٦

القول فـي تأويـل قوله تعالـى:

{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ }.

يقول تعالـى ذكره: ولكم فـي هذه الأنعام والـمواشي التـي خـلقها لكم جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ يعني : تردّونها بـالعشيّ من مسارحها إلـى مراحها ومنازلها التـي تأوي إلـيها ولذلك سمي الـمكان الـمراح، لأنها تراح إلـيه عشيّا فتأوي إلـيه، يقال منه: أراح فلان ماشيته فهو يريحها إراحة.

وقوله: وَحِينَ تَسْرَحُونَ

يقول: وفـي وقت إخراجكموها غدوة من مُراحها إلـى مسارحها، يقال منه: سَرّح فلان ماشيته يُسَرّحُها تسريحا، إذا أخرجها للرعي غدوة، وسرَحَتِ الـماشيةُ: إذا خرجت للـمرعى تَسْرَحُ سَرْحا وسُرُوحا، فـالسرح بـالغداة والإراحة بـالعشي، ومنه قوله الشاعر:

كأنّ بَقايا الأُتْنِ فَوْقَ مُتُونِهِمدَبّ الدّبَى فَوْقَ النّقا وَهْوَ سارِحُ

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

١٦٢١٦ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وَلَكُمْ فِـيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وذلك أعجب ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها طوالاً أسنـمتها، وحين تسرحون إذا سرحت لرعيها.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: وَلَكُمْ فِـيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ قال: إذا راحت كأعظم ما تكون أسنـمة، وأحسن ما تكون ضروعا.

﴿ ٦