٤و قوله: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ يقول: يغفر لكم ذنوبكم. فإن قال قائل: أَوَليست (من) دالة على البعض؟ قيل: إن لها معنيين وموضعين، فأما أحد الموضعين فهو الموضع الذي لا يصلح فيه غيرها. وإذا كان ذلك كذلك لم تدلّ إلا على البعض، وذلك كقولك: اشتريت من مماليكك، فلا يصلح في هذا الموضع غيرها، ومعناها: البعض، اشتريت بعض مماليكك، ومن مماليكك مملوكا. والموضع الاَخر: هو الذي يصلح فيه مكانها عن فإذا، صلحت مكانها (عن) دلت على الجميع، وذلك كقولك: وجع بطني من طعام طعِمته، فإن معنى ذلك: أوجع بطني طعام طعمته، وتصلح مكان (من) عن، وذلك أنك تضع موضعها (عن) ، فيصلح الكلام فتقول: وجع بطني عن طعام طعمته، ومن طعام طعمته، فكذلك قوله: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ إنما هو: ويصفح لكم، ويعفو لكم عنها وقد يحتمل أن يكون معناها يغفر لكم من ذنوبكم ما قد وعدكم العقوبة عليه. فأما ما لم يعدكم العقوبة عليه فقد تقدّم عفوه لكم عنها. و قوله: وَيُؤَخّرْكُمْ إلى أجَل مُسَمّى يقول: ويؤخّر في آجالكم فلا يهلككم بالعذاب، لا بغَرَق ولا غيره إلى أجل مسمى يقول إلى حين كتب أنه يبقيكم إليه، إن أنتم أطعتموه وعبدتموه، في أمّ الكتاب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٧٠٧٦ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول اللّه : إلى أجَل مُسَمّى قال: ما قد خطّ من الأجل، فإذا جاء أجل اللّه لا يؤخّر. و قوله: إنّ أجَلَ اللّه إذَا جاءَ لا يُؤَخّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يقول تعالى ذكره: إن أجل اللّه الذي قد كتبه على خلقه في أمّ الكتاب إذا جاء عنده لا يؤخر عن ميقاته، فينظر بعده لو كنتم تعلمون يقول: لو علمتم أن ذلك كذلك، لأنبتم إلى طاعة ربكم. |
﴿ ٤ ﴾