٩١

القول في تأويل قوله تعالى: {لّيْسَ عَلَى الضّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىَ الْمَرْضَىَ وَلاَ عَلَى الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ ...}.

يقول تعالى ذكره: ليس على أهل الزمانة وأهل العجز عن السفر والغزو، ولا على المرضى، ولا على من لا يجد نفقة يتبلغ بها إلى مغزاه حرج، وهو الإثم

يقول: ليس عليهم إثم إذا نصحوا اللّه ولرسوله في مغيبهم عن الجهاد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

ما عَلى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ يقول: ليس على من أحسن فنصح اللّه ورسوله في تخلفه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن جهاد معه لعذر يعذر به طريق يتطرّق عليه فيعاقب من قبله.

وَاللّه غَفُورٌ رَحِيمٌ يقول: واللّه ساتر على ذنوب المحسنين، يتغمدها بعوفه لهم عنها، رحيم بهم أن يعاقبهم عليها.

وذُكر أن هذه الآية نزلت في عائذ بن عمرو المزني. وقال بعضهم: في عبد اللّه بن مغفل. ذكر من قال نزلت في عائذ بن عمرو:

١٣٣٤٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: لَيْسَ على الضّعَفَاءِ ولاَ على المَرْضى وَلا على الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إذَا نَصَحُوا لِلّهِ ورَسُولِهِ نزلت في عائذ بن عمرو.

ذكر من قال نزلت في ابن مغفل:

١٣٣٤٨ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: لَيْسَ على الضّعَفاءِ وَلا على المَرْضَى... إلى قوله: حَزَنا أنْ لا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبد اللّه بن مغفل المزني، فقالوا: يا رسول اللّه احملنا فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (وَاللّه ما أجِدُ ما أحْمِلكُمْ عَلَيْهِ) فتولوا ولهم بكاء، وعزّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا مَحملاً. فلما رأى اللّه حرصهم على محبته ومحبة رسوله، أنزل عذرهم في كتابه، فقال: لَيْسَ على الضّعَفاءِ وَلا على المَرْض ولا على الذين لا يجدون ما ينقفون حرج.

القول تعالى ذكره ولا سبيل أيضا على النفر الذين إذا ما جاءوك لتحملهم يسألونك الحُمْلان ليبلغوا إلى مغزاهم لجهاد أعداء اللّه معك يا محمد، قلت لهم: لا أجد حمولة أحملكم عليها تَوَلّوْا

يقول: أدبروا عنك، وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَنا وهم يبكون من حزن على أنهم لا يجدون ما ينفقون ويتحملون به للجهاد في سبيل اللّه .

وذكر بعضهم أن هذه الآية نزلت في نفر من مُزينة. ذكر من قال ذلك:

﴿ ٩١