تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة الصفسورة الصف مدنية وآياتها أربع عشرة بسم اللّه الرحمَن الرحيم ١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {سَبّحَ للّه مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.
يقول جلّ ثناؤه: سَبّحَ للّه ما فِي السّمَوَاتِ السبع وَما فِي الأرْضِ من الخلق، مُذعنين له بالألوهة والربوبية وَهُوَ العَزِيزُ في نقمته ممن عصاه منهم، فكفر به، وخالف أمره الْحَكِيمُ في تدبيره إياهم. ٢و قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا صدّقوا اللّه ورسوله، لم تقولون القول الذي لا تصدّقونه بالعمل، فأعمالكم مخالفة أقوالكم كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ يقول: عظم مقتا عند ربكم قولكم ما لا تفعلون. واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أُنْزلت هذه الآية، فقال بعضهم: أُنزلت توبيخا من اللّه لقوم من المؤمنين، تمنوا معرفة أفضل الأعمال، فعرّفهم اللّه إياه، فلما عرفوا قصروا، فعوتبوا بهذه الآية. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٣٣ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يُفرض الجهاد يقولون: لوددنا أن اللّه دلنا على أحبّ الأعمال إليه، فنعمل به، فأخبر اللّه نبيه أن أحبّ الأعمال إليه إيمان باللّه لا شكّ فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقرّوا به فلما نزل الجهاد، كره ذلك أُناس من المؤمنين، وشقّ عليهم أمره، فقال اللّه : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ قال: كان قوم يقولون: واللّه لو أنا نعلم ما أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملناه، فأنزل اللّه على نبيه صلى اللّه عليه وسلم : يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتا... إلى قوله بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ فدلهم على أحبّ الأعمال إليه. ٢٦٣٣٤ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، قال: قالوا: لو كنا نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه وأفضل، فنزلت: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلّكُمْ على تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمٍ فكرهوا، فنزلت: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ. ٢٦٣٣٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول اللّه لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ... إلى قوله: مَرْصُوصٌ فيما بين ذلك في نفر من الأنصار فيهم عبد اللّه بن رواحة، قالوا في مجلس: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه لعملنا بها حتى نموت، فأنزل اللّه هذا فيهم، فقال عبد اللّه بن رواحة: لا أزال حبيسا في سبيل اللّه حتى أموت، فقُتل شهيدا. وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في توبيخ قوم من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، كان أحدهم يفتخر بالفعل من أفعال الخير التي لم يفعلها، فيقول فعلت كذا وكذا، فعذلهم اللّه على افتخارهم بما لم يفعلوا كذبا. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٣٦ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ قال: بلغني أنها كانت في الجهاد، كان الرجل يقول: قاتلت وفعلت، ولم يكن فعل، فوعظهم اللّه في ذلك أشدّ الموعظة. حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ يؤذنهم ويعلمهم كما تسمعون كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه وكانت رجال تخبر في القتال بشيء لم يفعلوه ولم يبلغوه، فوعظهم اللّه في ذلك موعظة بليغة، فقال: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ... إلى قوله: كأنّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ. ٢٦٣٣٧ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ أنزل اللّه هذا في الرجل يقول في القتال ما لم يفعله من الضرب والطعن والقتل قال اللّه : كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ. وقال آخرون: بل هذا توبيخ من اللّه لقوم من المنافقين، كانوا يَعِدُونَ المؤمنين النصر وهم كاذبون. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٣٨ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول اللّه : كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ يقول للنبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه: لو خرجتم خرجنا معكم، وكنا في نصركم، وفى، وفى، فأخبرهم أنه كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ. وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: عنى بها الذين قالوا: لو عرفنا أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملنا به، ثم قصروا في العمل بعدما عرفوا. وإنما قلنا: هذا القول أولى بها، لأن اللّه جل ثناؤه خاطب بها المؤمنين، فقال: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا ولو كانت نزلت في المنافقين لم يسموْا، ولم يوصفوا بالإيمان، ولو كانوا وصفوا أنفسهم بفعل ما لم يكونوا فعلوه، كانوا قد تعمدوا قيل الكذب، ولم يكن ذلك صفة القوم، ولكنهم عندي أمّلوا بقوله م: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى اللّه عملناه أنهم لو علموا بذلك عملوه فلما علموا ضعفت قوى قوم منهم، عن القيام بما أملوا القيام به قبل العلم، وقوي آخرون فقاموا به، وكان لهم الفضل والشرف. ٣واختلفت أهل العربية في معنى ذلك، وفي وجه نصب قوله: كَبُرَ مَقْتا فقال بعض نحويي البصرة: قال: كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه : أي كبر مقتكم مقتا، ثم قال: أنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ: أذى قولكم. وقال بعض نحويي الكوفة: قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ: كان المسلمون يقولون: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى اللّه لأتيناه، ولو ذهبت فيه أنفسنا وأموالنا فلما كان يوم أُحد، نزلوا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى شُجّ، وكُسرت رباعيته، فقال: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ، ثم قال: كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه كبر ذلك مقتا: أي فأن في موضع رفع، لأن كبر ك قوله: بئس رجلاً أخوك. و قوله: كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّه وَعِنْدَ الّذِينَ آمَنُوا، أُضْمِرَ في كبر اسم يكون مرفوعا. والصواب من القول في ذلك عندي أن قوله مَقْتا منصوب على التفسير، كقول القائل: كبر قولاً هذا القول. ٤القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّ اللّه يُحِبّ الّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنّهُم بُنْيَانٌ مّرْصُوصٌ }. يقول تعالى ذكره للقائلين: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى اللّه لعملناه حتى نموت: إنّ اللّه أيها القوم يُحِبّ الّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ كأنهم، يعني في طريقه ودينه الذي دعا إليه صَفّا يعني بذلك أنهم يقاتلون أعداء اللّه مصطفين. و قوله: كأنّهُمْ بُنْيان مَرْصُوصٌ يقول: يقاتلون في سبيل اللّه صفا مصطفا، كأنهم في اصطفافهم هنالك حيطان مبنية قد رصّ، فأحكم وأتقن، فلا يغادر منه شيئا، وكان بعضهم يقول: بني بالرصاص. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٣٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: إنّ اللّه يُحِبّ الّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّا كأنّهُم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحبّ أن يخلف بنيانه، كذلك تبارك وتعالى لا يختلف أمره، وإن اللّه وصف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم، فعليكم بأمر اللّه فإنه عصمة لمن أخذ به. ٢٦٣٤٠ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد إنّ اللّه يُحِبّ الّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّا كأنّهُم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ قال: والذين صدّقوا قولهم بأعمالهم هؤلاء قال: وهؤلاء لم يصدّقوا قولهم بالأعمال لما خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم نكصوا عنه وتخلّفوا. وكان بعض أهل العلم يقول: إنما قال اللّه إنّ اللّه يُحِبّ الّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّا ليدلّ على أن القتال راجلا أحبّ إليه من القتال فارسا، لأن الفرسان لا يصطفون، وإنما تصطف الرجالة. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٤١ـ حدثني سعيد بن عمرو السكوني، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن أبي بكر ابن أبي مريم، عن يحيى بن جابر الطائي، عن أبي بحرية، قال: كانوا يكرهون القتال على الخيل، ويستحبون القتال على الأرض، لقول اللّه : إنّ اللّه يُحِبّ الّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّا كأنّهُم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ قال: وكان أبو بحرية يقول: إذا رأيتموني التفتّ في الصفّ، فجئوا في لحيي. ٥القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ يَقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي ... }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : واذكر يا محمد إذْ قالَ مُوسَى بن عمران لِقَوْمِهِ يا قَوْم لِمَ تُوءْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ حقا أنُى رَسُولُ اللّه إلَيْكُمْ. و قوله: فَلَمّا زَاغُوا أزَاغَ اللّه قُلُوبَهُمْ يقول: فلما عدلوا وجاروا عن قصد السبيل أزاغ اللّه قلوبهم: يقول: أمال اللّه قلوبهم عنه وقد: ٢٦٣٤٢ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام، قال: حدثنا أبو غالب، عن أبي أمامة في قوله: فَلَمّا زَاغُوا أزَاغَ اللّه قُلُوبَهُمْ قال: هم الخوارج. وَاللّه لا يَهْدِي القَوْمَ الفاسِقِينَ يقول: واللّه لا يوفّق لإصابة الحقّ القوم الذين اختاروا الكفر على الإيمان. ٦القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنّي رَسُولُ اللّه إِلَيْكُم مّصَدّقاً ...}. يقول تعالى ذكره: واذكر أيضا يا محمد إذْ قالَ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ لقومه من بني إسرائيل يا بَنِي إسْرائِيلَ إنّي رَسُولُ اللّه إلَيْكُمْ مُصَدّقا لِمَا بَينِ يَدَيّ مِنَ التّوْرَاةِ التي أُنزلت على موسى وَمُبَشّرا أبشركم بِرَسُولٍ يأتي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أحْمَدُ. ٢٦٣٤٣ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد، عن عبد الأعلى بن هلال السلميّ، عن عرباض بن سارية، قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إنّي عِنْدَ اللّه مَكْتُوبٌ لخَاتِمُ النبي ينَ، وَإنّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وسأُخْبِرُكُمْ بأوّلِ ذَلكَ: دَعْوَةُ أبي إبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي، وَالرّوءْيا التي رأتْ أُمّي، وكَذلكَ أُمّهاتُ النبي ينَ، يَرَيْنَ أنّها رأتْ حِينَ وَضَعَتْنِي أنّهُ خَرَجَ مِنْها نُورٌ أضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشّام) . فَلَمّا جاءَهُمْ بالبَيّناتِ يقول: فلما جاءهم أحمد بالبينات، وهي الدلالات التي آتاه اللّه حججا على نبوّته قالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ يقول: ما أتى به غير أنني ساحر. ٧القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّه الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىَ إِلَى الإِسْلاَمِ وَاللّه لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ }. يقول تعالى ذكره: ومن أشدّ ظلما وعدوانا ممن اختلق على اللّه الكذب، وهو قول قائلهم للنبيّ صلى اللّه عليه وسلم : هو ساحر ولما جاء به سحر، فكذلك افتراؤه على اللّه الكذب وهو يُدعى إلى الإسلام يقول: إذا دعي إلى الدخول في الإسلام، قال على اللّه الكذب، وافترى عليه الباطل وَاللّه لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ يقول: واللّه لا يوفّق القوم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم به لإصابة الحقّ. ٨القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللّه بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللّه مُتِمّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }. يقول تعالى ذكره: يريد هؤلاء القائلون لمحمد صلى اللّه عليه وسلم : هذا ساحر مبين لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّه بأفْوَاهِهِمْ يقول: يريدون ليبطلوا الحقّ الذي بعث اللّه به محمدا صلى اللّه عليه وسلم بأفواههم يعني بقوله م إنه ساحر، وما جاء به سحر، وَاللّه مُتِمّ نُورِهِ يقول: اللّه معلن الحقّ، ومظهر دينه، وناصر محمدا عليه الصلاة والسلام على من عاداه، فذلك إتمام نوره، وعنى بالنور في هذا الموضع الإسلام. وكان ابن زيد يقول: عُنِي به القرآن. ٢٦٣٤٤ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّه بأفْوَاهِهِمْ قال: نور القرآن. واختلفت القرّاء في قراءة قوله تعالى: وَاللّه مُتِمّ نورِهِ فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (مُتِمّ نُورَهُ) بالنصب. وقرأه بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة مُتِمّبغير تنوين نورِه خفضا، وهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب عندنا. و قوله: وَلَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ يقول: واللّه مظهر دينه، ناصر رسوله، ولو كره الكافرون باللّه . ٩القول فـي تأويـل قوله تعالى: {هُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىَ وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }. يقول تعالى ذكره: اللّه الذي أرسل رسوله محمدا بالهدى ودين الحقّ، يعني ببيان الحقّ ودين الحقّ يعني : وبدين اللّه ، وهو الإسلام. و قوله: لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلّه يقول: ليظهر دينه الحقّ الذي أرسل به رسوله على كلّ دين سواه، وذلك عند نزول عيسى ابن مريم، وحين تصير الملة واحدة، فلا يكون دين غير الإسلام، كما: ٢٦٣٤٥ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبي المقدام ثابت بن هرمز، عن أبي هريرةلِيَظْهِرَهُ على الدّينِ كُلّه قال: خروج عيسى ابن مريم. وقد ذكرنا اختلاف المختلفين في معنى قوله لَيُظْهِرَهُ على الدّين كُلّهِ والصواب عندنا من القول في ذلك بعللّه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وقد: ٢٦٣٤٦ـ حدثني عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثنا الأسود بن العلاء، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة قالت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: (لا يَذْهَبُ اللّيْلُ والنّهارُ حتى تُعْبَدَ اللاّتُ والعُزّى) فقالت عائشة: واللّه يا رسول اللّه إن كنت لأظنّ حين أنزل اللّه هُوَ الّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بالهُدَى وَدِينِ الحَقّ لِيُظْهِرَهُ على الدّينِ كُلّه... الآية، أن ذلك سيكون تاما، فقال: (إنّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذلكَ ما شاءَ اللّه ، ثُمّ يَبْعَثُ اللّه رِيحا طَيّبَةً، فَيَتَوَفّى مَنْ كانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مَنْ خَيْرٍ، فَيَبْقَى مَنْ لا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرْجِعُونَ إلى دِينِ آبائِهمْ) . ١٠القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلّكمْ عَلَىَ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }. يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلّكُمْ على تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمٍ موجع، وذلك عذاب جهنم ثم بين لنا جل ثناؤه ما تلك التجارة التي تنجينا من العذاب الأليم، فقال: تُوءْمِنُونَ باللّه وَرَسُولِهِ محمد صلى اللّه عليه وسلم . ١١فإن قال قائل: وكيف قيل: تُوءْمِنُونَ باللّه وَرَسُولِهِ، وقد قيل لهم: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا بوصفهم بالإيمان؟ فإن الجواب في ذلك نظير جوابنا في قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا باللّه وقد مضى البيان عن ذلك في موضعه بما أغنى عن إعادته. و قوله: وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيل اللّه بأمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ يقول تعالى ذكره: وتجاهدون في دين اللّه ، وطريقه الذي شرعه لكم بأموالكم وأنفسكم ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ يقول: إيمانكم باللّه ورسوله، وجهادكم في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم خَيْرٌ لَكُمْ من تضييع ذلك والتفريط إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مضارّ الأشياء ومنافعها. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد اللّه : (آمِنُوا باللّه ) على وجه الأمر، وبيّنت التجارة من قوله: هَلْ أدُلّكُمْ على تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ وفسّرت ب قوله: تُوءْمِنُونَ باللّه ولم يقل: أن تؤمنوا، لأن العرب إذا فسرت الاسم بفعل تثبت في تفسيره أن أحيانا، وتطرحها أحيانا، فتقول للرجل: هل لك في خير تقوم بنا إلى فلان فنعوده؟ هل لك في خير أن تقوم إلى فلان فنعوده؟، بأن وبطرحها. ومما جاء في الوجهين على الوجهين جميعا قوله: فَلْيَنْظُرِ الإنْسانُ إلى طَعامِهِ أنّا وإنا فالفتح في أنا لغة من أدخل في يقوم أن من قولهم: هل لك في خير أن تقوم، والكسر فيها لغة من يُلقي أن من تقوم ومنه قوله: فانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أنّا دَمّرْناهُمْ وإنا دمرناهم، على ما بيّنا. ٢٦٣٤٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلّكُمْ على تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ... الآية، فلولا أن اللّه بينها، ودلّ عليها المؤمنين، لتلهف عليها رجال أن يكونوا يعلمونها، حتى يضنوا بها وقد دلكم اللّه عليها، وأعلمكم إياها فقال: تُوءْمِنُونَ باللّه وَرَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّه بأمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. ٢٦٣٤٨ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة : هَلْ أدُلّكُمْ على تجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أليمٍ تُوءْمِنُونَ باللّه وَرَسُولِهِ وتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّه قال: الحمد للّه الذي بينها. ١٢القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }. يقول تعالى ذكره: يستر عليكم ربكم ذنوبكم إذا أنتم فعلتم ذلك فيصفح عنكم ويعفو وَيُدْخِلْكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِها الأنهارُ يقول: ويُدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار وَمَساكِنَ طَيّبَةً يقول: ويُدخلكم أيضا مساكن طيبة فِي جَنّاتِ عَدْنٍ يعني في بساتين إقامة، لا ظعن عنها. وقوله ذلكَ الفَوْزُ العَظِيمُ يقول: ذلك النجاء العظيم من نكال الاَخرة وأهوالها. ١٣القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَأُخْرَىَ تُحِبّونَهَا نَصْرٌ مّن اللّه وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشّرِ الْمُؤْمِنِينَ }. اختلف أهل العربية فيما نعتت به قوله وأُخْرَى فقال بعض نحوييّ البصرة: معنى ذلك: وتجارة أخرى، فعلى هذا القول يجب أن يكون أخرى في موضع خفض عطفا به على قوله: هَلْ أدُلّكُمْ على تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ ألِيمِ وقد يحتمل أن يكون رفعا على الابتداء. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: هي في موضع رفع. أي ولكم أخرى في العاجل مع ثواب الاَخرة، ثم قال: نصر من اللّه مفسرا للأخرى. والصواب من القول في ذلك عندي القول الثاني، وهو أنه معنّي به: ولكم أخرى تحبونها، لأن قوله نَصْرٌ مِنَ اللّه وفَتْحٌ قَرِيبٌ مبين عن أن قوله وأُخرى في موضع رفع، ولو كان جاء ذلك خفضا حسن أن يجعل قوله وأُخْرَى عطفا على قوله تِجَارَةٍ، فيكون تأويل الكلام حينئذ لو قرىء ذلك خفضا، وعلى خلة أخرى تحبونها، فمعنى الكلام إذا كان الأمر كما وصفت: هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون باللّه ورسوله، يغفر لكم ذنوبكم، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، ولكم خلة أخرى سوى ذلك في الدنيا تحبونها: نصر من اللّه لكم على أعدائكم، وفتح قريب يعجله لكم. وَبَشّرِ المُوءْمِنِينَ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : وبشر يا محمد المؤمنين بنصر اللّه إياهم على عدّوهم، وفتح عاجل لهم. ١٤و قوله: يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أنْصَارَ اللّه اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: (كُونُوا أنْصَارا للّه) بتنوين الأنصار. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بإضافة الأنصار إلى اللّه . والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب، ومعنى الكلام: يا أيها الذين صدّقوا اللّه ورسوله، كونوا أنصار اللّه ، كما قال عيسى ابن مريم للحواريين: مَنْ أنْصَاري إلى اللّه ، يعني من أنصاري منكم إلى نصرة اللّه لي. وكان قتادة يقول في ذلك ما: ٢٦٣٤٩ـ حدثني به بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أنْصَارَ اللّه كما قال عيسَى ابنُ مَرْيَمَ للْحَوَارِيّينَ مَنْ أنْصَارِي إلى اللّه قال الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أنْصَارُ اللّه قال: قد كانت للّه أنصار من هذه الأمة تجاهد على كتابه وحقه. وذُكر لنا أنه بايعه ليلة العقبة اثنان وسبعون رجلاً من الأنصار، ذُكر لنا أن بعضهم قال: هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ إنكم تبايعون على محاربة العرب كلها أو يُسلموا. وذُكر لنا أن رجلاً قال: يا نبيّ اللّه اشترط لربك ولنفسك ما شئت، قال: أُشْتَرِطُ لربيّ أَنْ تَعبدوه، ولا تُشْرِكُوا به شيئا، وأَشْترطُ لنفسي أن تمنَعوني مما مَنَعْتُم منه أنفسَكُم وأبناءَكم قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا يا نبيّ اللّه ؟ قال: (لكم النصر في الدنيا، والجنة في الاَخرة) ، ففعلوا، ففعل اللّه . ٢٦٣٥٠ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة كُونُوا أنْصَارَ اللّه كمَا قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ للْحَوَارِيّينَ مَنْ أنْصَارِي إلى اللّه قال: قد كان ذلك بحمد اللّه ، جاءه سبعون رجلاً، فبايعوه عند العقبة، فنصروه وآوَوْه حتى أظهر اللّه دينه قالوا: ولم يسمّ حيّ من السماء اسما لم يكن لهم قبل ذلك غيرهم. ٢٦٣٥١ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة : إن الحواريين كلهم من قريش: أبو بكر، وعمر، وعليّ، وحمزة، وجعفر، وأبو عُبيدة، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان، وطلحة بن عبيد اللّه ، والزبير بن العوّام. ٢٦٣٥٢ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول اللّه : مَنْ أنْصَارِي إلى اللّه قال: من يتبعني إلى اللّه . ٢٦٣٥٣ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، قال: سئل ابن عباس عن الحواريين، قال: سُمّوا لبياض ثيابهم كانوا صيادي السمك. ٢٦٣٥٤ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: الحواريون: هم الغسالون بالنبطية يقال للغسال: حوارى، وقد تقدم بياننا في معنى الحوارى بشواهده واختلاف المختلفين فيه قبل فيما مضى، فأغنى عن إعادته. و قوله: قالَ الْحَوَارِيّونَ نَحْنُ أنْصَارُ اللّه يقول: قالوا: نحن أنصار اللّه على ما بعث به أنبياءه من الحقّ. و قوله: فآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وكَفَرَتْ طائِفَةٌ يقول جلّ ثناؤه: فآمنت طائفة من بني إسرائيل بعيسى، وكفرت طائفة منهم به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٥٥ـ حدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جُبير، عن ا بن عباس ، قال: لما أراد اللّه أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وهم في بيت اثنا عشر رجلاً من عين في البيت ورأسه يقطر ماء قال: فقال: إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن بي قال: ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ قال: فقام شاب من أحدثهم سنا، قال: فقال أنا، فقال له: اجلس ثم أعاد عليهم، فقام الشاب، فقال أنا قال: نعم أنت ذاك فأُلقى عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من رَوْزَنة في البيت إلى السماء قال: وجاء الطلب من اليهود، وأخذوا شبهه. فقتلوه وصلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن به، فتفرّقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة: كان اللّه فينا ما شاء، ثم صعد إلى السماء، وهؤلاء اليعقوبية. وقالت فرقة: كان فينا ابن اللّه ما شاء اللّه ، ثم رفعه إليه، وهؤلاء النسطورية. وقالت فرقة. كان فينا عبد اللّه ورسوله ما شاء اللّه ، ثم رفعه اللّه إليه، وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم ، فآمنت طائفة من بني إسرائيل، وكفرت طائفة، يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى، والطائفة التي آمنت في زمن عيسى، فأيدنا الذين آمنوا على عدوّهم، فأصبحوا ظاهرين في إظهار محمد على دينهم دين الكفار، فأصبحوا ظاهرين. و قوله: فأيّدْنا الّذِينَ آمَنُوا على عَدُوّهِمْ يقول: فقوّينا الذين آمنوا من الطائفتين من بني إسرائيل على عدوّهم، الذي كفروا منهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم لتصديقه إياهم، أن عيسى عبد اللّه ورسوله، وتكذيبه من قال هو إله، ومن قال: هو ابن اللّه تعالى ذكره، فأصبحوا ظاهرين، فأصبحت الطائفة المؤمنون ظاهرين على عدوّهم الكافرين منهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٣٥٦ـ حدثني محمد بن عبد اللّه الهلالي، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فأيّدْنا الّذِينَ آمَنُوا على عَدُوّهِمْ قال: قوّينا. ٢٦٣٥٧ـ حدثنا ابن حُمَيد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم فآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وكَفَرَتْ طائِفَةٌ قال: لما بعث اللّه محمدا، ونزل تصديق من آمن بعيسى، أصبحت حجة من آمن به ظاهرة. ٢٦٣٥٨ـ قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم، في قوله فأيّدْنا الّذِينَ آمَنُوا على عَدُوّهِمْ فأصْبَحُوا ظاهِرِينَ قال: أيدوا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، فصدّقهم، وأخبر بحجتهم. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: فأصْبَحُوا ظاهِرِينَ قال: أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صلى اللّه عليه وسلم كلمة اللّه وروحه. ٢٦٣٥٩ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: فأصْبَحُوا ظاهِرِينَ من آمن مع عيسى صلى اللّه عليه وسلم . |
﴿ ٠ ﴾