تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة القلمسورة القلم مكية وآياتها ثنتان وخمسون بسم اللّه الرحمَن الرحيـم ١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {نَ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ }. اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ن، فقال بعضهم: هو الحوت الذي عليه الأرَضُون. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧١٥ـ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عباس ، قال: (أوّل ما خلق اللّه من شيء القلم، فجرى بما هو كائن، ثم رفع بخار الماء، فخلقت منه السموات، ثم خلق النون فبسطت الأرض على ظهر النون، فتحرّكت الأرض فمادت، فأثبتت بالجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض) ، قال: وقرأ: ن والقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ. حدثنا تميم بن المنتصر، قال: حدثنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، أو مجاهد عن ابن عباس ، بنحوه، إلا أنه قال: فَفُتِقَتْ مِنْهُ السموات. ٢٦٧١٦ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سفيان، قال: ثني سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس ، قال: (أوّل ما خلق اللّه القلم، قال: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال: فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم خلق النون، ورفع بخار الماء، ففُتِقت منه السماء وبُسِطتَ الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، فإنها لتفخر على الأرض) . حدثنا واصل بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن فُضَيل، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: (أوّل ما خلق اللّه من شيء القلم، فقال له: اكتب، فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدر، قال فجرى القلم بما هو كائن من ذلك إلى قيام الساعة، ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات، ثم خلق النون فدُحيت الأرض على ظهره، فاضطرب النون، فمادت الأرض، فأُثبتت بالجبال فإنها لتفخر على الأرض) . حدثنا واصل بن عبد الأعلى، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس نحوه. ٢٦٧١٧ـ حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، أن إبراهيم بن أبي بكر، أخبره عن مجاهد، قال: كان يقال النون: الحوت الذي تحت الأرض السابعة. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، قال: قال معمر. حدثنا الأعمش، أن ابن عباس قال: إنْ أوّل شيء خُلق القلم، ثم ذكر نحو حديث واصل عن ابن فضيل، وزاد فيه: ثم قرأ ابن عباس ن وَالقَلم وَما يَسْطُرُونَ. ٢٦٧١٨ـ حدثنا بن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس ، قال: إن أوّل شيء خلق ربي القلم، فقال له: اكتب، فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، ثم خلق النون فوق الماء، ثم كبس الأرض عليه. وقال آخرون: ن حرف من حروف الرحمن. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧١٩ـ حدثنا عبد اللّه بن أحمد المروزي، قال: حدثنا عليّ بن الحسين، قال: حدثنا أبي، عن يزيد، عن عكرِمة، عن ابن عباس الر، وحم، ون حروف الرحمن مقطعة. حدثني محمد بن معمر، قال: حدثنا عباس بن زياد الباهلي، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ، قوله الر، وحم، ون قال: اسم مقطع. وقال آخرون: ن: الدواة، والقلم: القلم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٢٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أخي عيسى بن عبد اللّه ، عن ثابت البناني، عن ابن عباس قال: إن اللّه خلق النون وهي الدواة، وخلق القلم، فقال: اكتب، فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، من عمل معمول، برّ أو فجور، أو رزق مقسوم حلال أو حرام، ثم ألزم كلّ شيء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا ومقامه فيها كم، وخروجه منها كيف ثم جعل على العباد حفظة وللكتاب خزانا، فالحفظة ينسخون كلّ يوم من الخزان عمل ذلك اليوم، فإذا فني الرزق وانقطع الأثر، وانقضى الأجل، أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم، فتقول لهم الخزنة: ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا، فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا قال: فقال ابن عباس : ألستم قوما عربا تسمعون الحفَظة يقولون: إنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل؟. ٢٦٧٢١ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن وقتادة ، في قوله ن قال: هو الدواة. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير، قال: حدثنا عمرو، عن قتادة ، قال: النون الدواة. وقال آخرون: ن: لوح من نوره ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٢٢ـ حدثنا الحسن بن شبيب المكتّب، قال: حدثنا محمد بن زياد الجزري، عن فرات بن أبي الفرات، عن معاوية بن قرّة، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ن وَالقَلَمِ وما يَسْطُرُونَ: (لوح من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة) . وقال آخرون: ن: قَسَم أقسم اللّه به. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٢٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، في قوله: ن وَالقَلَمِ ومَا يَسْطُرُونَ يُقْسِم اللّه بما شاء. ٢٦٧٢٤ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله اللّه : ن وَالقَلَمِ ومَا يَسْطُرُونَ قال: هذا قسم أقسم اللّه به. وقال آخرون: هي اسم من أسماء السورة. وقال آخرون: هي حرف من حروف المعجم وقد ذكرنا القول فيما جانس ذلك من حروف الهجاء التي افتتحت بها أوائل السور، والقول في قوله نظير القول في ذلك. واختلفت القرّاء في قراءة: ن، فأظهر النون فيها وفي يس عامة قرّاء الكوفة خلا الكسائيّ، وعامة قرّاء البصرة، لأنها حرف هجاء، والهجاء مبني على الوقوف عليه وإن اتصل، وكان الكسائي يُدغم النون الاَخرة منهما ويخفيها بناء على الاتصال. والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان فصيحتان بأيتهما قرأ القارىء أصاب، غير أن إظهار النون أفصح وأشهر، فهو أعجب إليّ. وأما القلم: فهو القلم المعروف، غير أن الذي أقسم به ربنا من الأقلام: القلم الذي خلقه اللّه تعالى ذكره، فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة. ٢٦٧٢٥ـ حدثني محمد بن صالح الأغاطي، قال حدثنا عباد بن العوّام، قال: حدثنا عبد الواحد بن سليم، قال: سمعت عطاء، قال: سألت الوليد بن عبادة بن الصامت: كيف كانت وصية أبيك حين حشره الموت؟ فقال: دعاني فقال: أي بنيّ اتق اللّه واعلم أنك لن تتقي اللّه ، ولن تبلغ العلم حتى تؤمن باللّه وحده، والقدرِ خيره وشرّه، إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إنّ أوّلَ ما خَلَقَ اللّه خَلَقَ القَلَمَ، فَقالَ لَهُ: اكْتُبْ، قالَ: يا رَبّ ومَا أكْتُبْ؟ قالَ: اكْتُبَ القَدَرَ، قالَ: فَجَرَى القَلَمُ فِي تِلْكَ السّاعَةِ بِمَا كانَ، ومَا هُوَ كائِنٌ إلى الأبَدِ) . ٢٦٧٢٦ـ حدثني محمد بن عبد اللّه الطوسي، قال: حدثنا عليّ بن الحسن بن شقيق، قال: أخبرنا عبد اللّه بن المبارك، قال: أخبرنا رباح بن زيد، عن عمرو بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزّة، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه كان يحدّث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (أوّلُ شَيْءٍ خَلَقَ اللّه القَلَمَ، وأمَرَهُ فَكَتَبَ كُلّ شَيْءٍ) . حدثنا موسى بن سهل الرملي، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا ابن المبارك بإسناده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، نحوه. حدثنا موسى بن سهل الرملي، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا ابن المبارك بإسناده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، نحوه ٢٦٧٢٧ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد قال: قلت لابن عباس : إن ناسا يكذّبون بالقدر، فقال: إنهم يكذّبون بكتاب اللّه ، لاَخذنّ بشَعْر أحدهم، فلا يقصّن به، إن اللّه كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا، فكان أوّل ما خلق اللّه القلم، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، فإنما يجري الناس على أمر قد فُرِغ منه. حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو هاشم، أنه سمع مجاهدا، قال: سمعت عبد اللّه لا ندري ابن عمر أو ابن عباس قال: إن أوّل ما خلق اللّه القلم، فجرى القلم بما هو كائن وإنما يعمل الناس اليوم فيما قد فُرِغ منه. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني معاوية بن صالح وحدثني عبد اللّه بن آدم، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح، عن أيوب بن زياد، قال: ثني عباد بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: أخبرني أبي، قال: قال أبي عُبادة بن الصامت: يا بنيّ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إنّ أوّلَ ما خَلَقَ اللّه القَلَمَ، فَقالَ لَهُ: اكْتُبْ فَجَرَى فِي تِلْكَ السّاعَةِ بِمَا هُوَ كائِنٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ) . ٢٦٧٢٨ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ن وَالقَلَمِ قال: الذي كُتِبَ به الذكر. حدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، أخبره عن إبراهيم بن أبي بكر، عن مجاهد، في قوله: ن والقَلَمِ قال: الذي كتب به الذكر. و قوله: ومَا يَسْطُرُون يقول: والذي يخُطّون ويكتبون. وإذا وُجّهَ التأويل إلى هذا الوجه كان القسم بالخلق وأفعالهم. وقد يحتمل الكلام معنى آخر، وهو أن يكون معناه: وسطرهم ما يسطرون، فتكون (ما) بمعنى المصدر. وإذا وُجه التأويل إلى هذا الوجه، كان القسم بالكتاب، كأنه قيل: ن والقلم والكتاب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٢٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَما يَسْطُرُونَ قال: وما يَخُطّون. ٢٦٧٣٠ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: ومَا يَسْطُرُونَ يقول: يكتبون. ٢٦٧٣١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ومَا يَسْطُرُون قال: وما يكتبون. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ومَا يَسْطُرُونَ: وما يكتبون. يقال منه: سطر فلان الكتاب فهو يَسْطُر سَطْرا: إذا كتبه ومنه قول رُؤبة بن العجّاج: إنّي وأسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا ٢و قوله: ما أنْتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : ما أنت بنعمة ربك بمجنون، مكذّبا بذلك مشركي قريش الذين قالوا له: إنك مجنون. ٣و قوله: وَإنّ لَكَ لأجْرا غَيْرَ مَمْنُون يقول تعالى ذكره: وإن لك يا محمد لثوابا من اللّه عظيما على صبرك على أذى المشركين إياك غير منقوص ولا مقطوع، من قولهم: حبل منير، إذا كان ضعيفا، وقد ضعفت منّته: إذا ضعفت قوّته. وكان مجاهد يقول في ذلك ما: ٢٦٧٣٢ـ حدثني به محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: غَيْرَ مَمْنُونٍ قال: محسوب. ٤القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : وإنك يا محمد لعلى أدب عظيم، وذلك أدب القرن الذي أدّبه اللّه به، وهو الإسلام وشرائعه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٣٣ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: وَإنّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ يقول: دين عظيم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: وَإنّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ يقول: إنك على دين عظيم، وهو الإسلام. ٢٦٧٣٤ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: خُلُقٍ عَظِيمٍ قال: الدين. ٢٦٧٣٥ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: سألت عائشة عن خُلُق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقالت: كان خلقه القرآن، تقول: كما هو في القرآن. حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: وَإنّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ذُكر لنا أن سعيد بن هشام سأل عائشة عن خُلُق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت: ألست تقرأ القرآن؟ قال: قلت: بلى، قال: فإن خُلُق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان القرآن. حدثنا عُبيد بن آدم بن أبي إياس، قال: ثني أبي، قال: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن سعيد بن هشام، قال: أتيت عائشة أمّ المؤمنين رضي اللّه عنها، فقلت: أخبريني عن خُلُق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقالت: كان خلقه القرآن، أما تقرأ: وإنّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظيمٍ. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جُبير بن نُفَير قال: حججت فدخلت على عائشة، فسألتها عن خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقالت: كان خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم القرآن. ٢٦٧٣٦ـ حدثنا عبيد بن أسباط، قال: ثني أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، في قوله: وَإنّكَ لَعَلى خُلُق عَظِيمٍ قال: أدب القرآن. ٢٦٧٣٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وَإنّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ قال: على دين عظيم. ٢٦٧٣٨ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ يعني دينه، وأمره الذي كان عليه، مما أمره اللّه به، ووكله إليه. ٥و قوله: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بأَيّكُمُ المُفْتُون يقول تعالى ذكره: فسترى يا محمد، ويرى مشركو قومك الذين يدعونك مجنونا بأَيّكُمُ المَفْتُونُ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٣٩ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ يقول: ترى ويرون. ٦و قوله: بأَيّكُمُ المَفْتُونُ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله بأيكم المجنون، كأنه وجّه معنى الباء في قوله بأَيّكُمُ إلى معنى في. وإذا وجهت الباء إلى معنى (في) كان تأويل الكلام: ويبصرون في أيّ الفريقين المجنون في فريقك يا محمد أو فريقهم، ويكون المجنون اسما مرفوعا بالباء. ذكر من قال معنى ذلك: بأيكم المجنون: ٢٦٧٤٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد بأَيّكُمُ المَفْتُونُ قال: المجنون. قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد بأَيّكُمُ المَفْتُونُ قال: بأيكم المجنون. وقال آخرون: بل تأويل ذلك: بأيكم الجنون وكأن الذين قالوا هذا القول وجهوا المفتون إلى معنى الفتنة أو الفتون، كما قيل: ليس له معقول ولا معقود: أي بمعنى ليس له عقل ولا عقد رأى فكذلك وضع المفتون موضع الفُتُون. ذكر من قال: المفتون: بمعنى المصدر، وبمعنى الجنون: ٢٦٧٤١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: بأَيّكُمُ المَفْتُونُ قال: الشيطان. ٢٦٧٤٢ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك ، يقول في قوله: بأَيّكُمُ المَفْتُونُ يعني الجنون. ٢٦٧٤٣ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس يقول: بأيكم الجنون. وقال آخرون: بل معنى ذلك: أيكم أولى بالشيطان فالباء على قول هؤلاء زيادة دخولها وخروجها سواء، ومثّل هؤلاء ذلك بقول الراجز: نَحْنُ بَنُو جَعْدَةَ أصجَابُ الفَلَجْنَضْرِبُ بالسّيْفِ وَنَرْجُو بالفَرَجْ بمعنى: نرجو الفرج، فدخول الباء في ذلك عندهم في هذا الموضع وخروجها سواء. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٤٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بأَيّكُمُ المَفْتُونُ يقول: بأيكم أولى بالشيطان. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله: بأَيّكُمُ المَفْتُونُ قال: أيكم أولى بالشيطان. واختلف أهل العربية في ذلك نحوَ اختلاف أهل التأويل، فقال بعض نحوّيي البصرة: معنى ذلك: فستبصر ويبصرون أيّكم المفتون. وقال بعض نحويي الكوفة: بأيكم المفتون ها هنا، بمعنى الجنون، وهو في مذهب الفُتُون، كما قالوا: ليس له معقول ولا معقود قال: وإن شئت جعلت بأيكم في أيكم في أيّ الفريقين المجنون قال: وهو حينئذٍ اسم ليس بمصدر. وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معنى ذلك: بأيكم الجنون، ووجه المفتون إلى الفتون بمعنى المصدر، لأن ذلك أظهر معاني الكلام، إذا لم ينو إسقاط الباء، وجعلنا لدخولها وجها مفهوما. وقد بيّنا أنه غير جائز أن يكون في القرآن شيء لا معنى له. ٧و قوله: إنّ رَبّكَ هُوَ أعْلَمُ بِمَنْ ضَلّ عَنْ سَبِيلِهِ يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله، كضلال كفار قريش عن دين اللّه ، وطريق الهدى وَهُوَ أعْلَمُ بالمُهْتَدينَ يقول: وهو أعلم بمن اهتدى، فاتبع الحقّ، وأقرّ به، كما اهتديت أنت فاتبعت الحقّ، وهذا من معاريض الكلام. وإنما معنى الكلام: إن ربك هو أعلم يا محمد بك، وأنت المهتدي وبقومك من كفار قريش وأنهم الضالون عن سبيل الحقّ. ٨القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذّبِينَ }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : فَلا تُطِعْ يا محمد المُكَذّبِينَ بآيات اللّه ورسوله ٩وَدّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ. اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معنى ذلك: ودّ المكذّبون بآيات اللّه لو تكفر باللّه يا محمد فيكفرون. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٤٥ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: لَوْتُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ يقول: ودّوا لو تكفر فيكفرون. ٢٦٧٤٦ـ حُدثت عن الحسين، فقال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَدّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ قال: تكفُر فيكفرون. ٢٦٧٤٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان وَدّوا لَوْتُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ قال: تكفر فيكفرون. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ودّوا لو تُرخّص لهم فيُرخّصون، أو تلين في دينك فيلينون في دينهم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٤٨ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: لَو تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ يقول: لو ترخص لهم فيرخّصون. ٢٦٧٤٩ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: وَدّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ قال: لو تَرْكَنُ إلى آلهتهم، وتترك ما أنت عليه من الحقّ فيما لئونك. ٢٦٧٥٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: وَدّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ يقول: ودّوا يا محمد لو أدهنت عن هذا الأمر، فأدهنوا معك. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله: وَدّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ قال: ودّوا لو يُدْهن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيُدْهنون. وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ودّ هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم، فيلينون لك في عبادتك إلهك، كما قال جلّ ثناؤه: وَلَوْلا أنْ ثَبّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئا قَلِيلاً إذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ المَماتِ وإنما هو مأخوذ من الدّهن شبه التليين في القول بتليين الدّهن. ١٠و قوله: وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ ولا تطع يا محمد كلّ ذي إكثار للحلف بالباطل مَهِين: وهو الضعيف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. غير أن بعضهم وجه معنى المهين إلى الكذّاب، وأحسبه فعل ذلك لأنه رأى أنه إذا وصف بالمهانة فإنما وصف بها لمهانة نفسه كانت عليه، وكذلك صفة الكذوب، إنما يكذب لمهانة نفسه عليه. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٥١ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّف مَهِين والمهين: الكذّاب. ٢٦٧٥٢ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: حَلاّفٍ مَهِينٍ قال: ضعيف. ٢٦٧٥٣ـ حدثنا بشر، مقال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ وهو الكثار في الشرّ. ٢٦٧٥٤ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، في قوله: كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ يقول: كلّ مكثار في الحلف مهين ضعيف. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن سعيد، عن الحسن وقتادة وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ قال: هو المِكثار في الشرّ. ١١و قوله: هَمّازٍ يعني : مغتاب للناس يأكل لحومهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٥٥ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: هَمّازٍ يعني الاغتياب. ٢٦٧٥٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة هَمّازٍ: يأكل لحوم المسلمين. ٢٦٧٥٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله هَمّازٍ قال: الهماز: الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، وليس باللسان وقرأ: وَيْلٌ لِكُلّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الذي يلمز الناس بلسانه، والهمز أصله الغمز، فقيل للمغتاب: هماز، لأنه يطعن في أعراض الناس بما يكرهون، وذلك غمز عليهم. و قوله: مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ يقول: مشاء بحديث الناس بعضهم في بعض، ينقل حديث بعضهم إلى بعض. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٥٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعد، عن قتادة هَمّازٍ: يأكل لحوم المسلمين مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ: ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض. ٢٦٧٥٩ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ: يمشي بالكذب. ٢٦٧٦٠ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الكلبي، في قوله: مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ قال: هو الأخنس بن شريق، وأصله من ثقيف، وعداده في بني زُهْرة. ١٢القول فـي تأويـل قوله تعالى: {مّنّاعٍ لّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ }. و قوله: منّاعٍ لِلْخَيْرِ. يقول تعالى ذكره: بخيل بالمال ضنين به عن الحقوق. و قوله: مُعْتَدٍ يقول: معتد على الناس أثِيمٍ: ذي إثم بربه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٦١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، في قوله: مُعْتدٍ في عمله أثِيمٍ بربه. ١٣و قوله: عُتُلّ يقول: وهو عُتُلّ، والعتلّ: الجافي الشديد في كفره، وكلّ شديد قويّ فالعرب تسمية عُتُلاّ ومنه قول ذي الإصبع العَدْوانيّ: والدّهْرُ يَغْدُو مِعْتَلاً جَذَعا وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٦٢ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: عُتُلّ العتلّ: العاتل الشديد المنافق. ٢٦٧٦٣ـ حدثني إسحاق بن وهب الواسطي، قال: حدثنا أبو عامر العَقْدِيّ، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن زيد ابن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن وهب الذّمارِيّ، قال: (تبكي السماء والأرض من رجل أتمّ اللّه خلقه، وأرحب جوفه، وأعطاه مقضما من الدنيا، ثم يكون ظلوما للناس، فذلك العتلّ الزنيم) . ٢٦٧٦٤ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن ليث، عن أبي الزبير، عن عبيد بن عمير، قال: العتلّ: الأكول الشروب القويّ الشديد، يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة، يدفع المَلَكُ من أولئك سبعين ألفا دفعة في جهنم. ٢٦٧٦٥ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، في قوله: عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ قال: العتلّ: الشديد. ٢٦٧٦٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي رزِين، في قوله: عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ قال: العتلّ: الصحيح. ٢٦٧٦٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني معاوية بن صالح، عن كثير بن الحارث، عن القاسم، مولى معاوية قال: سُئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن العُتُلّ الزنيم، قال: (الفاحِشُ اللّئيمُ) . قال: معاوية، وثني عياض بن عبد اللّه الفهريّ، عن موسى بن عقبة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، بمثل ذلك. ٢٦٧٦٨ـ حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: عُتُلّ بَعْدَ ذلك زَنَيمٍ قال: فاحش الخُلق، لئيم الضريبة. ٢٦٧٦٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ قال: الحسن وقتادة : هو الفاحش اللئيم الضريبة. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، في قوله عُتُلّ قال: هو الفاحش اللئيم الضريبة. ٢٦٧٧٠ـ قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن زيد بن أسلم، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (تَبْكي السّماءُ مِنْ عَبْدٍ أصَحّ اللّه جِسْمَهُ، وأرْحَبَ جَوْفَهُ، وأعْطاهُ مِنَ الدّنْيا مِقْضَما، فَكانَ للنّاسِ ظَلُوما، فَذلكَ العُتُلّ الزّنِيمُ) . ٢٦٧٧١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، قال: العتلّ: الصحيح الشديد. ٢٦٧٧٢ـ حدثني جعفر بن محمد البزوري، قال: حدثنا أبو زكريا، وهو يحيى بن مصعب، عن عمر بن نافع، قال: سُئل عكرِمة، عن عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ فقال: ذلك الكافر اللئيم. حدثني علي بن الحسن الأزديّ، قال: حدثنا يحيى، يعني ابن يمان، عن أبي الأشهب، عن الحسن في قوله عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٌ قال: الفاحش اللئيم الضريبة. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة ، قال: العتلّ: الزنيم الفاحش اللئيم الضريبة. ٢٦٧٧٣ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: عُتُلّ قال: شديد الأشَر. ٢٦٧٧٤ـ حُدثت عن الحسن، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: عُتُلّ قال: العتلّ: الشديد. بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ ومعنى (بعد) في هذا الموضع معنى مع، وتأويل الكلام: عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ: أي مع العتلّ زنيم. و قوله: زنيم والزنيم في كلام العرب: الملصق بالقوم وليس منهم ومنه قول حسان بن ثابت: وأنْتَ زَنِيمٌ نِيطَ فِي آلِ هاشِمٍكمَا نِيطَ خَلْفَ الرّاكِب القَدَحُ الفَرْدُ وقال آخر: زَنِيمٌ لَيْسَ يَعْرِفُ مَن أبُوهُبَغِيّ الأُمّ ذُو حَسَبٍ لَئِيمٍ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٧٥ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس زَنِيمٍ قال: والزنيم: الدعيّ، ويقال: الزنيم: رجل كانت به زنمة يُعرف بها، ويقال: هو الأخنس بن شَرِيق الثّقَفِيّ حليف بني زُهْرة. وزعم ناس من بني زُهرة أن الزنيم هو: الأسود بن عبد يغوث الزّهريّ، وليس به. ٢٦٧٧٦ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: أخبرنا ابن إدريس، قال: حدثنا هشام، عن عكرِمة، قال: هو الدعيّ. ٢٦٧٧٧ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب، أنه سمعه يقول في هذه الاَية: عُتُلَ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ قال سعيد: هو الملصق بالقوم ليس منهم. ٢٦٧٧٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن الحسن، عن سعيد بن جبير، قال: الزنيم الذي يعرف بالشرّ، كما تعرف الشاة بزنمتها الملصق. وقال آخرون: هو الذي له زَنَمة كزنمة الشاة. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٧٩ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى، حدثنا داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس أنه قال في الزنيم قال: نُعِتَ، فلم يعرف حتى قيل زنيم. قال: وكانت له زنمة في عنقة يُعرف بها. وقال آخرون: كان دعيّا. ٢٦٧٨٠ـ حدثني الحسين بن عليّ الصدائي، قال: حدثنا عليّ بن عاصم، قال حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرِمة، عن ابن عباس ، في قوله: بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ قال: نزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم : وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ قال: فلم نعرفه حتى نزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم : بَعْدَ ذَلكَ زَنيمٍ قال: فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة. ٢٦٧٨١ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن أصحاب التفسير، قالوا: هو الذي يكون له زنمة كزنمة الشاة. ٢٦٧٨٢ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله الزنيم: يقول: كانت له زنمة في أصل أذنه، يقال: هو اللئيم الملصق في النسب. وقال آخرون: هو المريب ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٨٣ـ حدثنا تميم بن المنتصر، قال: حدثنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، في قوله: عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنِيمٍ قال: زنيم: المُرِيب الذي يعرف بالشرّ. ٢٦٧٨٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن الحسن بن مسلم، عن سعيد بن جبير قال: الزنيم: الذي يعرف بالشرّ. وقال آخرون: هو الظلوم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٨٥ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله زَنِيمٍ قال: ظلومٍ. وقال آخرون: هو الذي يُعرف بأُبنة. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٨٦ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس أنه قال في الزنيم: الذي يُعرف بأُبنة، قال أبو إسحاق: وسمعت الناس في إمرة زياد يقولون: العتلّ: الدعيّ. وقال آخرون: هو الجِلْف الجافي. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٨٧ـ حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى، قال: حدثنا داود بن أبي هند، قال: سمعت شهر بن حَوْشب يقول: هو الجلف الجافي الأكول الشروب من الحرام. وقال آخرون: هو علامة الكفر. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٨٨ـ حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، قال: الزنيم: علامة الكفر. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن أبي رزين، قال: الزنيم: علامة الكافر. ٢٦٧٨٩ـ حدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، أنه كان يقول الزنيم يُعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة. وقال آخرون: هو الذي يعرف باللؤم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرِمة، قال: الزّنيم: الذي يعرف باللؤم، كما تُعرف الشاة بزنمتها. وقال آخرون: هو الفاجر. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي رزين، في قوله: عُتُلّ بَعْدَ ذلكَ زَنيمٍ قال: الزنيم: الفاجر. ١٤القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ }. اختلفت القرّاء في قراءة قوله: أنْ كانَ فقرأ ذلك أبو جعفر المدنيّ وحمزة: (أأنْ كانَ ذَا مالٍ) بالاستفهام بهمزتين، وتتوجه قراءة من قرأ ذلك كذلك إلى وجهين: أحدهما أن يكون مرادا به تقريع هذا الحلاّف المهين، ف قيل: ألأن كان هذا الحلاف المهين ذا مال وبنين إذَا تُتْلَى عَلَيْه آياتُنا قالَ أساطيرُ الأوّلين وهذا أظهر وجهيه. والاَخر أن يكون مرادا به: ألأن كان ذا مال وبنين تطيعه، على وجه التوبيخ لمن أطاعه. وقرأ ذلك بعد سائر قرّاء المدينة والكوفة والبصرة: أنْ كانَ ذا مال على وجه الخبر بغير استفهام بهمزة واجدة ومعناه إذا قُرىء كذلك: ولا تطع كلّ حلاف مهين أن كان ذا مال وبنين كأنه نهاه أن يطيعه من أجل أنه ذو مال وبنين. ١٥و قوله: إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوّلِينَ يقول: إذا تقرأ عليه آيات كتابنا، قال: هذا مما كتبه الأوّلون استهزاء به وإنكارا منه أن يكون ذلك من عند اللّه . ١٦و قوله: سَنَسِمُهُ على الخُرْطُومِ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: سنخطمه بالسيف، فنجعل ذلك علامة باقية، وسمة ثابتة فيه ما عاش. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٢ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس سَنَسِمُهُ على الخُرْطُومِ فقاتل يوم بدر، فخُطِم بالسيف في القتال. وقال آخرون: بل معنى ذلك سنشينه شينا باقيا. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: سَنَسِمُهُ على الخُرْطُومِ شَيْن لا يفارقه آخر ما عليه. وقال آخرون: سيمَى على أنفه. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٤ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة سَنَسِمُهُ على الخُرْطومِ قال: سنسم على أنفه. وأولى القولين بالصواب في تأويل ذلك عندي قول من قال: معنى ذلك: سنبين أمره بيانا واضحا حتى يعرفوه، فلا يخفى عليهم، كما لا تخفى السمة على الخرطوم. وقال قتادة : معنى ذلك: شين لا يفارقه آخر ما عليه، وقد يحتمل أيضا أن يكون خطم بالسيف، فجمع له مع بيان عيوبه للناس الخطم بالسيف. و يعني ب قوله: سَنَسِمُهُ سنكويه. وقال بعضهم: معنى ذلك: سنسمه سِمَة أهل النار: أي سنسوّد وجهه. وقال: إن الخرطوم وإن كان خصّ بالسمة، فإنه في مذهب الوجه، لأن بعض الوجه يؤدّي عن بعض، والعرب تقول: واللّه لأسمنك وسما لا يفارقك، يريدون الأنف. قال: وأنشدني بعضهم: لأُعَلِطَنّهُ وَسْما لا يُفارِقهُكما يُحَزّ بِحَمْى المِيسَمِ النّجِزُ والنجز: داء يأخذ الإبل فتُكوى على أنفها. ١٧انظر تفسير الآية:١٨ ١٨القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ الْجَنّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنّهَا مُصْبِحِينَ }. يعني تعالى ذكره ب قوله: إنّا بَلَوْناهُمْ: أي بلونا مشركي قريش، يقول: امتحناهم فاختبرناهم، كمَا بَلَوْنا أصحَابَ الجَنّةِ يقول: كما امتحنا أصحاب البستان إذْ أقْسَمُوا لَيَصْرِمُنّها مُصْبِحِينَ يقول: إذ حلفوا ليصرمُنّ ثمرها إذا أصبحوا. وَلا يَستَثْنون: ولا يقولون إن شاء اللّه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٥ـ حدثنا هناد بن السريّ، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماكَ، عن عكرِمة، في قوله: لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكينٌ قال: هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة، كان يطعم المساكين منها، فلما مات أبوهم، قال بنوه: واللّه إن كان أبونا الأحمق حين يُطعم المساكين، فأقسموا ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون، ولا يطعمون مسكينا. ٢٦٧٩٦ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله: لَيَصْرِمُنّها مُصْبِحينَ قال: كانت الجنة لشيخ، وكان يتصدّق، فكان بنوه ينهونه عن الصدقة، وكان يمسك قوت سنته، وينفق ويتصدّق بالفضل فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا: لا يَدْخُلَنّهَا اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ. وذُكر أن أصحاب الجنة كانوا أهل كتاب. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٧ـ حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: إنّا بَلَوْناهُمْ كمَا بَلَوْنا أصحَابَ الجَنّةِ إذْ أقْسَمُوا... الاَية، قال: كانوا من أهل الكتاب. والصرم: القطع، وإنما عنى بقوله لَيَصْرِمُنّها لَيَجُدّنّ ثمرتها ومنه قول امرىء القيس: صَرَمَتْكَ بَعْدَ تَوَاصُلٍ دَعْدُوَبَدا لِدَعْدٍ بعضُ ما يَبْدُو ١٩القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مّن رّبّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ }. يقول تعالى ذكره: فطرق جنة هؤلاء القوم ليلاً طارق من أمر اللّه وهم نائمون، ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلاً، ولا يكون نهارا، وقد يقولون: أطفت بها نهارا. وذكر الفرّاء أن أبا الجرّاح أنشده: أطَفْتُ بِها نَهارا غَيْرَ لَيْلٍوألْهَى رَبّها طَلَبُ الرّخالِ والرّخال: هي أولاد الضأن الإناث. وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٨ـ حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كريب، عن قابوس، عن أبيه، قال: سألت ابن عباس ، عن الطوَفان فَطافَ عَلَيْها طائفٌ مِنْ رَبّكَ قال: هو أمر من أمر اللّه . حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: فَطافَ عَلَيْها طائفٌ مِنْ رَبّكَ وَهُمْ نائِمُونَ قال: طاف عليها أمر من أمر اللّه وهم نائمون. ٢٠و قوله: فأصْبَحَتْ كالصّرِيمِ اختلف أهل التأويل في الذي عُنِي بالصريم، فقال بعضهم: عُني به الليل الأسود، وقال بعضهم: معنى ذلك: فأصبحت جنتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٧٩٩ـ حدثني محمد بن سهل بن عسكر، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا شيخ لنا عن شيخ من كلب يقال له سليمان عن ابن عباس ، في قوله: فأصْبَحَتْ كالصّرِيمِ قال: الصّريم: الليل. قال: وقال في ذلك أبو عمرو بن العلاء رحمه اللّه . ألا بَكَرَتْ وَعاذِلَتِي تَلُومُتُهَجّدُنِي ومَا انْكَشَفَ الصّرِيمُ وقال أيضا: تَطاوَلَ لَيْلُكَ الجَوْنُ البَهِيمُفَمَا يَنْجابُ عَنْ صُبْحٍ صَريم إذَا ما قُلْتَ أقْشَعَ أوْ تناهَىجَرَتْ مِنْ كُلّ ناحِيَةٍ غُيُومُ وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأصبحت كأرض تدعى الصريم معروفة بهذا الاسم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٠٠ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، قال: أخبرني نعيم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جُبير يقول: هي أرض باليمن يقال لها ضَرَوان من صنعاء على ستة أميال. ٢١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ}. يقول تعالى ذكره: فتنادى هؤلاء القوم وهم أصحاب الجنة. يقول: نادى بعضهم بعضا مصبحين يقول: بعد أن أصبحوا أن اغْدُوا على حَرْثِكُمْ وذلك الزرع إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ يقول: إن كنتم حاصدي زرعكم فانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يقول: فمضَوا إلى حرثهم وهم يتسارّون بينهم أنْ لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ علَيْكُمْ مِسْكِين يقول: وهم يتسارّون يقول بعضهم لبعض: لا يدخلنّ جنتكم اليوم عليكم مسكين، كما: ٢٦٨٠١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ ٢٢أن اغْدُوا على حَرْثِكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ٢٣فانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يقول: يُسِرّون أن لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ. ٢٤٢٦٨٠٢ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: لما مات أبوهم غدوا عليها، فقالوا: أن لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ. واختلف أهل التأويل في معنى الحرْد في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: على قُدْرة في أنفسهم وجدّ. ذكر من قال ذلك: ٢٥٢٦٨٠٣ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس ، قوله: وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال: ذوي قدرة. ٢٦٨٠٤ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حجاج عمن حدثه، عن مجاهد في قول اللّه : على حَرْدٍ قادِرِينَ قال: على جدّ قادرين في أنفسهم. ٢٦٨٠٥ـ قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال: على جهد، أو قال على جِدّ. ٢٦٨٠٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ غدا القوم وهي مُحْردون إلى جنتهم، قادرون عليها في أنفسهم. ٢٦٨٠٧ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال: على جِدّ من أمرهم. ٢٦٨٠٨ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: على حَرْدٍ قادِرِينَ على جِدّ قادرين في أنفسهم. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على أمرهم قد أجمعوا عليه بينهم، واستسرّوه، وأسرّوه في أنفسهم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٠٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد وَغَدَوا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال: كان حرث لأبيهم، وكانوا إخوة، فقالوا: لا نطعم مسكينا منه حتى نعلم ما يخرج منه وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ على أمر قد أسسوه بينهم. حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله على حَرْدٍ قال: على أمر مجمع. ٢٦٨١٠ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال: على أمر مُجْمَع. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على فاقة وحاجة. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨١١ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن، في قوله: وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال: على فاقة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: على حنق. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨١٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرينَ قال: على حنق، وكأن سفيان ذهب في تأويله هذا إلى مثل قول الأشهب بن رُميلة: أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خفِيّةٍتَساقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأساوِدِ يعني : على غضب. وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يتأوّل ذلك: وغدوا على منع. ويوجهه إلى أنه مِن قولهم: حاردَتِ السنة إذا لم يكن فيها مطر، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن، كما قال الشاعر: شع فإذا ما حارَدَتْ أوْ بَكأَتْ فُتّ عَنْ حاجِب أُخْرَى طِينُها وهذا قول لا نعلم له قائلاً من متقدّمي العلم قاله وإن كان له وجه، فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز عندنا أن يتعدّى ما أجمعت عليه الحجة، فما صحّ من الأقوال في ذلك إلا أحد الأقوال التي ذكرناها عن أهل العلم. وإذا كان ذلك كذلك، وكان المعروف من معنى الحرد في كلام العرب القصد من قولهم: قد حرد فلان حَرْد فلان: إذا قصد قصده ومنه قول الراجز: وجاءَ سَيْلٌ كانَ مِنْ أمْرِ اللّه يَحْرُدُ حَرْدَ الجَنّةِ المُغِلّهْ يعني : يقصد قصدها، صحّ أن الذي هو أولى بتأويل الاَية قول من قال: معنى قوله وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرِينَ وَغدوا على أمر قد قصدوه واعتمدوه، واستسرّوه بينهم، قادرين عليه في أنفسهم. ٢٦القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَلَمّا رَأَوْهَا قَالُوَاْ إِنّا لَضَآلّونَ }. يقول تعالى ذكره: فلما صار هؤلاء القوم إلى جنتهم، ورأوها محترقا حرثها، أنكروها وشكوا فيها، هل هي جنتهم أم لا؟ فقال بعضهم لأصحابه ظنا منه أنهم قد أغفلوا طريق جنتهم، وأن التي رأوا غيرها: إنا أيها القوم لضالون طريق جنتنا، فقال من علم أنها جنتهم، وأنهم لم يخطئوا الطريق: بل نحن أيها القوم محرومون، حُرِمنا منفعة جنتنا بذهاب حرثها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨١٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فَلَمّا رَأَوْها قالُوا إنّا لَضَآلّونَ: أي أضللنا الطريق، بل نحن محرومون، بل جُوزينا فحُرمنا. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة فَلَمّا رَأَوْها قالُوا إنّا لَضَآلّون. يقول قتادة : يقولون أخطأنا الطريق ما هذه بجنتنا، ٢٧فقال بعضهم: بل نحن محرومون حرمنا جنتنا. ٢٨و قوله: قالَ أوْسَطُهُمْ يعني : أعدلهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨١٤ـ حدثني محمد بن سعد، قال ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: قَالَ أوْسَطُهُمْ قال: أعدلهم، ويقال: قال خيرهم، وقال في البقرة: وكَذَلكَ جَعلْناكُمُ أُمّةً وَسَطا قال: الوسط: العدل. حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله قالَ أوْسَطُهُمْ يقول: أعدلهم. ٢٦٨١٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الفرات بن خلاد، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد قالَ أوْسَطُهُمْ: أعدلهم. حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله قالَ أوْسَطُهُمْ قال: أعدلهم. ٢٦٨١٦ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد قالَ أوْسَطُهُمْ قال: أعدلهم. ٢٦٨١٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قالَ أوْسَطُهُمْ: أي أعدلهم قولاً، وكان أسرع القوم فزعا، وأحسنهم رَجْعة ألَمْ أقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبّحُونَ. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة قالَ أوْسَطُهُمْ قال: أعدلهم. ٢٦٨١٨ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: قالَ أوْسَطُهُمْ يقول: أعدلهم. و قوله: ألمْ أقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبّحُوْنَ يقول: هلا تستثنون إذ قلتم لَنَصْرِمُنّها مُصْبِحِينَ، فتقولوا إن شاء اللّه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨١٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهد لَوْلا تُسَبّحونَ قال: بلغني أنه الاستثناء. قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد ألمْ أقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبّحُونَ قال: يقول: تستثنون، فكان التسبيح فيهم الاستثناء. ٢٩القول فـي تأويـل قوله تعالى: {قَالُواْ سُبْحَانَ رَبّنَآ إِنّا كُنّا ظَالِمِينَ }. يقول تعالى ذكره: قال أصحاب الجنة: سُبْحانَ رَبّنا إنّا كُنّا ظالِمِينَ في تركنا الاستثناء في قسمنا وعزمنا على ترك إطعام المساكين من ثمر جنتنا. ٣٠و قوله: فأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعض يلوم بعضهم بعضا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنهم. ٣١و قوله: قَالُوا يا وَيْلَنا إنّا كُنّا طاغِينَ يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مُبْعَدين: مخالفين أمر اللّه في تركنا الاستثناء والتسبيح. ٣٢القول فـي تأويـل قوله تعالى: {عَسَىَ رَبّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مّنْهَآ إِنّآ إِلَىَ رَبّنَا رَاغِبُونَ }. يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل أصحاب الجنة: عَسَى رَبّنا أنْ يُبْدِلَنا خَيْرا مِنْها بتوبتنا من خطأ فعلنا الذي سبق منا خيرا من جنتنا إنّا إلى رَبّنا رَاغِبُونَ يقول: إنا إلى ربنا راغبون في أن يبدلنا من جنتنا إذ هلَكت خيرا منها. ٣٣قوله تعالى ذكره كَذلكَ العَذَابُ يقول جلّ ثناؤه: كفعلنا بجنة أصحاب الجنة، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والاَفة المفسدة، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا، وَلَعَذَابُ الاَخِرَة أكْبَرُ يعني عقوبة الاَخرة بمن عصى ربه وكفر به، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدنيا وعذابها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٢٠ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: كَذَلكَ العَذَابُ وَلَعَذَابُ الاَخِرَةِ أكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ يعني بذلك عذاب الدنيا. ٢٦٨٢١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قال: اللّه : كَذَلكَ العَذَابُ: أي عقوبة الدنيا وَلَعَذَابُ الاَخِرَةِ أكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ. ٢٦٨٢٢ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: كَذَلكَ العَذَابُ قال: عذاب الدنيا: هلاك أموالهم: أي عقوبة الدينا. و قوله: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة اللّه لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا، لارتدعوا وتابوا وأنابوا، ولكنهم بذلك جهال لا يعلمون. ٣٤القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّ لّلْمُتّقِينَ عِنْدَ رَبّهِمْ جَنّاتِ النّعِيمِ }. يقول تعالى ذكره: إنّ للْمُتّقِينَ الذين اتقوا عقوبة اللّه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه عِنْدَ رَبّهِمْ جَنّاتِ النّعِيمِ يعني : بساتين النعيم الدائم. ٣٥و قوله: أفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كالمُجْرِمِينَ يقول تعالى ذكره: أفنجعل أيها الناس في كرامتي ونعمتي في الاَخرة الذين خضعوا لي بالطاعة، وذلوا لي بالعبودية، وخشعوا لأمري ونهي، كالمجرمين الذي اكتسبوا المآثم، وركبوا المعاصي، وخالفوا أمري ونهي؟ كَلاّ ما اللّه بفاعل ذلك. ٣٦و قوله: مالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أتجَعلون المطيع للّه من عبيده، والعاصي له منهم في كرامته سواء. يقول جلّ ثناؤه: لا تسوّوا بينهما فإنهما لا يستويان عند اللّه ، بل المطيع له الكرامة الدائمة، والعاصي له الهوان الباقي. ٣٧القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ }. يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش: ألكم أيها القوم بتسويتكم بين المسلمين والمجرمين في كرامة اللّه كتاب نزل من عند اللّه أتاكم به رسول من رسله بأن لكم ما تَخَيّرون، فأنتم تدرسون فيه ما تقولون. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٢٣ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: أمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ قال: فيه الذي تقولون تقرؤونه: تدرسونه، وقرأ: أمْ آتَيْناهُمْ كِتابا فَهُمْ على بَيّنَةٍ مِنْهُ... إلى آخر الاَية. ٣٨و قوله: إنّ لَكُمْ فِيهِ لَمّا تَخَيّرُونَ يقول جلّ ثناؤه: إن لكم في ذلك الذي تخيرون من الأمور لأنفسكم، وهذا أمر من اللّه ، توبيخ لهؤلاء القوم وتقريع لهم فيما كانوا يقولون من الباطل، ويتمون من الأمانيّ الكاذبة. ٣٩و قوله: أمْ لَكُمْ فيه أيمَانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ يقول: هل لكم أيمان علينا تنتهي بكم إلى يوم القيامة، بأن لكم ما تحكمون أي بأن لكم حكمكم، ولكن الألف كسرت من (إن) لما دخل في الخبر اللام: أي هل لكم أيمان بأن لكم حكمكم. ٤٠القول فـي تأويـل قوله تعالى: {سَلْهُمْ أَيّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : سل يا محمد هؤلاء المشركين أيهم بأن لهم علينا أيمانا بالغة بحكمهم إلى يوم القيامة زَعِيمٌ يعني : كفيل به، والزعيم عند العرب: الضامن والمتكلم عن القوم، كما: ٢٦٨٢٤ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: أيّهُمْ بذَلكَ زَعِيمٌ يقول: أيهم بذلك كفيل. ٢٦٨٢٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: سَلْهُمْ أيّهُمْ بِذَلكَ زَعِيمٌ يقول: أيهم بذلك كفيل. ٤١و قوله: أمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيأْتُوا بِشُرَكائِهمْ إنْ كانُوا صَادِقِينَ يقول تعالى ذكره: ألهؤلاء القوم شركاء فيما يقولون ويصفون من الأمور التي يزعمون أنها لهم، فليأتوا بشركائهم في ذلك إن كانوا فيما يدّعون من الشركاء صادقين. ٤٢القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}. يقول تعالى ذكره يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٢٦ـ حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ، قال: حدثنا عبد اللّه بن المبارك، عن أُسامة بن زيد، عن عكرِمة، عن ابن عباس يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: هو يوم حرب وشدّة. ٢٦٨٢٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: عن أمر عظيم كقول الشاعر: وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساقِ ٢٦٨٢٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ولا يبقى مؤمن إلا سجد، ويقسو ظهر الكافر فيكون عظما واحدا. وكان ابن عباس يقول: يكشف عن أمر عظيم، إلا تسمع العرب تقول: وقامَتِ الحَرْبُ بنا على ساق ٢٦٨٢٩ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ يقول: حين يكشف الأمر، وتبدو الأعمال، وكشفه: دخول الاَخرة وكشف الأمر عنه. ٢٦٨٣٠ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنا معاوية، عن ابن عباس ، قوله يَوْمَ يُكْشَفُ عَن ساقٍ هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة. ٢٦٨٣١ـ حدثني محمد بن عبيد المحاربيّ وابن حميد، قالا: حدثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: شدّة الأمر وجدّه قال ابن عباس : هي أشد ساعة في يوم القيامة. حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: يَوْم يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: شدّة الأمر، قال ابن عباس : هي أوّل ساعة تكون في يوم القيامة غير أن في حديث الحارث قال: وقال ابن عباس : هي أشدّ ساعة تكون في يوم القيامة. ٢٦٨٣٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن سعيد بن جبير، قال: عن شدّة الأمر. ٢٦٨٣٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، في قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: عن أمر فظيع جليل. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: يوم يكشف عن شدة الأمر. ٢٦٨٣٤ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وكان ابن عباس يقول: كان أهل الجاهلية يقولون: شمّرت الحرب عن ساق يعني إقبال الاَخرة وذهاب الدنيا. ٢٦٨٣٥ـ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، قال: حدثنا أبو الزهراء، عن عبد اللّه ، قال: (يتمثل اللّه للخلق يوم القيامة حتى يمرّ المسلمون، قال: فيقول: من تعبدون؟ فيقولون: نعبد اللّه لا نشرك به شيئا، فينتهزهم مرّتين أو ثلاثا، فيقول: هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف إلينا عرفناه، قال: فعند ذلك يكشف عن ساق، فلا يبقى مؤمن إلا خرّ للّه ساجدا، ويبقى المنافقون ظهورهم طَبَقٌ واحد، كأنما فيها السفافيد، فيقولون: ربنا، فيقول: قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون) . ٢٦٨٣٦ـ حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد اللّه ابن مسعود، قال: (ينادي مناد يوم القيامة: أليس عدلاً من ربكم الذي خلقكم، ثم صوّركم، ثم رزقكم، ثم توليتم غيره أن يولى كُلّ عبد منكم ما تولى، فيقولون: بلى، قال: فيمثل لكلّ قوم آلهتهم التي كانوا يعبدونها، فيتبعونها حتى توردهم النار، ويبقى أهل الدعوة، فيقول بعضهم لبعض: ماذا تنتظرون، ذهب الناس؟ فيقولون: ننتظر أن يُنادي بنا، فيجيء إليهم في صورة، قال: فذكر منها ما شاء اللّه ، فيكشف عما شاء اللّه أن يكشف، قال: فيخرّون سجدا إلا المنافقين، فإنه يصير فقار أصلابهم عظما واحدا مثل صياصي البقر، فيقال لهم: ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم) ثم ذكر قصة فيها طول. ٢٦٨٣٧ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا الأعمش، عن المنهال عن قيس بن سكن، قال: حدّث عبد اللّه وهو عند عمر يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبّ العَالمِينَ قال: (إذا كان يوم القيامة قال: يقوم الناس بين يدي ربّ العالمين أربعين عاما، شاخصة أبصارهم إلى السماء، حُفاة عُراة، يلجمهم العرق، ولا يكلمهم بشر أربعين عاما، ثم ينادي مناد: يا أيها الناس أليس عدلاً من ربكم الذي خلقكم وصوّركم ورزقكم، ثم عبدتم غيره، أن يوّلَى كلّ قوم ما تولوا؟ قالوا: نعم؟ قال: فيرفع لكل قوم ما كانوا يعبدون من دون اللّه قال: ويمثل لكل قوم، يعني آلهتم، فيتبعونها حتى تقذفهم في النار، فيبقى المسلمون والمنافقون، فيقال: ألا تذهبون فقد ذهب الناس؟ فيقولون: حتى يأتينا ربنا، قال: وتعرفونه؟ فقالوا: إن اعترف لنا، قال: فيتجلى فيخرّ من كان يعبده ساجدا، قال: ويبقى المنافقون لا يستطيعون كأن في ظهورهم السفافيد. قال: فيذهب بهم فيساقون إلى النار، فيقذف بهم، ويدخل هؤلاء الجنة، قال: فيستقبلون في الجنة بما يستقبلون به من الثواب والأزواج والحور العين، لكلّ رجل منهم في الجنة كذا وكذا، بين كل جنة كذا وكذا، بين أدناها وأقصاها ألف سنة هو يرى أقصاها كما يرى أدناها قال: ويستقبله رجل حسن الهيئة إذا نظر إليه مُقبلاً حسب أنه ربه، فيقول له: لا تفعل إنما أنا عبدك وقَهْرَمانك على ألف قرية قال: يقول عمر: يا كعب ألا تسمع ما يحدّث به عبد اللّه ) ؟. ٢٦٨٣٨ـ حدثنا ابن جَبَلة، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا سليمان الأعمش، عن المنهال ابن عمرو، عن أبي عبيدة وقيس بن سكن، قالا: قال عبد اللّه وهو يحدّث عمر، قال: وجعل عمر يقول: ويحك يا كعب، ألا تسمع ما يقول عبد اللّه ؟ (إذا حشر الناس على أرجلهم أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء، لا يكلمهم بشر، والشمس على رؤوسهم حتى يلجمهم العرق، كلّ برّ منهم وفاجر، ثم ينادي منادٍ من السماء: يا أيها الناس أليس عدلاً من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوّركم، ثم توليتم غيره، أن يولي كلّ رجل منكم ما تولى؟ فيقولون: بلى ثم ينادي مناد من السماء: يا أيها الناس، فلتنطلق كلّ أمة إلى ما كانت تعبد، قال: ويبسط لهم السراب، قال: فيمثل لهم ما كانوا يعبدون، قال: فينطلقون حتى يلجوا النار، فيقال للمسلمين: ما يحبسكم؟ فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فيقال لهم: هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: إن اعترف لنا عرفناه) . ٢٦٨٣٩ـ قال: وثني أبو صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم (حتى إن أحدهم ليلتفّ فيكشف عن ساق، فيقعون سجودا، قال: وتُدْمَج أصلاب المنافقين حتى تكون عظما واحدا، كأنها صياصي البقر، قال: فيقال لهم: ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم قال: فترفع طائفة منهم رؤوسهم إلى مثل الجبال من النور، فيمرّون على الصراط كطرف العين، ثم ترفع أخرى رؤوسهم إلى أمثال القصور، فيمرّون على الصراط كمرّ الريح، ثم يرفع آخرون بين أيديهم أمثال البيوت، فيمرّون كمرّ الخيل ثم يرفع آخرون إلى نور دون ذلك، فيشدّون شدّا وآخرون دون ذلك يمشون مشيا حتى يبقى آخر الناس رجل على أنملة رجله مثل السراج، فيخرّ مرّة، ويستقيم أخرى، وتصيبه النار فتشعث منه حتى يخرج، فيقول: ما أُعطي أحد ما أعطيت، ولا يدري مما نجا، غير أني وجدت مسها، وإني وجدت حرّها) وذكر حديثا فيه طول اختصرت هذا منه. ٢٦٨٤٠ـ حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا جعفر بن عون، قال: حدثنا هشام بن سعد، قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدْريّ، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا لتلحق كلّ أمة بما كانت تعبد، فلا يبقى أحدّ كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار، ويبقى من كان يعبد اللّه وحده من برّ وفاجر، وغُبّرات أهل الكتاب ثم تعرض جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، ثم تدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: عزَيز ابن اللّه ، فيقول: كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا فيقول: أفلا تردون فيذهبون حتى يتساقطوا في النار، ثم تدعى النصارى، فيقال: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: المسيح ابن اللّه ، فيقول: كذبتم ما اتخذ اللّه من صاحبة ولا ولد، فماذا تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا اسقنا، فيقول: أفلا تردون، فيذهبون فيتساقطون في النار، فيبقى من كان يعبد اللّه من برّ وفاجر قال: ثم يتبدّى اللّه لنا في صورة غير صورته التي رأيناه فيها أوّل مرّة، فيقول: أيها الناس لحقت كلّ أمة بما كانت تعبد، وبقيتم أنتم فلا يكلمه يومئذٍ إلا الأنبياء، فيقولون: فارقنا الناس في الدنيا، ونحن كنا إلى صحبتهم فيها أحوج لحقت كلّ أمة بما كانت تعبد، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ باللّه منك، فيقول: هل بينكم وبين اللّه آية تعرفونه بها؟ فيقولون نعم، فيكشف عن ساق، فيخرّون سجدا أجمعون، ولا يبقى أحد كان سجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقا، إلا صار ظهره طبقا واحدا، كلما أراد أن يسجد خرّ على قفاه قال: ثم يرجع يرفع برّنا ومسيئنا، وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أوّل مرّة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعم أنت ربنا ثلاث مرّار) . ٢٦٨٤١ـ حدثني محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: ثني أبي وسعيد بن الليث، عن الليث، قال: حدثنا خالد ابن يزيد، عن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يُنادِي مُنادِيةِ فَيَقُولُ: لِيَلْحَقْ كُل قَوْمٍ بِمَا كانُوا يَعْبُدُونَ فَيَذْهَبُ أصحَابُ الصّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ، وأصحَابُ الأوْثانِ مَعَ أوْثانِهِم، وأصحَابُ كُلّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ، حتى يَبْقَى مَنْ كانَ يَعْبُدُ اللّه مِنْ بَرْ وَفاجِرٍ وَغُبّرَاتِ أهْل الكِتابِ، ثُمّ يُؤْتي بِجَهَنّمْ تَعْرِضُ كأنّها سَرَابٌ) ثم ذكر نحوه، غير أنه قال (فإنّا نَنْتَظِرُ رَبّنا) فقال: إن كان قاله فيأتِيهم الجبار، ثم حدثنا الحديث نحو حديث المسروقي. ٢٦٨٤٢ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا عبد الرحمن المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدنيّ، عن يزيد بن أبي زياد عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يأْخُذُ اللّه للْمَظْلُومِ مِنَ الظّالِمِ حتى إذَا لَمْ يَبْقَ تَبعةٌ لأَحَدٍ عِنْدِ أحَدٍ جَعَلَ اللّه مَلَكا مِنَ المَلائِكَةِ على صُورَةِ عُزَيْزٍ، فَنَتْبَعُهُ اليهُودُ، وَجَعَلَ اللّه مَلَكا مِنَ المَلائِكَةِ على صُورَةِ عِيسَى فَتَتْبَعُهُ النّصَارَى، ثُمّ نادَى مُنادٍ أسمَعَ الخَلائِقَ كُلّهُمْ، فَقالَ: ألا لِيَلْحَقْ كُلّ قَوْمٍ بِآلَهَتِهِمْ ومَا كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّه ، فَلا يَبْقَى أحَدٌ كانَ يَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللّه شيْئا إلا مُثّلَ لَهُ آلهَتُهُ بَينَ يَدَيْه، ثُمّ قادَتْهُمْ إلى النّارِ حتى إذَا لَمْ يَبْقَ إلاّ المُؤْمِنُون فِيهِمُ المُنافِقُون قالَ اللّه جَلّ ثَناؤُهُ: أيّها النّاسُ ذَهَبَ النّاسُ، ذَهَبَ النّاسُ، الْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ ومَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ: وَاللّه مالَنا إلَهٌ إلاّ اللّه ومَا كُنّا نَعْبُدُ إلَها غَيْرَه، وَهُوَ اللّه ثَبّتَهُمْ، ثُمّ يَقُولُ لَهُمُ الثّانِيَةَ مِثْلَ ذلكَ: الْحَقُوا بآلِهَتِكُمْ ومَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ، فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذلكَ، فَيُقالُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَينَ رَبّكُمْ مِنْ آيَةٍ تَعْرِفُونَها؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ، فَيَتَجَلّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَتِهِ ما يَعْرِفُونَهُ أنّه رَبّهُمْ فَيَخِرّونَ لَهُ سُجّدا على وُجُوهِهمْ وَيَقَعُ كُلّ مُنافِقٍ على قَفاهُ، ويَجْعَلُ اللّه أصْلابَهُمْ كَصَياصِي البَقَرِ) . ٢٦٨٤٣ـ وحدثني أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا أبو سعيد روح بن جناح، عن مولى لعمر بن عبد العزيز، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: (عن نور عظيم، يخرّون له سجدا) . ٢٦٨٤٤ـ حدثني جعفر بن محمد البزْوَرِيّ، قال: حدثنا عبيد اللّه ، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله اللّه يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: يكشف عن الغطاء، قال: ويُدْعَونَ إلى السجود وهم سالمون. ٢٦٨٤٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا ابن المبارك، عن أُسامة بن زيد، عن عكرِمة، في قوله يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال: هو يومُ كربٍ وشدّة. وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك: (يَوْمَ تَكْشِفُ عَنْ ساقٍ) بمعنى تكشف القيامة عن شدّة شديدة، والعرب تقول: كشَف هذا الأمرُ عن ساق: إذا صار إلى شدّة ومنه قول الشاعر: كَشَفَتْ لَهُمْ عَنْ ساقِهاوَبَدَا مِنَ الشّرّ الصّرَاحُ و قوله: وَيُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ فَلا يَسْتَطيعُونَ يقول: ويدعوهم الكشف عن الساق إلى السجود للّه تعالى فلا يطيقون ذلك. ٤٣و قوله: خاشِعَةً أبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلّةٌ يقول: تغشاهم ذلة من عذاب اللّه وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ يقول: وقد كانوا في الدينا يدعونهم إلى السجود له، وهم سالمون، لا يمنعهم من ذلك مانع، ولا يحول بينه وبينهم حائل. وقد قيل: السجود في هذا الموضع: الصلاة المكتوبة. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٤٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم التيميّ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ قال: إلى الصلاة المكتوبة. ٢٦٨٤٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن سعيد بن جبير وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ قال: يَسْمَعُ المناديَ إلى الصلاة المكتوبة فلا يجيبه. قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيميّ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ قال: الصلاة المكتوبة. وبنحو الذي قلنا في قوله وَيُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ... الاَية، قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٤٨ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ وَهُمْ سالِمُون قال: هم الكفار كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون، فاليوم يدعوهم وهم خائفون، ثم أخبر اللّه سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والاَخرة، فأما في الدنيا فإنه قال ما كانُوا يسْتَطيعُون السّمْعَ ومَا كانُوا يُبْصِرُونَ وأما في الاَخرة فإنه قال: فَلا يَسْتَطِيعُونَ خاشِعَة أبْصَارُهُمْ. ٢٦٨٤٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: وَيُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ ذلكم واللّه يوم القيامة. ذُكر لنا أن نبيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: (يُؤْذَنُ للْمُؤْمِنينَ يَوْمَ القِيامَةِ في السّجُودِ، فَيَسْجُدُ المُؤْمِنُونَ، وَبَينَ كُلّ مُؤْمِنَيْنِ مُنافقٌ، فَيَقْسُو ظَهْرُ المُنافِقِ عَنْ السّجُودِ، ويَجْعَلُ اللّه سُجُودَ المُؤْمِنينَ عَلَيْهِمْ تَوْبِيخا وَذُلاّ وَصَغارا، وَنَدَامَةً وَحَسْرَةً) . و قوله: وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ أي في الدنيا وَهُمْ سالِمُونَ: أي في الدنيا. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: بلغني أنه يُؤْذَن للمؤمنين يوم القيامة في السجود بين كل مؤمنين منافق، يسجد المؤمنون، ولا يستطيع المنافق أن يسجد وأحسبه قال: تقسو ظهورهم، ويكون سجود المؤمنين توبيخا عليهم، قال: وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السّجُودِ وَهُم سالِمُونَ. ٤٤القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَذَرْنِي وَمَن يُكَذّبُ بِهَـَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : كلْ يا محمد أمر هؤلاء المكذّبين بالقرآن إليّ وهذا كقول القائل لاَخر غيره يتوعد رجلاً: دعني وإياه، وخلّني وإياه، بمعنى: أنه من وراء مساءته. و (مَن) في قوله: وَمَنْ يُكَذّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ في موضع نصب، لأن معنى الكلام ما ذكرت، وهو نظير قولهم: لو تُرِكْتَ ورأيَك ما أفلحت. والعرب تنصب (ورأيك) ، لأن معنى الكلام: لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح. و قوله: سَنَسْتَدْرِجِهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ يقول جلّ ثناؤه: سنكيدهم من حيث لا يعلمون، وذلك بأن يمتعهم بمتاع الدنيا حتى يظنوا أنهم متعوا به بخير لهم عند اللّه ، فيتمادوا في طغيانهم، ثم يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون. ٤٥و قوله: وأُمْلِي لَهُمْ إنّ كَيْدِي مَتِينٌ يقول تعالى ذكره: وأنسىء في آجالهم ملاوة من الزمان، وذلك برهة من الدهر على كفرهم وتمرّدهم على اللّه لتتكامل حجج اللّه عليهم إنّ كَيْدِي مَتِينٌ يقول: إن كيدي بأهل الكفر قويّ شديد. ٤٦القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مّن مّغْرَمٍ مّثْقَلُونَ }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : أتسأل يا محمد هؤلاء المشركين باللّه على ما أتيتهم به من النصيحة، ودعوتهم إليه من الحقّ، ثوابا وجزاء فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُون يعني من غرم ذلك الأجر مثقلون، قد أثقلهم القيام بأدائه، فتحاموا لذلك قبول نصيحتك، وتجنبوا لعظم ما أصابهن من ثقل الغرم الذي سألتهم على ذلك الدخول في الذي دعوتهم إليه من الدين. ٤٧و قوله: أمْ عِنْدَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يكْتُبُونَ يقول: أعندهم اللوح المحفوظ الذي فيه نبأ ما هو كائن، فهم يكتبون منه ما فيه، ويجادلونك به، ويزعمون أنهم على كفرهم بربهم أفضل منزلة عند اللّه من أهل الأيمان به. ٤٨القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىَ وَهُوَ مَكْظُومٌ }. يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : فاصبر يا محمد لقضاء ربك وحكمه فيك، وفي هؤلاء المشركين بما أتيتهم به من هذا القرآن، وهذا الدين، وامض لما أمرك به ربك، ولا يثنيك عن تبليغ ما أمرت بتبليغه تكذيبهم إياك وأذاهم لك. و قوله: وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ الذي حبسه في بطنه، وهو يونس بن مَتّى صلى اللّه عليه وسلم فيعاقبك ربك على تركك تبليغ ذلك، كما عاقبه فحبسه في بطنه. إذْ نادَى وَهوَ مَكْظُومٌ يقول: إذ نادى وهو مغموم، قد أثقله الغمّ وكظمه، كما: ٢٦٨٥٠ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: إذْ نادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ يقول: مغموم. ٢٦٨٥١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: مَكْظُومٌ قال: مغموم. وكان قتادة يقول في قوله: وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ: لا تكن مثله في العَجَلة والغضب. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٥٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ وَلا تَكُنْ كَصْاحِبِ الْحُوتِ إذْ نادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ يقول: لا تعجل كما عَجِل، ولا تغضب كما غضب. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، مثله. ٤٩و قوله: لَوْلا أنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبّهِ يقول جلّ ثناؤه: لولا أن تدارك صاحب الحوت نعمة من ربه، فرحمه بها، وتاب عليه من مغاضبته ربه لَنُبِذَ بالعَرَاءِ وهو الفضاء من الأرض: ومنه قول بن جَعْدة: وَرَفَعْتُ رِجْلاً لا أخافُ عِثارَهاوَنَبَذْتُ بالبَلَدِ العَرَاءِ ثِيابِي وَهُوَ مَذْمُومٌ اختلف أهل التأويل في معنى قوله: وَهُوَ مَذْمُومٌ فقال بعضهم: معناه وهو مُلِيم. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٥٣ـ حدثني عليّ، قال: ثني أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله: وَهُوَ مَذْمُومٌ يقول: وهو مليم. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وهو مذنب ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٥٤ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه عن بكر وَهُوَ مَذْمُومٌ قال: هو مذنب. ٥٠القول فـي تأويـل قوله تعالى: {فَاجْتَبَاهُ رَبّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحِينَ}. يقول تعالى ذكره: فاجتبى صاحبَ الحوت ربّه، يعني اصطفاه واختاره لنبوّته فَجَعَلَهُ منَ الصّالِحِينَ يعني من المرسلين العاملين بما أمرهم به ربهم، المنتهين عما نهاهم عنه. ٥١و قوله: وَإنْ يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بأبْصَارِهِمْ يقول جلّ ثناؤه: وإن يكاد الذين كفروا يا محمد يَنْفُذونك بأبصارهم من شدة عداوتهم لك ويزيلونك فيرموا بك عند نظرهم إليك غيظا عليك. وقد قيل: إنه عُنِيَ بذلك: وإن يكان الذين كفروا مما عانوك بأبصارهم ليرمون بك يا محمد، ويصرعونك، كما تقول العرب: كاد فلان يصرعني بشدّة نظره إليّ قالوا: وإنما كانت قريش عانوا لمجنون، فقال اللّه لنبيه عند ذلك: وإن يكاد الذين كفروا ليرمونك بأبصارهم لَمّا سَمِعُوا الذّكْرَ وَيَقُولُونَ إنّهُ لمَجْنُونٌ. وبنحو الذي قلنا في معنى لَيُزْلِقُونَكَ قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٦٨٥٥ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس ، في قوله: وَإنْ يكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بأبْصَارِهِم لَمّا سَمِعُوا الذّكْرَ يقول: يَنْفُذونك بأبصارهم من شدّة النظر، يقول ابن عباس : يقال للسهم: زَهَق السهم أو زلق. حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: لَيُزْلِقونَك بأبْصَارِهِمْ يقول: لَيَنْفُذونك بأبصارهم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله وَإنْ يكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بأبْصَارِهِمْ يقول: ليزهقونك بأبصارهم. ٢٦٨٥٦ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا معاوية، عن إبراهيم، عن عبد اللّه أنه كان يقرأ: (وَإنْ يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْهِقُونَكَ) . ٢٦٨٥٧ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: لَيُزْلِقُونَكَ قال: لينفذونك بأبصارهم. ٢٦٨٥٨ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: لَيُزْلِقُونَكَ بأبْصَارِهِمْ قال: ليزهقونك، وقال الكلبي ليصْرَعونك. حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَإنْ يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقونَكَ بأبْصَارِهِمْ لينفذونك بأبصارهم معاداة لكتاب اللّه ، ولذكر اللّه . ٢٦٨٥٩ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَإنْ يَكادُ الّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بأبْصَارِهمْ يقول: يَنْفذونك بأبصارهم من العداوة والبغضاء. واختلفت القرّاء في قراءة قوله لَيُزْلِقُونَكَ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة (لَيَزْلِقُونَكَ) بفتح الياء من زلقته أزلقه زَلْقا. وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة لَيُزْلِقُونَكَ بضم الياء من أزلقه يُزْلِقه. والصواب من القول في ذلك عند أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان في العرب متقاربتا المعنى والعرب تقول للذي يحلِق الرأس: قد أزلقه وزلقه، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وقوله لمَا سَمِعُوا الذّكْرَ يقول: لما سمعوا كتاب اللّه يتلى وَيَقُولُونَ إنّهُ لَمَجْنُونٌ يقول تعالى ذكره: يقول هؤلاء المشركون الذين وصف صفتهم إن محمدا لمجنون، وهذا الذي جاءنا به من الهذيان الذي يَهْذِي به في جنونه ٥٢وَما هُوَ إلاّ ذكْرٌ للْعَالمِينَ وما محمد إلا ذِكر ذَكّر اللّه به العالَمينِ الثقلين الجنّ والإنس. |
﴿ ٠ ﴾