٥٦

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَعِبَادِيَ الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعْبُدُونِ }.

يقول تعالـى ذكره للـمؤمنـين به من عبـاده: يا عبـادي الذين وحّدونـي وآمنوا بـي وبرسولـي مـحمد صلى اللّه عليه وسلم إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ.

واختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي أريد من الـخبر عن سعة الأرض، فقال بعضهم: أريد بذلك أنها لـم تضق علـيكم فتقـيـموا بـموضع منها لا يحلّ لكم الـمُقام فـيه، ولكن إذا عمل بـمكان منها بـمعاصي اللّه فلـم تقدروا علـى تغيـيره، فـاهرُبوا منه. ذكر من قال ذلك:

٢١٢٠١ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفـيان، عن الأعمش، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال: إذا عمِل فـيها بـالـمعاصي، فـاخرج منها.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن إسماعيـل بن أبـي خالد، عن سعيد بن جُبَـير، فـي قوله إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال: إذا عمل فـيها بـالـمعاصي، فـاخرج منها.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن لـيث، عن رجل، عن سعيد بن جُبَـير، قال: اهرُبوا فإن أرضي واسعة.

٢١٢٠٢ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن شريك، عن منصور، عن عطاء، قال: إذا أمِرتـم بـالـمعاصي فـاهرُبوا، فإن أرضي واسعة.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن عطاء إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال: مـجانبة أهل الـمعاصي.

٢١٢٠٣ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، فـي قول اللّه إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ، فهاجروا وجاهدوا.

٢١٢٠٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله يا عِبـادِيَ الّذِينَ آمَنُوا إنّ أرضِي وَاسِعَةٌ فإيّايَ فـاعْبُدُونِ فقلت: يريد بهذا من كان بـمكة من الـمؤمنـين، فقال: نعم.

وقال آخرون: معنى ذلك: إن ما أخرج من أرضي لكم من الرزق واسع لكم. ذكر من قال ذلك:

٢١٢٠٥ـ حدثنا الـحسن بن عرفة، قال: ثنـي زيد بن الـحبـاب، عن شدّاد بن سعيد بن مالك أبـي طلـحة الراسبـي عن غَيْلان بن جرير الـمِعْولـي، عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير العامري، فـي قول اللّه : إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ: قال: إن رزقـي لكم واسع.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا زيد بن حبـاب، عن شدّاد، عن غَيلان بن جرير، عن مُطَرّف بن الشّخّير إنّ أرْضِي وَاسِعَةٌ قال: رزقـي لكم واسع.

وأولـى القولـين بتأويـل الاَية قول من قال: معنى ذلك: إن أرضي واسعة، فـاهربوا مـمن منعكم من العمل بطاعتـي لدلالة قوله فإيّايَ فـاعْبُدُونِ علـى ذلك، وأن ذلك هو أظهر معنـيـيه، وذلك أن الأرض إذا وصفها بِسعَة، فـالغالب من وصفه إياها بذلك، أنها لا تضيق جميعها علـى من ضاق علـيه منها موضع، لا أنه وصفها بكثرة الـخير والـخصب.

و قوله: فإيّايَ فـاعْبُدُونِ يقول: فأخـلِصوا إلـى عبـادتكم وطاعتكم، ولا تطيعوا فـي معصيتـي أحدا.

﴿ ٥٦