٢

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الاُمّيّينَ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ...}.

يقول تعالى ذكره: اللّه الذي بعث في الأميين رسولاً منهم، فقوله هو كناية من اسم اللّه ، والأميون: هم العرب. وقد بيّنا فيما مضى المعنى الذي من أجله قيل للأميّ أميّ. وبنحو الذي قلنا في الأميين في هذا الموضع قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٦٣٦٠ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال: هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الأُمّيّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ قال: العرب.

٢٦٣٦١ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت سفيان الثوريّ يحدّث لا أعلمه إلا عن مجاهد أنه قال: هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الأُمّيّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِهِ: العرب.

٢٦٣٦٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الأُمّيّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ قال كان هذا الحيّ من العرب أمة أمّيّة، ليس فيها كتاب يقرؤونه، فبعث اللّه نبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم رحمة وهُدى يهديهم به.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الأُمّيّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ قال: كانت هذه الأمة امّيّة لا يقرؤون كتابا.

٢٦٣٦٣ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الأُمّيّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ قال: إنما سميت أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم الأميين، لأنه لم ينزّل عليهم كتابا.

وقال جل ثناؤه رَسُولاً مِنْهُمْ يعني من الأميين وإنما قال منهم، لأن محمدا صلى اللّه عليه وسلم كان أمّيّا، وظهر من العرب.

و قوله: يَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِهِ

يقول جلّ ثناؤه: يقرأ على هؤلاء الأميين آيات اللّه التي أنزلها عليه وَيُزَكّيهِمْ يقول: ويطهرهم من دنس الكفر.

و قوله: وَيُعَلّمُهُمُ الكِتابَ يقول: ويعلمهم كتاب اللّه ، وما فيه من أمر اللّه ونهيه، وشرائع دينه وَالْحكْمَةَ يعني بالحكمة: السنن. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٦٣٦٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَيُعَلّمُهُمُ الكِتابَ وَالْحِكْمَةَ أي السنة.

٢٦٣٦٥ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال: وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الكِتابَ وَالْحِكْمَةَ أيضا كما علم هؤلاء يزكيهم بالكتاب والأعمال الصالحة، ويعلمهم الكتاب والحكمة كما صنع بالأوّلين، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: والسّابقُونَ الأوّلُونَ مِنَ المُهاجِرِينَ والأنْصَارِ وَالّذِينَ اتّبَعُوهُمْ بإحْسانٍ ممن بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة، قال: وقد جعل اللّه فيهم سابقين، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: والسّابِقُونَ أُولَئِكَ المُقَرّبُونَ، وقال: ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِين وَقَلِيلٌ مِنَ الاَخِرينَ فثلة من الأوّلين سابقون، وقليل السابقون من الاَخرين، وقرأ: وأصحَابُ اليَمِينِ ما أصحَابُ اليَمِينِ... حتى بلغ ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ، وَثُلّةٌ مِنَ الاَخرِينَ أيضا، قال: والسابقون من الأوّلين أكثروهم من الاَخرين قليل، وقرأ وَالّذِينَ جاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبّنا اغْفِرْ لَنا ولإخْوَانِنا الّذِينَ سَبَقُونا بالإيمَانِ... الاَية، قال: هؤلاء من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة.

و قوله: وَإنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ يقول تعالى ذكره: وقد كان هؤلاء الأميون من قبل أن يبعث اللّه فيهم رسولاً منهم في جَوْر عن قصد السبيل، وأخذ على غير هدى مُبِين يقول: يبين لمن تأمله أنه ضلال وجَوْر عن الحقّ وطريق الرشد.

﴿ ٢