تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة نوحسورة نوح مكية وآياتها ثمان وعشرون بسم اللّه الرحمَن الرحيـم ١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىَ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. يقول تعالى ذكره: إنّا أرْسَلْنا نُوحا وهو نوح بن لمَكَ إلى قَوْمِهِ أنْ أنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أنْ يأْتِيَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ يقول: أرسلناه إليهم بأن أنذر قومك فأن في موضع نصب في قول بعض أهل العربية، وفي موضع خفض في قول بعضهم. وقد بيّنت العِلل لكلّ فريق منهم، والصواب عندنا من القول في ذلك فيما مضى من كتابنا هذا، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وهي في قراءة عبد اللّه فيما ذُكر: (إنَا أرْسَلْنا نُوحا إلى قَوْمِهِ أنْذِرْ قَوْمَكَ) بغير (أن) ، وجاز ذلك لأن الإرسال بمعنى القول، فكأنه قيل: قلنا لنوح: أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم وذلك العذاب الأليم هو الطوفان الذي غرّقهم اللّه به. ٢و قوله: قالَ يا قَوْمِ إنّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ يقول تعالى ذكره: قال نوح لقومه: يا قوم إني لكم نذير مبين، أنذركم عذاب اللّه فاحذروه أن ينزل بكم على كفركم به مبين يقول: قد أبنت لكم إنذاري إياكم. و قوله: أنِ اعْبُدُوا اللّه وَاتَقُوه وَأطِيعُونِ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه إني لَكمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ بأن اعبدوا اللّه ، يقول: إني لكم نذير أنذركم، وآمركم بعبادة اللّه وَاتّقُوهُ يقول: واتقوا عقابه بالإيمان به، والعمل بطاعته وأطِيعُونِ يقول: وانتهوا إلى ما آمركم به، واقبلوا نصيحتي لكم. وقد: ٢٧٠٧٥ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، ٣قوله: أنِ اعْبُدُوا اللّه واتّقُوهُ وأطِيعُونِ قال: أرسل اللّه المرسلين بأن يُعْبدَ اللّه وحده، وأن تتقي محارمه، وأن يُطاع أمره. ٤و قوله: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول: يغفر لكم ذنوبكم. فإن قال قائل: أَوَليست (من) دالة على البعض؟ قيل: إن لها معنيين وموضعين، فأما أحد الموضعين فهو الموضع الذي لا يصلح فيه غيرها. وإذا كان ذلك كذلك لم تدلّ إلا على البعض، وذلك كقولك: اشتريت من مماليكك، فلا يصلح في هذا الموضع غيرها، ومعناها: البعض، اشتريت بعض مماليكك، ومن مماليكك مملوكا. والموضع الاَخر: هو الذي يصلح فيه مكانها عن فإذا، صلحت مكانها (عن) دلت على الجميع، وذلك كقولك: وجع بطني من طعام طعِمته، فإن معنى ذلك: أوجع بطني طعام طعمته، وتصلح مكان (من) عن، وذلك أنك تضع موضعها (عن) ، فيصلح الكلام فتقول: وجع بطني عن طعام طعمته، ومن طعام طعمته، فكذلك قوله: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ إنما هو: ويصفح لكم، ويعفو لكم عنها وقد يحتمل أن يكون معناها يغفر لكم من ذنوبكم ما قد وعدكم العقوبة عليه. فأما ما لم يعدكم العقوبة عليه فقد تقدّم عفوه لكم عنها. و قوله: وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أجَل مُسَمّى يقول: ويؤخّر في آجالكم فلا يهلككم بالعذاب، لا بغَرَق ولا غيره إلى أجل مسمى يقول إلى حين كتب أنه يبقيكم إليه، إن أنتم أطعتموه وعبدتموه، في أمّ الكتاب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٧٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول اللّه : إلى أجَل مُسَمّى قال: ما قد خطّ من الأجل، فإذا جاء أجل اللّه لا يؤخّر. و قوله: إنّ أجَلَ اللّه إذَا جاءَ لا يُؤَخّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يقول تعالى ذكره: إن أجل اللّه الذي قد كتبه على خلقه في أمّ الكتاب إذا جاء عنده لا يؤخر عن ميقاته، فينظر بعده لو كنتم تعلمون يقول: لو علمتم أن ذلك كذلك، لأنبتم إلى طاعة ربكم. ٥القول فـي تأويـل قوله تعالى: {قَالَ رَبّ إِنّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً }. يقول تعالى ذكره: قال نوح لما بلغ قومه رسالة ربه، أو أنذرهم ما أمره به أن ينذرهموه فعصوه، وردّوا عليه ما أتاهم به من عنده: رَبّ إنّي دَعَوْتُ قَوْمي لَيْلاً وَنهارا إلى توحيدك وعبادتك، وحذّرتهم بأسك وسطوتك، ٦فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائي إلاّ فِرَارا يقول: فلم يزدهم دعائي إياهم إلى ما دعوتهم إليه من الحقّ الذي أرسلتني به لهم إلاّ فِرَارا يقول: إلا إدبارا عنه وهربا منه وأعراضا عنه. وقد: ٢٧٠٧٧ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله: فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائي إلاّ فِرَارا قال: بلغنا أنهم كانوا يذهب الرجل بابنه إلى نوح، فيقول لابنه: احذر هذا لايغوينك، فأراني قد ذهب بي أبي إليه وأنا مثلك، فحذرني كما حذّرتك. ٧و قوله: وإنّي كُلَما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أصَابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ يقول جلّ وعزّ: وإني كلما دعوتهم إلى الإقرار بوحدانيتك، والعمل بطاعتك، والبراءة من عبادة كلّ ما سواك، لتغفر لهم إذاهم فعلوا ذلك جعلوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا دعائي إياهم إلى ذلك وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ يقول: وتغشوا في ثيابهم، وتغطوا بها لئلا يسمعوا دعائي. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٧٨ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: جَعَلُوا أصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ لئلا يسمعوا كلام نوح عليه السلام. و قوله: وأصَرّوا يقول: وثبتوا على ما هم عليه من الكفر وأقاموا عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٧٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وأصَرّوا قال: الإصرار إقامتهم على الشرّ والكفر. و قوله: وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبارا يقول: وتكبروا فتعاظموا عن الإذعان للحقّ، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة. ٨القول فـي تأويـل قوله تعالى: {ثُمّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً }. يقول: ثُمّ إنّي دَعَوْتُهُمْ إلى ما أمرتني أن أدعوهم إليه جِهارا ظاهرا في غير خفاء، كما: ٢٧٠٨٠ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ثُمّ إنّي دَعَوْتُهُمْ جِهارا قال: الجهار الكلام المعلن به. ٩و قوله: ثُمّ إنّي أعْلَنْتُ لَهُمْ وأسْرَرْتُ لَهُمْ إسْرَارا يقول: صرخت لهم، وصحت بالذي أمرتني به من الإنذار، كما: ٢٧٠٨١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: وأعْلَنْتُ لَهُمْ قال: صحْت. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد أعْلَنْتُ لَهُمْ يقول: صحت بهم. و قوله: وأسْرَرْتُ لَهُمْ إسْرَارا يقول: وأسررت لهم ذلك فيما بيني وبينهم في خفاء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٨٢ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: وأسْرَرْتُ لَهُمْ إسْرَارا قال: فيما بيني وبينهم. ١٠و قوله: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ إنّهُ كانَ غَفّارا يقول: فقلت لهم: سلوا ربكم غُفْران ذنوبكم، وتوبوا إليه من كفركم، وعبادة ما سواه من الاَلهة ووحدوه، وأخلصوا له العبادة، يغفر لكم، إنه كان غفارا لذنوب من أناب إليه، وتاب إليه من ذنوبه. ١١و قوله: يُرْسِل السّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارا يقول: يسقيكم ربكم إن تبتم ووحدتموه وأخلصتم له العبادة الغيث، فيرسل به السماء عليكم مدرارا متتابعا. وقد: ٢٧٠٨٣ـ حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، قال: خرج عمر بن الخطاب يستسقي، فما زاد على الاستغفار، ثم رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت، فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ: اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ إنّه كانَ غَفّارا يُرْسِل السّماءَ عَلَيْكُم مِدْرَارا، وقرأ الاَية التي في سورة هود حتى بلغ: وَيَزِدْكُمْ قُوّة إلى قُوّتِكُمْ. ١٢القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لّكُمْ جَنّاتٍ وَيَجْعَل لّكُمْ أَنْهَاراً }. و قوله: ويُمْدِدْكُمْ بأمْوَالٍ وَبَنِينَ يقول: ويعطكم مع ذلك ربكم أموالاً وبنين، فيكّثرها عندكم ويزيد فيما عندكم منها ويَجْعَل لَكُمْ جَنّاتٍ يقول: يرزقكم بساتين ويَجْعَل لَكُمْ أنهارا تسقون منها جناتكم ومزارعكم وقال ذلك لهم نوح، لأنهم كانوا فيما ذُكر قوم يحبون الأموال والأولاد. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٨٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: ثُمّ إنّي دَعَوْتُهُمْ جِهارا... إلى قوله: ويَجْعَلْ لَكُمْ أنهارا قال: رأى نوح قوما تجزّعت أعناقهم حرصا على الدنيا، فقال: هلموا إلى طاعة اللّه ، فإن فيها درك الدنيا والاَخرة. ١٣و قوله: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: ما لكم لا ترون للّه عظمة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٨٥ـ حدثني عليّ قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا يقول: عظمة. ٢٧٠٨٦ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا قال: لا ترون للّه عظمة. ٢٧٠٨٧ـ حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، مثله. حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح وقيس، عن مجاهد، في قوله: لا تَرْجُونَ للّه وَقارا قال: لا تبالون للّه عظمة. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عمرو بن عبيد، عن منصور، عن مجاهد ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا قال: كانوا لا يبالون عظمة اللّه . ٢٧٠٨٨ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: لا تَرْجُونَ للّه وَقارا يقول: عظمة. ٢٧٠٨٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا قال: لا تبالون عظمة ربكم قال: والرجاء: الطمع والمخافة. وقال آخرون: معنى ذلك: لا تعظمون اللّه حقّ عظمته. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٩٠ـ حدثني سلم بن جنادة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا قال: ما لكم لا تعظمون اللّه حقّ عظمته. وقال آخرون: ما لكم لا تعلمون للّه عظمة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٩١ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا يقول: ما لكم لا تعلمون للّه عظمة. وقال آخرون: بل معنى ذلك ما لكم لا ترجون للّه عاقبة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٩٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا أي عاقبة. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا قال: لا ترجون للّه عاقبة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما لكم لا ترجون للّه طاعة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٩٣ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول اللّه : ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ للّه وَقارا قال: الوقار: الطاعة. وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ما لكم لا تخافون للّه عظمة، وذلك أن الرجاء قد تضعه العرب إذا صحبه الجحد في موضع الخوف، كما قال أبو ذُؤيب: إذا لَسَعَتْهُ النّحْلُ لَمْ يَرْجُ لَسْعَهاوخَالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَوَاسِلِ يعني ب قوله: (لم يرج) : لم يخف. ١٤و قوله: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا يقول: وقد خلقكم حالاً بعد حال، طورا نُطْفة، وطورا عَلَقة، وطورا مضغة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٩٤ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا يقول: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. ٢٧٠٩٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال: من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم ما ذكر حتى يتمّ خلقه. ٢٧٠٩٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة : وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا طورا نطفة، وطورا علقة، وطورا عظاما، ثم كسا العظام لحما، ثم أنشأه خلقا آخر، أنبت به الشعر، فتبارك اللّه أحسن الخالقين. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال: نطفة، ثم علقة، ثم خلقا طورا بعد طور. ٢٧٠٩٧ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: خَلَقَكُمْ أطْوَارا يقول: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة. ٢٧٠٩٨ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال: طورا النطفة، ثم طورا أمشاجا حين يمشج النطفة الدم، ثم يغلب الدم على النطفة، فتكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظاما، ثم تُكسي العظام لحما. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أطْوَارا قال: نطفة، ثم علقة، شيئا بعد شيء. ١٥القول فـي تأويـل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللّه سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً }. يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح صلوات اللّه وسلامه عليه، لقومه المشركين بربهم، محتجا عليهم بحجج اللّه في وحدانيته: أَلمْ تَروْا أيها القوم فتعتبروا كَيْفَ خَلَقَ اللّه سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِباقا بعضها فوق بعض والطباق: مصدر من قولهم: طابقت مطابقة وطباقا. وإنما عني بذلك: كيف خلق اللّه سبع سموات، سماء فوق سماء مطابقة. ١٦و قوله: وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا يقول: وجعل القمر في السموات السبع نورا وَجَعَلَ الشّمْسَ فيهن سراجا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٩٩ـ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة ألَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّه سَبْعَ سَموَاتٍ طِباقا وَجَعَلَ القَمَمرَ فِيهِنّ نُورا وَجَعَل الشّمْسَ سِرَاجا ذُكر لنا أن عبد اللّه بن عمرو بن العاص كان يقول: إن ضوء الشمس والقمر نورهما في السماء، اقرءوا إن شئتم: أَلمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللّه سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِباقا... إلى آخر الاَية. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، عن عبد اللّه بن عمرو أنه قال: إن الشمس والقمر وجوههما قِبَل السموات، وأقفيتهما قِبَل الأرض، وأنا أقرأ بذلك آية من كتاب اللّه : وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا وَجَعَلَ الشّمْسَ سِرَاجا. ٢٧١٠٠ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا يقول: خلق القمر يوم خلق سبع سموات. وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: إنما قيل وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنّ نُورا على المجاز، كما يقال: أتيت بني تميم، وإنما أتى بعضهم ١٧واللّه أنْبَتَكُم مِنَ الأرْض نَباتا يقول: واللّه أنشأكم من تراب الأرض، فخلقكم منه إنشاء ١٨ثُمّ يُعِيدُكُمْ فِيها يقول: ثم يعيدكم في الأرض كما كنتم ترابا فيصيركم كما كنتم من قبل أن يخلقكم ويُخْرِجُكُمْ إخْرَاجا يقول ويخرجكم منها إذا شاء أحياء كما كنتم بشرا من قبل أن يعيدكم فيها، فيصيركم ترابا إخراجا. ١٩القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَاللّه جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِسَاطاً }. يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه، مذكّرهم نِعَم ربه: وَاللّه جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِساطا تستقرّون عليها وتمتهدونها. ٢٠و قوله: لتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجا يقول: لتسلكوا منها طرقا صعابا متفرقة والفجاج: جمع فجّ، وهو الطريق. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧١٠١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجا قال: طرقا وأعلاما. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجا قال طرقا. ٢٧١٠٢ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله: لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجا يقول: طُرُقا مختلفة. ٢١و قوله: قالَ نُوحٌ رَبّ إنّهُمْ عَصَوْنِي فخالفوا أمري، وردّوا عليّ ما دعوتهم إليه من الهدى والرشاد واتّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إلاّ خَسارا يقول: واتبعوا في معصيتهم إياي من دعاهم إلى ذلك، ممن كثر ماله وولده، فلم تزده كثرة ماله وولده إلا خسارا، بُعدا من اللّه ، وذهابا عن مَحَجّة الطريق. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: وَوَلَدُهُ فقرأته عامة قرّاء المدينة: وَوَلَدُهُ بفتح الواو واللام، وكذلك قرءوا ذلك في جميع القرآن. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بضم الواو وسكون اللام، وكذلك كلّ ما كان من ذكر الولد من سورة مريم إلى آخر القرآن. وقرأ أبو عمرو كلّ ما في القرآن من ذلك بفتح الواو واللام في غير هذا الحرف الواحد في سورة نوح، فإنه كان يضمّ الواو منه. والصواب من القول عندنا في ذلك، إن كلّ هذه القراءات قراءات معروفات، متقاربات المعاني، فبأي ذلك قرأ القارىء فمصيب. ٢٢و قوله: وَمَكَرُوا مَكْرا كُبّارا يقول: ومكروا مكرا عظيما. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧١٠٣ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: كُبّارا قال: عظيما. ٢٧١٠٤ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وَمَكَرُوا مَكْرا كُبّارا كثيرا، كهيئة قوله: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوا ولا كِذّابا. والكُبّار: هو الكبير، كما قال ابن زيد، تقول العرب: أمر عجيب وعجاب بالتخفيف، وعُجّاب بالتشديد ورجل حُسَان وحَسّان، وجُمال وَجمّالٌ بالتخفيف والتشديد، وكذلك كبير وكُبّار بالتخفيف والتشديد. ٢٣القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً }. يقول تعالى ذكره مخبرا عن إخبار نوح، عن قومه: وَقالُوا لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وُدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا. كان هؤلاء نفرا من بني آدم فيما ذُكر عن آلهة القوم التي كانوا يعبدونها. وكان من خبرهم فيما بلغنا ما: ٢٧١٠٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن موسى، عن محمد بن قيس وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال: كانوا قوما صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صوّرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوّروهم، فلما ماتوا، وجاء آخرون دبّ إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقون المطر فعبدوهم. ٢٧١٠٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرِمة، قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام. وقال آخرون: هذه أسماء أصنام قوم نوح. ذكر من قال ذلك: ٢٧١٠٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وَدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال: كان ودّ لهذا الحيّ من كَلْب بدومة الجَندل، وكانت سُواع لهذيل برياط، وكان يغوث لبني غُطَيف من مُراد بالجُرْف من سَبأ، وكان يعوق لهمدان ببلخع، وكان نسر لذي كلاع من حِمْير قال: وكانت هذه الاَلهة يعبدها قوم نوح، ثم اتخذها العرب بعد ذلك. واللّه ما عدا خشبة أو طينة أو حجرا. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وَدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال: كانت آلهة يعبدها قوم نوح، ثم عبدتها العرب بعد ذلك، قال: فكان ودّ لكلب بدومة الجندل، وكان سُواعٌ لهُذَيل، وكان يغوث لبني غطيف من مراد بالجُرف، وكان يعوق لهمْدان، وكان نَسْر لذي الكُلاع من حِمْير. ٢٧١٠٨ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، قوله لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وَدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال: هذه أصنام كانت تُعبد في زمان نوح. ٢٧١٠٩ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال: هذه أصنام، وكانت تُعبد في زمان نوح. ٢٧١١٠ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا هي آلهة كانت تكون باليمن. ٢٧١١١ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: وَلا يَغُوثَ وَيَعَوقَ وَنَسْرا قال: هذه آلهتهم التي يعبدون. واختلفت القرّاء في قراءة قوله وَدّا فقرأته عامة قرّاء المدينة: (وُدّا) بضم الواو. وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة: وَدّا بفتح الواو. والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان في قرّاء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. ٢٤و قوله: وَقَدْ أضَلّوا كَثِيرا يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح: وقد ضلّ بعبادة هذه الأصنام التي أُحدثت على صور هؤلاء النفر المسمينَ في هذا الموضع كثير من الناس فنُسِب الضّلال إذ ضَلّ بها عابدوها إلى أنها المُضِلة. و قوله: وَلا تَزدِ الظّالِمِينَ إلاّ ضَلالاً يقول: ولا تزد الظالمين أنفسهم بكفرهم بآياتنا إلا ضلالاً، إلا طبعا على قلبه، حتى لا يهتدي للحقّ. ٢٥القول فـي تأويـل قوله تعالى: {مّمّا خَطِيَئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مّن دُونِ اللّه أَنصَاراً }. يعني تعالى ذكره ب قوله: مِمّا خَطِيئاتِهِمْ من خطيئاتهم أُغْرِقُوا. والعرب تجعل (ما) صلة فيما نوى به مذهب الجزاء، كما يقال: أينما تكن أكن، وحيثما تجلس أجلس، ومعنى الكلام: من خطيئاتهم أُغرقوا. وكان ابن زيد يقول في ذلك. ما: ٢٧١١٢ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: مِمّا خَطِيئاتِهِمْ قال: فبخطيئاتهم أُغْرِقُوا فأدخلوا نارا، وكانت الباء ههنا فصلاً في كلام العرب. ٢٧١١٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، قوله: مِمّا خَطِيئاتِهِم أُغُرِقُوا قال: بخطيئاتهم أُغرقوا. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: مِمّا خَطِيئاتِهِمْ فقرأته عامة قرّاء الأمصار غير أبي عمرو مِمّا خَطِيئاتِهِمْ بالهمز والتاء، وقرأ ذلك أبو عمرو: (مِما خَطاياهُمْ) بالألف بغير همز. والقول عندنا أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارىء فهو مصيب. و قوله: فأُدْخِلُوا نارا جهنم فَلَمْ يَجدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّه أنْصَارا تقتصّ لهم ممن فعل ذلك بهم، ولا تحول بينهم وبين ما فعل بهم. ٢٦و قوله: وَقالَ نُوحٌ رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا و يعني بالدّيار من يدور في الأرض، فيذهب ويجيء فيها وهو فَيْعال من الدوران ديوارا، اجتمعت الياء والواو، فسبقت الياء الواو وهي ساكنة، وأدغمت الواو فيها، وصيرتا ياء مشددة، كما قيل: الحيّ القيام من قمت، وإنما هو قيوام: والعرب تقول: ما بها ديار ولا عريب، ولا دويّ، ولا صافر، ولا نافخ ضرمة، يعني بذلك كله: ما بها أحد. ٢٧القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِنّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوَاْ إِلاّ فَاجِراً كَفّاراً }. يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح في دعائه إياه على قومه: إنك يا ربّ إن تذر الكافرين أحياء على الأرض، ولم تهلكهم بعذاب من عندك يُضِلّوا عِبادَكَ الذين قد آمنوا بك، فيصدّوهم عن سبيلك، وَلا يَلِدُوا إلاّ فاجِرا في دينك كَفّارا لنعمتك. وذُكر أن قيل نوح هذا القول ودعاءه هذا الدعاء، كان بعد أن أوحي إليه ربه: أنّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ. ذكر من قال ذلك: ٢٧١١٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، في قوله: رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا أما واللّه ما دعا عليهم حتى أتاه الوحي من السماء أنّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ فعند ذلك دعا عليهم نبيّ اللّه نوح فقال: رَبّ لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا إنّكَ إنْ تَذَرْهُمْ يُضِلّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إلاّ فاجِرا كَفّارا ثم دعاه دعوة عامة فقال: رَبّ اغْفِرْ لي وَلِوَالِدَيّ ولمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنا وَللْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ... إلى قوله: تَبارا. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة لا تَذَرْ على الأرْضِ مِنَ الكافِرِينَ دَيّارا ثم ذكره نحوه. ٢٨و قوله: رَبّ اغْفِرْلي وَلِوَالِدَيّ يقول: ربّ اعف عني، واستر عليّ ذنوبي وعلى والديّ ولِمَنْ دَخَلَ بَيِتيَ مُؤْمِنا يقول: ولمن دخل مسجدي ومصلايَ مصلّيا مؤمنا، يقول: مصدّقا بواجب فرضك عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧١١٥ـ حدثنا بشر بن آدم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن الضحاك ولِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنا قال: مسجدي. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سلمة، عن أبي سنان سعيد، عن الضحاك مثله. و قوله: وللْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ يقول: وللمصدّقين بتوحيدك والمصدّقات. و قوله: وَلا تَزِدِ الظَالِمِينَ إلاّ تَبارا يقول: ولا تزد الظالمين أنفسهم بكفرهم إلا خسارا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧١١٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: إلاّ تَبارا قال: خسارا. وقد بينت معنى قول القائل: تبرت، فيما مضى بشواهده، وذكرت أقوال أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. ٢٧١١٧ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، قال: قال معمر: حدثنا الأعمش، عن مجاهد، قال: كانوا يضربون نوحا حتى يُغْشَى عليه، فإذا أفاق قال: ربّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. |
﴿ ٠ ﴾