٤

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِيَ آيَاتِ اللّه إِلاّ الّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ فِي الْبِلاَدِ}.

يقول تعالى ذكره: ما يخاصم في حجج اللّه وأدلته على وحدانيته بالإنكار لها، إلا الذين جحدوا توحيده.

و قوله: فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ في البِلادِ

يقول جلّ ثناؤه: فلا يخدعك يا محمد تصرّفهم في البلاد وبقاؤهم ومكثهم فيها، مع كفرهم بربهم، فتحسب أنهم إنما أمهلوا وتقلبوا، فتصرّفوا في البلاد مع كفرهم باللّه ، ولم يعاجلوا بالنقمة والعذاب على كفرهم لأنهم على شيء من الحق فإنا لم نمهلهم لذلك، ولكن ليبلغ الكتاب أجله، ولتحقّ عليهم كلمة العذاب، عذاب ربك، كما:

٢٣٣٢٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فلا يَغْرُرْكَ تَقَلّبُهُمْ فِي البِلاد أسفارهم فيها، ومجيئهم وذهابهم.

ثم قصّ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قصص الأمم المكذّبة رسلها، وأخبره أنهم كانوا من جدالهم لرسله على مثل الذي عليه قومه الذين أرسل إليهم، وإنه أحلّ بهم من نقمته عند بلوغهم أمدهم بعد إعذار رسله إليهم، وإنذارهم بأسه ما قد ذكر في كتابه إعلاما منه بذلك نبيه، أن سنته في قومه الذين سلكوا سبيل أولئك في تكذيبه وجداله سنته من إحلال نقمته بهم، وسطوته بهم، فقال تعالى ذكره: كذبت قبل قومك المكذّبين لرسالتك إليهم رسولاً، المجادليك بالباطل قوم نوح والأحزاب من بعدهم، وهم الأمم الذين تحزّبُوا وتجمّعوا على رسلهم بالتكذيب لها، كعاد وثمود، وقوم لوط، وأصحاب مَدْيَن وأشباههم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

﴿ ٤