٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقّ وَإِنّ فَرِيقاً مّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ }.. اختلف أهل التأويـل فـي الـجالب لهذه الكاف التـي فـي قوله: كما أخْرَجَكَ وما الذي شبه بإخراج اللّه نبـيه صلى اللّه عليه وسلم من بـيته بـالـحقّ. فقال بعضهم: شبه به فـي الصلاح للـمؤمنـين، اتقاؤهم ربهم، وإصلاحهم ذات بـينهم، وطاعتهم اللّه ورسوله. وقالوا: معنى ذلك: يقول اللّه : وأصلـحوا ذات بـينكم، فإن ذلك خير لكم، كما أخرج اللّه مـحمدا صلى اللّه عليه وسلم من بـيته بـالـحقّ كان خيرا له. ذكر من قال ذلك. ١٢٢٦٦ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن عكرمة: فـاتّقُوا اللّه وأصْلِـحوا ذَاتَ بَـيْنِكُمْ وأطِيعُوا اللّه وَرَسُولَهُ إنْ كُنْتُـمْ مُؤْمِنِـينَ كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ... الاَية: أي إن هذا خير لكم، كما كان إخراجك من بـيتك بـالـحقّ خيرا لك. وقال آخرون: معنى ذلك: كما أخرجك ربك يا مـحمد من بـيتك بـالـحقّ علـى كره من فريق من الـمؤمنـين كذلك هم يكرهون القتال، فهم يجادلونك فـيه بعد ما تبـين لهم. ذكر من قال ذلك. ١٢٢٦٧ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ قال: كذلك يجادلونك فِـي الـحقّ. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: كمَا أخْرَجَك رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ كذلك يجادلونك فـي الـحقّ، القتال. ١٢٢٦٨ـ قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن أبـي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله: كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ قال: كذلك أخرجك ربك. ١٢٢٦٩ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: أنزل اللّه فـي خروجه يعني خروج النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم إلـى بدر ومـجادلتهم إياه، فقال: كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ وَإنّ فَرِيقا مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ لَكارِهُونَ لطلب الـمشركين، يُجادِلُونَكَ فـي الـحَقّ بَعْدَما تَبَـيّنَ. اختلف أهل العربـية فـي ذلك، فقال بعض نـحويـي الكوفـيـين: ذلك أمر من اللّه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم أن يـمضي لأمره فـي الغنائم، علـى كُره من أصحابه، كما مضى لأمره فـي خروجه من بـيته لطلب العير وهم كارهون. وقال آخرون منهم: معنى ذلك: يسألونك عن الأنفـال مـجادلة كما جادلوك يوم بدر، فقالوا: أخرجتنا للعير، ولـم تعلـمنا قتالاً فنستعدّ له. وقال بعض نـحويـي البصرة: يجوز أن يكون هذا الكاف فـي: كمَا أخْرَجَكَ علـى قوله: أُولَئِكَ هُمُ الـمُؤْمِنُونَ حَقّا كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ وقـيـل: الكاف بـمعنى (علـى) . وقال آخرون منهم: هي بـمعنى القسم. قال: ومعنى الكلام: والذي أخرجك ربك. قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال عندي بـالصواب قول من قال فـي ذلك بقول مـجاهد، وقال معناه: كما أخرجك ربك بـالـحقّ علـى كره من فريق من الـمؤمنـين، كذلك يجادلونك فـي الـحقّ بعدما تبـين. لأن كلا الأمرين قد كان، أعنـي خروج بعض من خرج من الـمدينة كارها، وجِدَالهم فـي لقاء العدوّ عند دنوّ القوم بعضهم من بعض، فتشبـيه بعض ذلك ببعض مع قرب أحدهما من الاَخر أولـى من تشبـيهه بـما بعد عنه. وقال مـجاهد فـي الـحقّ الذي ذكر أنهم يجادلون فـيه النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم بعدما تبـينوه: هو القتال. ١٢٢٧٠ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: يُجادِلُونَكَ فـي الـحَقّ قال: القتال. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه ، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. وأما قوله: مِنْ بَـيْتِكَ فإن بعضهم قال: معناه من الـمدينة. ذكر من قال ذلك. ١٢٢٧١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي بزة: كمَا أخْرَجكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ الـمدينة إلـى بدر. ١٢٢٧٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي مـحمد بن عبـاد بن جعفر، فـي قوله: كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ قال: من الـمدينة إلـى بدر. وأما قوله: وإنّ فَرِيقا مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ لَكارِهُونَ فإن كرَاهتهم كانت كما: ١٢٢٧٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ثنـي مـحمد بن مسلـم الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة، وعبد اللّه بن أبـي بكر ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبـير وغيرهم من علـمائنا، عن عبد اللّه بن عبـاس، قالوا: لـما سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأبـي سفـيان مقبلاً من الشأم، ندب إلـيهم الـمسلـمين، وقال: (هَذِهِ عِيرُ قُرَيْشٍ فـيها أمْوَالُهُمْ، فـاخْرُجُوا إلـيها لعَلّ اللّه أنْ يُنَفّلَكُمُوهَا) فـانتدب الناس، فخفّ بعضهم وثقل بعضهم، وذلك أنهم لـم يظنوا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يـلقـى حربـا. ١٢٢٧٤ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: وَإنّ فَرِيقا مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ لَكارِهُونَ لطلب الـمشركين. ثم اختلف أهل التأويـل فـي الذين عنُوا ب قوله: يُجادِلُونَكَ فِـي الـحَقّ بَعْدَما تَبَـيّنَ فقال بعضهم: عُنـي بذلك: أهل الإيـمان من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذين كانوا معه حين توجه إلـى بدر للقاء الـمشركين. ذكر من قال ذلك. ١٢٢٧٥ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس ، قال: لـما شاور النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم فـي لقاء القوم، وقال له سعد بن عبـادة ما قال: وذلك يوم بدر، أمر الناس، فتعبوا للقتال، وأمرهم بـالشوكة، وكره ذلك أهل الإيـمان، فأنزل اللّه : كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ وَإنّ فَرِيقا مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِـي الـحَقّ بَعْدَما تَبَـيّنَ كأنّـمَا يُساقُونَ إلـى الـمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. ١٢٢٧٦ـ حدثنـي ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم ذكر القوم، يعني أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ومسيرهم مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، حين عرف القوم أن قريشا قد سارت إلـيهم، وأنهم إنـما خرجوا يريدون العير طمعا فـي الغنـيـمة، فقال: كمَا أخْرَجَكَ رَبّكَ مِنْ بَـيْتِكَ بـالـحَقّ... إلـى قوله: لَكارِهُونَ أي كراهية للقاء القوم، وإنكارا لـمسير قريش حين ذكروا لهم. وقال آخرون: عُنـي بذلك الـمشركون. ذكر من قال ذلك. |
﴿ ٥ ﴾