٣٢القول فـي تأويـل قوله تعالى: {الّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم إنّ رَبّكَ يا محمد وَاسِعُ المَغْفِرَةِ: واسع عفوه للمذنبين الذين لم تبلغ ذنوبهم الفواحش وكبائر الإثم. وإنما أعلم جل ثناؤه بقوله هذا عباده أنه يغفر اللمم بما وصفنا من الذنوب لمن اجتنب كبائر الإثم والفواحش. كما: ٢٥٢١٤ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إنّ رَبّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ قد غفر ذلك لهم. و قوله: هُوَ أعْلَمُ بِكُمْ إذْ أنشأَكُمْ مِنَ الأرْضِ يقول تعالى ذكره: ربكم أعلم بالمؤمن منكم من الكافر، والمحسن منكم من المسيء، والمطيع من العاصي، حين ابتدعكم من الأرض، فأحدثكم منها بخلق أبيكم آدم منها، وحين أنتم أجنة في بطون أمهاتكم، يقول: وحين أنتم حمل لم تولدوا منكم، وأنفسكم بعدما، صرتم رجالاً ونساء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأول. ذكر من قال ذلك: ٢٥٢١٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إذْ أنْشأَكُمْ مِنَ الأرْضِ قال: كنح و قوله: وَهُوَ أعْلَمُ بالمُهْتَدِينَ. ٢٥٢١٦ـ وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: إذْ أَنْشأَكُمْ مِنَ الأرْضِ قال: حين خلق آدم من الأرض ثم خلقكم من آدم، وقرأ وَإذْ أنْتُمْ أجِنّةٌ فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُمْ. وقد بيّنا فيما مضى قبل معنى الجنين، ولِمَ قيل له جنين، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. و قوله: فَلا تُزَكّوا أنْفُسَكُمْ يقول جل ثناؤه: فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصيّ. كما: ٢٥٢١٧ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، قال: سمعت زيد بن أسلم يقول فَلا تُزكّوا أنْفُسَكُمْ يقول: فلا تبرئوها. و قوله: هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتّقَى يقول جلّ ثناؤه: ربك يا محمد أعلم بمن خاف عقوبة اللّه فاجتنب معاصيه من عباده. |
﴿ ٣٢ ﴾