٢٩

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَئِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ...}.

يقول تعالـى ذكره مخبرا عن قـيـل لوط لقومه أئِنّكُمْ أيها القوم لَتأْتُونَ الرّجالَ فـي أدبـارهم وَتَقْطَعُونَ السّبِـيـلَ يقول: وتقطعون الـمسافرين علـيكم بفعلكم الـخبـيث، وذلك أنهم فـيـما ذُكر عَنْهم كانوا يفعلون ذلك بـمن مرّ علـيهم من الـمسافرين، من ورد بلادهم من الغربـاء. ذكر من قال ذلك:

٢١١٢١ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله وَتَقْطَعُونَ السّبِـيـلَ قال: السبـيـل: الطريق. الـمسافر إذا مرّ بهم، وهو ابن السبـيـل قَطَعوا به، وعملوا به ذلك العمل الـخبـيث.

و قوله: وَتأتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ اختلف أهل التأويـل فـي الـمنكر الذي عناه اللّه ، الذي كان هؤلاء القوم يأتونه فـي ناديهم، فقال بعضهم: كان ذلك أنهم كانوا يتضارطُون فـي مـجالسهم. ذكر من قال ذلك:

٢١١٢٢ـ حدثنـي عبد الرحمن بن الأسود، قال: حدثنا مـحمد بن ربـيعة، قال: حدثنا رَوْح بن عُطيفة الثقـفـيّ، عن عمرو بن صعب، عن عروة بن الزبـير، عن عائشة، فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: الضراط.

وقال آخرون: بل كان ذلك أنهم كانوا يخذفون من مر بهم. ذكر من قال ذلك:

٢١١٢٣ـ حدثنا أبو كُرَيب وابن وكيع قالا: حدثنا أبو أسامة، عن حاتـم بن أبـي صغيرة، عن سماك بن حرب، عن أبـي صالـح، عن أمّ هانىء، قالت: سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قالَ: (كانُوا يَخْذِفُونَ أهْلَ الطّرِيقِ وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) فهو الـمنكر الذي كانوا يأتون.

٢١١٢٤ـ حدثنا الربـيع، قال: حدثنا أسد، قال: حدثنا أبو أُسامة، بإسناده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، مثله.

حدثنا أحمد بن عبدة الضبـي، قال: حدثنا سلـيـم بن أخضر، قال: حدثنا أبو يونس القُشَيري، عن سِماك بن حرب، عن أبـي صالـح مولـى أمّ هانىء، أن أمّ هانىء سُئلت عن هذه الاَية وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ فقالت: سألت عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال: (كانُوا يَخْذِفُونَ أهْلَ الطّرِيقِ، وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) .

٢١١٢٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا عمر بن أبـي زائدة، قال: سمعت عكرِمة يقول فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كانوا يُؤْذون أهل الطريق يخذفون من مَرّ بهم.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنـي أبـي، عن عمر بن أبـي زائدة، قال: سمعت عكرِمة قال: الـخذف.

٢١١٢٦ـ حدثنا موسى، قال: أخبرنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان كلّ من مرّ بهم خذفوه فهو الـمنكر.

حدثنا الربـيع، قال: حدثنا أسد، قال: حدثنا سعيد بن زيد، قال: حدثنا حاتـم بن أبـي صغيرة، قال: حدثنا سِماك بن حرب، عن بـاذام، عن أبـي صالـح مولـى أمّ هانىء، عن أمّ هانىء، قالت: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن هذه الاَية وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: (كانُوا يَجْلِسُونَ بـالطّرِيقِ، فَـيَخْذِفُونَ أبْناءَ السّبِـيـلِ، وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ) .

وقال بعضهم: بل كان ذلك إتـيانهم الفـاحشة فـي مـجالسهم. ذكر من قال ذلك:

٢١١٢٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد ، قال: كان يأتـي بعضهم بعضا فـي مـجالسهم، يعني قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ.

حدثنا سلـيـمان بن عبد الـجبـار، قال: حدثنا ثابت بن مـحمد اللـيثـيّ، قال: حدثنا فضيـل بن عياض، عن منصور بن الـمعتـمر، عن مـجاهد ، فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان يجامع بعضهم بعضا فـي الـمـجالس.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مـجاهد وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كان يأتـي بعضهم بعضا فـي الـمـجالس.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنـي أبـي، عن سفـيان، عن منصور، عن مـجاهد ، قال: كانوا يجامعون الرجال فـي مـجالسهم.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: الـمـجالس، والـمنكَر: إتـيانهم الرجال.

٢١١٢٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: كانوا يأتون الفـاحشة فـي ناديهم.

٢١١٢٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله وتَأْتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ قال: ناديهم: الـمـجالس، والـمنكر: عملهم الـخبـيث الذي كانوا يعملونه، كانوا يعترضون بـالراكب فـيأخذونه ويركبونه. وقرأ أتأْتُونَ الفـاحِشَةَ وأنْتُـمْ تُبْصِرُونَ، وقرأ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أحَدٍ مِنَ العالَـمِينَ.

٢١١٣٠ـ حدثنـي علـيّ، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عباس ، قوله وتَأتُونَ فِـي نادِيكُمُ الـمُنْكَرَ يقول: فـي مـجالسكم.

وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب قول من قال: معناه: وتـحذفون فـي مـجالسكم الـمارّة بكم، وتسخَرون منهم لـما ذكرنا من الرواية بذلك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .

و قوله: فَمَا كانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إلاّ أنْ قالُوا ائْتِنا بعَذَابِ اللّه إنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِـينَ

يقول تعالـى ذكره: فلـم يكن جواب قوم لُوط إذ نهاهم عما يكرهه اللّه من إتـيان الفواحش التـي حرمها اللّه إلا قَـيـلهم: ائتنا بعذاب اللّه الذي تعدنا، إن كنت من الصادقـين فـيـما تقول، والـمنـجزين لـما تعد.

﴿ ٢٩