٧

وإذ من صلة علـيـم. ومعنى الكلام: علـيـم حين قال موسى لأَهْلِهِ وهو فـي مسيره من مدين إلـى مصر، وقد آذاهم بردُ لـيـلهم لـما أصلد زَنْدُه: إنّـي آنَسْتُ نارا: أي أبصرت نارا أو أحسستها، فـامكثوا مكانكم سآتِـيكُمْ مِنْها بِخَبرٍ يعني من النار، والهاء والألف من ذكر النار أوْ آتِـيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ.

واختلفت القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والبصرة: (بِشِهابِ قَبَسٍ) بإضافة الشهاب إلـى القبس، وترك التنوين، بـمعنى: أو آتـيكم بشعلةِ نارٍ أقتبسها منها. وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة: بشِهابٍ قَبَسٍ بتنوين الشهاب وترك إضافته إلـى القبس، يعني : أو آتـيكم بشهاب مقتبس.

والصواب من القول فـي ذلك أنهما قراءتان معروفتان فـي قَرَأة الأمصار، متقاربتا الـمعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وكان بعض نـحويـيّ البصرة يقول: إذا جُعل القبس بدلاً من الشهاب، فـالتنوين فـي الشهاب، وإن أضاف الشهاب إلـى القبس، لـم ينوّن الشهاب. وقال بعض نـحويـيّ الكوفة: إذا أضيف الشهاب إلـى القبس فهو بـمنزلة قوله وَلَدَارُ الاَخِرَةِ مـما يضاف إلـى نفسه إذا اختلف اسماه ولفظاه توهما بـالثانـي أنه غير الأوّل. قال: ومثله حبة الـخضراء، ولـيـلة القمراء، ويوم الـخميس وما أشبهه. وقال آخر منهم: إن كان الشهاب هو القبس لـم تـجز الإضافة، لأن القبس نعت، ولا يُضاف الاسم إلـى نعته إلا فـي قلـيـل من الكلام، وقد جاء: وَلَدَارُ الاَخِرَةِ ووَللَدّارُ الاَخِرَةُ.

والصواب من القول فـي ذلك أن الشهاب إذا أريد به أنه غير القبس، فـالقراءة فـيه بـالإضافة، لأن معنى الكلام حينئذ، ما بـينا من أنه شعلة قبس، كما قال الشاعر:

فـي كَفّه صَعْدَةٌ مُشَقّـفَةٌفِـيها سِنانٌ كشُعْلَةِ القَبَسِ

وإذا أريد بـالشهاب أنه هو القبس، أو أنه نعت له، فـالصواب فـي الشهاب التنوين، لأن الصحيح فـي كلام العرب ترك إضافة الاسم إلـى نعته، وإلـى نفسه، بل الإضافـات فـي كلامها الـمعروف إضافة الشيء إلـى غير نفسه وغير نعته.

و قوله: لَعَلّكُمْ تَصْطَلُونَ يقول: كي تصطلوا بها من البرد.

﴿ ٧