٢٣

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {إِلاّ بَلاَغاً مّنَ اللّه وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ اللّه وَرَسُولَهُ فَإِنّ لَهُ نَارَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً }.

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : قل لمشركي العرب: إني لا أملك لكم ضرّا ولا رشدا إلاّ بَلاغا مِنَ اللّه وَرِسالاتِهِ يقول: إلاّ أن أبلغكم من اللّه ما أمرني بتبليغكم إياه، وإلا رسالاته التي أرسلني بها إليكم فأما الرشد والخذلان، فبيد اللّه ، هو مالكه دون سائر خلقه يهدى من يشاء ويخذل من أراد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٧١٩٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: إلاّ بَلاغا مِنَ اللّه وَرِسالاتِهِ فذلك الذي أملك بلاغا من اللّه ورسالاته.

وقد يحتمل ذلك معنى آخر، وهو أن تكون (إلا) حرفين، وتكون (لا) منقطعة من (إن) فيكون معنى الكلام: قل إني لن يجيرني من اللّه أحد إن لم أبلغ رسالاته ويكون نصب البلاغ من إضمار فعل من الجزاء كقول القائل: إن لا قياما فقعودا، وإن لا إعطاء فردّا جميلاً، بمعنى: إن لا تفعل الإعطاء فردّا جميلاً.

و قوله: وَمَنْ يَعْصِ اللّه وَرَسُولَهُ فإنّ لَهُ نارَ جَهَنّمَ يقول تعالى ذكره: ومن يعص اللّه فيما أمره ونهاه، ويكذّب به ورسوله، فجحد رسالاته، فإن له نار جهنم يصلاها خالِدِينَ فِيها أبَدا يقول: ماكثين فيها أبدا إلى غير نهاية.

﴿ ٢٣