تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن

للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

إمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)

_________________________________

سورة الأنبياء

مكيّة وآياتها اثنتا عشرة ومائة

بِسمِ اللّه الرحمَن الرّحِيـمِ

١

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {اقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مّعْرِضُونَ }.

يقول تعالـى ذكره: دنا حساب الناس علـى أعمالهم التـي عملوها فـي دنـياهم ونعمهم التـي أنعمها علـيهم فـيها فـي أبدانهم، أجسامهم، ومطاعمهم، ومشاربهم، وملابسهم وغير ذلك من نعمه عندهم، ومسئلته إياهم ماذا عملوا فـيها وهل أطاعوه فـيها، فـانتهوا إلـى أمره ونهيه فـي جميعها، أم عصوه فخالفوا أمره فـيها؟ وَهُمْ فـي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ يقول: وهم فـي الدنـيا عما اللّه فـاعل بهم من ذلك يوم القـيامة، وعن دنوّ مـحاسبته إياهم منهم، واقترابه لهم فـي سهو وغفلة، وقد أعرضوا عن ذلك، فتركوا الفكر فـيه والاستعداد له والتأهب، جهلاً منهم بـما هم لاقوه عند ذلك من عظيـم البلاء وشديد الأهوال.

وبنـحو الذي قلنا فـي تأويـل قوله وَهُمْ فِـي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ قال أهل التأويـل، وجاء الأثر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . ذكر من قال ذلك:

١٨٤٦٧ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا أبو الولـيد، قال: ثنـي أبو معاوية، قال: أخبرنا الأعمش، عن أبـي صالـح، عن أبـي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وَهُمْ فِـي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ قال: (فـي الدنـيا)

﴿ ١