تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة فاطرمكية وآياتها خمسٌ وأربعون بسم اللّه الرحمَن الرحيـم ١القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {الْحَمْدُ للّه فَاطِرِ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ...}. يقول تعالـى ذكره: الشكر الكامل للـمعبود الذي لا تصلـح العبـادة إلا له، ولا ينبغي أن تكون لغيره خالق السموات السبع والأرض، جاعِلِ الـمَلائِكَةِ رُسُلاً إلـى من يشاء من عبـاده، وفـيـما شاء من أمره ونهيه أُولـي أجْنِـحَةٍ مّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبـاعَ يقول: أصحاب أجنـحة: يعني ملائكة، فمنهم من له اثنان من الأجنـحة، ومنهم من له ثلاثة أجنـحة، ومنهم من له أربعة، كما: ٢٢١٠٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة أُولـي أجْنِـحَةٍ مّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبـاعَ قال بعضهم: له جناحان، وبعضهم: ثلاثة، وبعضهم أربعة. واختلف أهل العربـية فـي علة ترك إجراء مَثْنَى وثلاث وربـاع، وهي ترجمة عن أجنـحة، وأجنـحة نكرة، فقال بعض نـحويـيّ البصرة. تُرك إجراؤهنّ لأنهنّ مصروفـات عن وجوههنّ، وذلك أن مثنى مصروف عن اثنـين، وثلاث عن ثلاثة، ورُبـاع عن أربعة، فصرف نظيرُ عمَرَ، وزُفَرَ، إذ صُرِف هذا عن عامر إلـى عمر، وهذا عن زافر إلـى زُفر، وأنشد بعضهم فـي ذلك: وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ وَمَوْحَدَاوترَكْتُ مَرّةَ مِثْلَ أمْسِ الـمُدْبِرِ وقال آخر منهم: لـم يصرف ذلك لأنه يوهم به الثلاثة والأربعة، قال: وهذا لا يستعمل إلا فـي حال العدد. وقال بعض نـحويـيّ الكوفة: هنّ مصروفـات عن الـمعارف، لأن الألف واللام لا تدخـلها، والإضافة لا تدخـلها قال: ولو دخـلتها الإضافة والألف واللام لكانت نكرة، وهي ترجمة عن النكرة قال: وكذلك ما كان فـي القرآن، مثل: أنْ تَقُومُوا للّه مَثْنَى وَفُرَادَى، وكذلك وُحاد وأحاد، وما أشبهه من مصروف العدد. و قوله: يَزِيدُ فِـي الـخَـلْقِ ما يَشاءُ وذلك زيادته تبـارك وتعالـى فـي خـلق هذا الـملك من الأجنـحة علـى الاَخر ما يشاء، ونقصانه عن الاَخر ما أحبّ، وكذلك ذلك فـي جميع خـلقه يزيد ما يشاء فـي خـلق ما شاء منه، وينقص ما شاء من خـلق ما شاء، له الـخـلق والأمر، وله القدرة والسلطان إنّ اللّه علـى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول: إن اللّه تعالـى ذكره قدير علـى زيادة ما شاء من ذلك فـيـما شاء، ونقصان ما شاء منه مـمن شاء، وغير ذلك من الأشياء كلها، لا يـمتنع علـيه فعل شيء أراده سبحانه وتعالـى. |
﴿ ١ ﴾