٢٣

و قوله: يَتَنازَعُونَ فِيها كأسا يقول: يتعاطون فيها كأس الشراب، ويتداولونها بينهم، كما قال الأخطل:

نازَعْتُهُ طَيّبَ الرّاحِ الشّمُولِ وَقَدْصَاحَ الدّجاجُ وَحانَتْ وَقْعَةُ السّارِي

و قوله: لا لَغْوٌ فِيها يقول: لا باطل في الجنة، والهاء في قوله (فيها) من ذكر الكأس، ويكون المعنى لما فيها الشراب بمعنى: أن أهلها لا لغو عندهم فيها ولا تأثيم، واللغو: الباطل.

و قوله: وَلا تَأْثِيمٌ يقول: ولا فعل فيها يُؤثم صاحبه. و

قيل: عنى بالتأثيم: الكذب. ذكر من قال ذلك:

٢٥٠٤٤ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: لا لَغْوٌ فِيها يقول: لا باطل فيها.

و قوله: وَلا تَأثِيمٌ يقول: لا كذب.

٢٥٠٤٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: لا لَغْوٌ فِيها قال: لا يستبون وَلا تَأْثِيمٌ يقول: ولا يؤثمون.

٢٥٠٤٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ: أي لا لغو فيها ولا باطل، إنما كان الباطل في الدنيا مع الشيطان.

وحدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله: لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ قال: ليس فيها لغو ولا باطل، إنما كان اللغو والباطل في الدنيا.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ بالرفع والتنوين على وجه الخبر، على أنه ليس في الكأس لغو ولا تأثيم. وقرأه بعض قرّاء البصرة (لا لَغْوَ فِيها وَلا تَأْثِيمَ) نصبا غير منوّن على وجه التبرئة.

والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، وإن كان الرفع والتنوين أعجب القراءتين إليّ لكثرة القرأة بها، وأنها أصحّ المعنيين.

﴿ ٢٣