٣٦

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّه وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللّه وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً مّبِيناً }.

يقول تعالـى ذكره: لـم يكن لـمؤمن بـاللّه ورسوله، ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله فـي أنفسهم قضاء أن يتـخيروا من أمرهم غير الذي قضى فـيهم، ويخالفوا أمر اللّه وأمر رسوله وقضاءهما فـيعصوهما، ومن يعص اللّه ورسوله فـيـما أَمَرا أو نَهَيا فَقَدْ ضَلّ ضَلالاً مُبِـينا يقول: فقد جار عن قصد السبـيـل، وسلك غير سبـيـل الهدى والرشاد.

وذُكر أن هذه الاَية نزلت فـي زينب بنت جحش حين خطبها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علـى فتاه زيد بن حارثة، فـامتنعت من إنكاحه نفسها. ذكر من قال ذلك:

٢١٧٤٠ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عباس ، قوله: وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللّه وَرَسُولُهُ أمْرا.... إلـى آخر الاَية، وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انطلق يخطب علـى فتاه زيد بن حارثة، فدخـل علـى زينب بنت جحش الأسدية فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (فـانكحيه) ، فقلت: يا رسول اللّه أؤامَر فـي نفسي فبـينـما هما يتـحدّثان أنزل اللّه هذه الاَية علـى رسوله: وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ... إلـى قوله: ضَلالاً مُبِـينا قالت: قد رضيته لـي يا رسول اللّه مَنْكَحا؟ قال: (نَعم) ، قالت: إذن لا أعصى رسول اللّه ، قد أنكحته نفسي.

٢١٧٤١ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: حدثنا الـحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد ، قوله: أنْ تَكُونَ لَهُمُ الـخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ قال: زينب بنت جحش وكراهتها نكاح زيد بن حارثة حين أمرها به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .

٢١٧٤٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللّه وَرَسُولُهُ أمْرا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الـخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ قال: نزلت هذه الاَية فـي زينب بنت جحش، وكانت بنت عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فخطبها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرضيت، ورأت أنه يخطبها علـى نفسه فلـما علـمت أنه يخطبها علـى زيد بن حارثة أبت وأنكرت، فأنزل اللّه : وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللّه وَرَسُولُهُ أمْرا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الـخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ قال: فتابعته بعد ذلك ورضيت.

٢١٧٤٣ـ حدثنـي أبو عبـيد الوصافـي، قال: حدثنا مـحمد بن حمير، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن ابن أبـي عمرة، عن عكرمة عن ابن عباس ، قال: خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فـاستنكفت منه وقالت: أنا خير منه حَسَبـا، وكانت امرأة فـيها حدّة، فأنزل اللّه : وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللّه وَرَسُولُهُ أمْرا... الاَية كلها.

و

قـيـل: نزلت فـي أمّ كلثوم بنت عُقْبة بن أبـي مُعَيط، وذلك أنها وهبت نفسها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فزوّجها زيد بن حارثة. ذكر من قال ذلك:

٢١٧٤٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللّه وَرَسُولُهُ أمْرا.... إلـى آخر الاَية، قال: نزلت فـي أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبـي مُعَيط، وكانت من أوّل من هاجر من النساء، فوهبت نفسها للنبـيّ صلى اللّه عليه وسلم ، فزوّجها زيد بن حارثة، فسخِطت هي وأخوها، وقالا: إنـما أردنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فزوّجنا عبده قال: فنزل القرآن: وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللّه وَرَسُولُهُ أمْرا أنْ يَكُونَ لَهُمُ الـخِيرَةُ مِنْ أمْرِهِمْ... إلـى آخر الاَية قال: وجاء أمر أجمع من هذا: النبي أوْلَـى بـالـمُؤْمِنِـينَ منْ أنْفُسِهمْ قال: فذاك خاصّ، وهذا إجماع.

﴿ ٣٦