ: قاتِلُوا الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بـاللّه وَلا بـالـيَوْمِ الاَخِرِ ولا يُحَرّمُونَ ما حَرّم اللّه وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُون دِينَ الـحَقّ مِنْ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حتّـى يُعْطُوا الـجِزْيَةَ فمن أعطي الـجزية حلّ لنا نساؤه، ومن لـم يعط الـجزية لـم يحل لنا نساؤه. قال الـحكم: فذكرت ذلك لإبراهيـم فأعجبه.

وأولـى الأقوال فـي ذلك عندنا بـالصواب قول من قال: عنـي بقوله: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الـمُؤْمِناتِ والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ حرائر الـمؤمنـين وأهل الكتاب، لأن اللّه جل ثناؤه لـم يأذن بنكاح الإماء الأحرار فـي الـحال التـي أبـاحهنّ لهم إلاّ أن يكنّ مؤمنات، فقال عزّ ذكره: وَمَنْ لَـمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أن يَنْكحَ الـمُـحْصَناتِ الـمُؤمِناتِ فَمِـمّا مَلَكَتْ أيـمَانُكُمْ مِنْ فَتَـياتِكُمُ الـمُؤمِناتِ فلـم يبح منهنّ إلاّ الـمؤمنات، فلو كان مرادا بقوله: والـمُـحْصَناتُ مِنَ الـمُؤْمِناتِ والـمُـحْصَناتُ مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ: العفـائف، لدخـل العفـائف من إمائهم فـي الإبـاحة، وخرج منها غير العفـائف من حرائرهم وحرائر أهل الإيـمان. وقد أحل اللّه لنا حرائر الـمؤمنات، وإن كنّ قد أتـين بفـاحشة بقوله: وأنْكحُوا الأيامَى مِنْكُمْ وَالصّالِـحِينَ مِنْ عِبـادِكُمْ وإمائكم، وقد دللنا علـى فساد قول من قال: لا يحلّ نكاح من أتـى الفـاحشة من نساء الـمؤمنـين وأهل الكتاب للـمؤمنـين فـي موضع غير هذا بـما أغنـي عن إعادته فـي هذا الـموضع، فنكاح حرائر الـمسلـمين وأهل الكتاب حلال للـمؤمنـين، كنّ قد أتـين بفـاحشة أو لـم يأتـين بفـاحشة، ذمية كانت أو حربـية، بعد أن تكون بـموضع لا يخاف الناكح فـيه علـى ولده أن يجبر علـى الكفر، بظاهر قول اللّه جلّ وعزّ: والـمُـحْصَنَاتُ مِنَ الـمُؤْمِناتِ والـمُـحْصَناتُ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ. فأما قول الذي قال: عنى بذلك نساء بنـي إسرائيـل الكتابـيات منهن خاصة، فقول لا يوجب التشاغل بـالبـيان عنه لشذوذه والـخروح عما علـيه علـماء الأمة من تـحلـيـل نساء جميع الـيهود والنصارى. وقد دللنا علـى فساد قول قائل هذه الـمقالة من جهة القـياس فـي غير هذا الـموضع بـما فـيه الكفـاية فكرهنا إعادته.

وأما قوله: إذَا آتَـيْتُـمُوهُنّ أُجُورَهُنّ فإن الأجر: العوض الذي يبذله الزوج للـمرأة للاستـمتاع بها، وهو الـمهر. كما:

٨٩٣٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس فـي قوله: آتَـيْتُـمُوهُنّ أُجُورَهُنّ يعنـي مهورهنّ.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: مُـحْصِنِـينَ غيرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتّـخِذِي أخْدَانٍ. يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: أحلّ لكم الـمـحصنات من الـمؤمنات،والـمـحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، وأنتـم مـحصنون غير مسافحين ولا متـخذي أخدان. ويعنـي بقوله جلّ ثناؤه: مُـحْصِنِـين: أعفـاء غيرَ مُسافِحِينَ يعنـي: لا معالنـين بـالسفـاح بكل فـاجرة وهو الفجور وَلا مُتـخِذِي أخْدَانٍ

يقول: ولا منفردين ببغية واحدة قد خادنها وخادنته واتـخذها لنفسه صديقة يفجر بها. وقد بـينا معنى الإحصان ووجوهه ومعنى السفـاح والـخدن فـي غير هذا الـموضع بـما أغنـي عن إعادته فـي هذا الـموضع وهو كما:

٨٩٣٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه ، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قوله: مُـحْصِنِـينَ غيرَ مُسافِحِينَ يعنـي: ينكحوهن بـالـمهر والبـينة، غَيْر مُسَافِحِينَ متعالنـين بـالزنا، وَلا مُتّـخِذِي أخْدَانٍ يعنـي: يُسِرّون بـالزنا.

٨٩٣٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: أحلّ اللّه لنا مـحصنتـين: مـحصنة مؤمنة، ومـحصنة من أهل الكتاب وَلا مُتّـخِذِي أخْدَانٍ ذات الـخدن: ذات الـخـلـيـل الواحد.

٨٩٣٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن سلـيـمان بن الـمغيرة، عن الـحسن، قال: سأله رجل: أيتزوّج الرجل الـمرأة من أهل الكتاب؟ قال: ما له ولأهل الكتاب وقد أكثر اللّه الـمسلـمات؟ فإن كان لا بد فـاعلاً، فلـيعمد إلـيها حصانا غير مسافحة. قال الرجل: وما الـمسافحة؟ قال: هي التـي إذا لـمـح الرجل إلـيها بعينه اتبعته.

القول فـي تأويـل قوله عزّ ذكره: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عمَلُهُ وَهُوَ فِـي الاَخِرَةِ مِنَ الـخاسِرِينَ.

يعنـي بقوله جلّ ثناؤه: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ ومن يجحد ما أمر اللّه بـالتصديق به من توحيد اللّه ونبوّة مـحمد صلى اللّه عليه وسلم، وما جاء به من عند اللّه ، وهو الإيـمان الذي

قال اللّه جلّ ثناؤه: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإِيـمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ

يقول: فقد بطل ثواب عمله الذي كان يعمله فـي الدنـيا، يرجو أن يدرك به منزلة عند اللّه . وَهُوَ فِـي الاَخِرَةِ مِنَ الـخاسرِينَ

يقول: وهو فـي الاَخرة من الهالكين الذين غبنوا أنفسهم حظوظها من ثواب اللّه بكفرهم بـمـحمد وعملهم بغير طاعة اللّه . وقد ذكر أن قوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ عُنـي به أهل الكتاب، وأنه أنزل علـى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أجل قوم تـحرجّوا نكاح نساء أهل الكتاب لـما قـيـل لهم: أُحِلَ لَكُمُ الطّيّبـاتُ وطَعَامُ الذّين أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌ لَكُمْ وطَعَامُكُمْ حِلٌ لَهُمْ والـمُـحْصَنَاتُ مِنَ الـمُؤْمِنَاتِ والـمُـحصَنَاتُ مِنَ الّذين أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ. ذكر من قال ذلك.

٨٩٣٧ـ حدثنا بشر، حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر بنا أن ناسا من الـمسلـمين

قالوا: كيف نتزوّج نساءهم يعنـي نساء أهل الكتاب وهم علـى غير ديننا؟ فأنزل اللّه عزّ ذكره: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِـي الاَخِرَةِ مِنَ الـخاسِرِينَ فأحلّ اللّه تزويجهنّ علـى علـم.

وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل الإيـمان

قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك.

٨٩٣٨ـ حدثنا مـحمد ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفـيان، عن ابن جريج، عن عطاء: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ قال: بـالإيـمان بـالله.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن يـمان، عن واصل، عن عطاء: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ قال: الإيـمان: التوحيد.

٨٩٣٩ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن ابن جريج، عن مـجاهد: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ قال: بـالله.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى، عن سفـيان، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن مـحمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبـي بزّة، عن مـجاهد فـي قوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ قال: من يكفر بـالله.

حدثنا مـحمد، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ قال: من يكفر بـالله.

حدثنا مـحمد، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ قال: الكفر بـالله.

حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

٨٩٤٠ـ حدثنـي حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه ، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ قال: أخبر اللّه سبحانه أن الإيـمان هو العروة الوثقـى، وأنه لا يقبل عملاً إلاّ به، ولا يحرّم الـجنة إلاّ علـى من تركه.

فإن قال لنا قائل: وما وجّه تأويـل من وجّه قوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإيـمَانِ إلـى معنى: ومن يكفر بـالله؟ قـيـل وجه تأويـله ذلك كذلك أن الإيـمان هو التصديق بـاللّه وبرسله وما ابتعثهم به من دينه والكفر: جحود ذلك.

قالوا: فمعنى الكفر بـالإيـمان، هو جحود اللّه وجحود توحيده. ففسروا معنى الكلـمة بـما أريد بها، وأعرضوا عن تفسير الكلـمة علـى حقـيقة ألفـاظها وظاهرها فـي التلاوة.

فإن قال قائل: فما تأويـلها علـى ظاهرها وحقـيقة ألفـاظها؟

قـيـل: تأويـلها: ومن يأب الإيـمان بـاللّه ويـمتنع من توحيده والطاعة له فـيـما أمره به ونهاه عنه، فقد حبط عمله وذلك أن الكفر هو الـجحود فـي كلام العرب، والإيـمان: التصديق والإقرار، ومن أبى التصديق بتوحيد اللّه والإقرار به فهو من الكافرين، فذلك تأويـل الكلام علـى وجهه.

﴿ ٥