تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن

للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

إمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)

_________________________________

سورة ق

سورة ق مكية وآياتها خمس وأربعون

بِسم اللّه الرحمَن الرحيم

١

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {قَ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}.

اختلف أهل التأويل في قوله: ق، فقال بعضهم: هو اسم من أسماء اللّه تعالى أُقسم به ذكر من قال ذلك:

٢٤٦١٦ـ حدثني عليّ بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس في قوله: ق و ن وأشباه هذا، فإنه قسم أقسمه اللّه ، وهو اسم من أسماء اللّه .

وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن. ذكر من قال ذلك:

٢٤٦١٧ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله ق قال: اسم من أسماء القرآن.

وقال آخرون: ق اسم الجبل المحيط بالأرض، وقد تقدّم بياننا في تأويل حروف المعجم التي في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع.

و قوله: وَالقُرآنِ المَجِيدِ يقول: والقرآن الكريم. كما:

٢٤٦١٨ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبَير ق والقرآن المَجِيدِ قال: الكريم.

واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم، فقال بعض نحوّيي البصرة ق والقُرآنِ المَجِيدِ قسم على قوله: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ وقال بعض نحوّيي أهل الكوفة: فيها المعنى الذي أقسم به، وقال: ذكر أنها قضى واللّه ، وقال: يقال: إن قاف جبل محيط بالأرض، فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع: أي هو قاف واللّه قال: وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء قال: ولعلّ القاف وحدها ذكرت من اسمه، كما قال الشاعر:

(قُلْت لهَا قِفِي لَنَا قالَتْ قافْ )

ذُكرت القاف إرادة القاف من الوقف: أي إني واقفة.

وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب، لأنه لا يعرف في أجوبة الإيمان قد، وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة: اللام، وإن، وما، ولا، أو بترك جوابها فيكون ساقطا.

﴿ ١