٥

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {بَلْ كَذّبُواْ بِالْحَقّ لَمّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيَ أَمْرٍ مّرِيجٍ }.

يقول تعالى ذكره: ما أصاب هؤلاء المشركون القائلون أئِذَا مِتْنا وكُنّا تُرَابا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ في قيلهم هذا بَلْ كَذّبُوا بالحَقّ، وهو القرآن لَمّا جَاءَهُمْ من اللّه . كالذي:

٢٤٦٢٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة بَلْ كَذّبُوا بالحَقّ لَمّا جاءَهُمْ أي كذّبوا بالقرآن فَهُمْ فِي أمْرٍ مَرِيجٍ يقول: فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس، لا يعرفون حقه من باطله، (يقال) قد مرج أمر الناس إذا اختلط وأهمل.

وقد اختلفت عبارات أهل التأويل في تأويلها، وإن كانت متقاربات المعاني، فقال بعضهم: معناها: فهم في أمر منكر وقال: المريج: هو الشيء المنكر. ذكر من قال ذلك:

٢٤٦٢٥ـ حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثني سلم بن قُتيبة، عن وهب بن حبيب الاَمديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عباس أنه سُئل عن قوله: أمْرٍ مَرِيجٍ قال: المريج: الشيء المنكر أما سمعت قول الشاعر:

فَجالَتْ والْتَمَسَتْ بهِ حَشاهَافَخَرّ كأنّهُ خُوطٌ مَرِيج

وقال آخرون: بل معنى ذلك: في أمر مختلف. ذكر من قال ذلك:

٢٤٦٢٦ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله فِي أمْرٍ مَرِيجٍ يقول: مختلف.

وقال آخرون: بل معناه: في أمر ضلالة.

ذكر من قال ذلك:

٢٤٦٢٧ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس فَهُمْ في أمْرٍ مَرِيجٍ قال: هم في أمر ضلالة.

وقال آخرون: بل معناه: في أمر مُلْتبِس. ذكر من قال ذلك:

٢٤٦٢٨ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبَير، في قوله: فَهُمْ فِي أمْرٍ مَرِيجٍ قال: مُلْتَبِسٍ.

٢٤٦٢٩ـ حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: أَمْرٍ مَرِيجٍ قال: ملتبس.

٢٤٦٣٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: فَهُمْ فِي أمْرٍ مَرِيجٍ ملتبس عليهم أمره.

٢٤٦٣١ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، قال: والتبس عليه دينه.

وقال آخرون: بل هو المختلط. ذكر من قال ذلك:

٢٤٦٣٢ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: فِي أمْرٍ مَرِيجٍ قال: المريج: المختلط.

وإنما قلت: هذه العبارات وإن اختلفت ألفاظها فهي في المعنى متقاربات، لأن الشيء مختلف ملتبس، معناه مشكل. وإذا كان كذلك كان منكرا، لأن المعروف واضح بين، وإذا كان غير معروف كان لا شكّ ضلالة، لأن الهدى بيّن لا لبس فيه.

﴿ ٥