٢وأما قوله: أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ فإن معناه: أظَنّ الذين خرجوا يا مـحمد من أصحابك من أذى الـمشركين إياهم، أن نتركَهم بغير اختبـار، ولا ابتلاء امتـحان، بأن قالوا: آمنا بك يا مـحمد، فصدّقناك فـيـما جئتنا به من عند اللّه ، كَلاّ لنـختبرهم، لـيتبـين الصادق منهم من الكاذب. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٢١٠٧٥ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، فـي قول اللّه آمّنا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ قال: يُبْتلَون فـي أنفسهم وأموالهم. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مـجاهد ، مثله. ٢١٠٧٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ: أي لا يُبْتَلَون. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي هاشم، عن مـجاهد ، فـي قوله وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ قال: لا يُبْتَلَون. فَأَنِ الأولـى منصوبة بحسب، والثانـية منصوبة فـي قول بعض أهل العربـية، بتعلق يتركوا بها، وأن معنى الكلام علـى قوله أحَسِبَ النّاسُ أنْ يُتْرَكُوا لأن يقولوا آمنا فلـما حذفت اللام الـخافضة من لأَنْ، نصبت علـى ما ذكرت. وأما علـى قول غيره فهي فـي موضع خفض بإضمار الـخافض، ولا تكاد العرب تقول: تركت فلانا أن يذهب، فتدخـل أنْ فـي الكلام، وإنـما تقول: تركته يذهب، وإنـما أدخـلت أن هاهنا لاكتفـاء الكلام بقوله أنْ يُتْرَكُوا إذ كان معناه: أحسب الناس أن يُتركوا وهم لا يفتنون، من أجل أن يقولوا آمنا، فكان قوله: أنْ يُتْرَكُوا مكتفـية بوقوعها علـى الناس، دون أخبـارهم. وإن جعلت (أن) فـي قوله أنْ يَقُولُوا منصوبة بنـية تكرير أحسب، كان جائزا، فـيكون معنى الكلام: أحسب الناس أن يُتركوا: أحسبوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. |
﴿ ٢ ﴾