تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة المدثرسورة المدثر مكية وآياتها ست وخمسون بسم اللّه الرحمَن الرحيـم ١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَأَيّهَا الْمُدّثّرُ }.
يقول جلّ ثناؤه: يا أيّها المُدّثّرُ: يا أيها المتدثر بثيابه عند نومه. وذُكر أن نبيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قيل له ذلك، وهو متدثر بقطيفة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٣٠٨ـ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم يا أيّها المُدّثّرُ قال: كان متدثرا في قطيفة. وذُكر أن هذه الاَية أوّل شيء نزل من القرآن على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأنه قيل له: يا أيّها المُدّثّرُ، كما: ٢٧٣٠٩ـ حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يحدّث عن فترة الوحي: (بَيْنا أنا أمْشِي سَمِعْت صَوْتا مِنَ السّماءِ فَرَفَعْتُ رأسِي، فإذَا المَلَك الّذِي جاءَنِي بِحِرَاءَ جالِسٌ على كُرْسِيّ بَينَ السّماءِ والأرْضِ) قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (فَجُثِثْتُ مِنْهُ فَرَقا، وجِئْتُ أهْلي فَقُلْتُ: زَمّلُونِي زَمّلُوني، فدَثّرُونِي) فأنزل اللّه : يا أيّها المُدّثّرُ قُمْ فأنْذِرْ وَرَبّكَ فَكَبّرْ... إلى قوله: وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال: ثم تتابع الوحي. حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: ثني يحيى بن أبي كثير، قال: سألت أبا سلمة: أيّ القرآن أُنزل أوّل، فقال: يا أيّها المُدّثّرُ فقلت: يقولون اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذي خَلَقَ، فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد اللّه : أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: يا أيّها المُدّثّرُ، فقلت يقولون: اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ فقال: لا أخبرك إلا ما حدثنا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال: (جاورت في حِراء فلما قضيت جواري هبطت، فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي وقدّامي، فلم أر شيئا، فنظرت فوق رأسي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض، فخشيت منه) هكذا قال عثمان بن عمرو، إنما هو: (فجثثت منه، ولقيت خديجة، فقلت: دثروني، فدثروني، وصبوا عليّ ماءً، فأنزل اللّه عليّ: يا أيّها المُدّثّرُ قُمْ فأنْدِرْ.) حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن عليّ بن مبارك، عن يحيى بن أبي كثير، قال: سألت أبا سلمة عن أوّل ما نزل من القرآن، قال: نزلت يا أيّها المُدّثّرُ أوّل قال: قلت: إنهم يقولون اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ، فقال: سألت جابر بن عبد اللّه ، فقال: لا أحدّثك إلا ما حدثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: جاوَرْتُ بِحِرَاءً فلمّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ، فَسَمِعْتُ صَوْتا، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِيِني فَلَمْ أرَ شَيْئا، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أرَ شَيْئا، فَرَفَعْتُ رأسي فرأيْتُ شَيْئا، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: دَثّرُونِي وَصبّوا عَليّ ماء بارِدا، فنزلت يا أيّها المُدّثّرُ. ٢٧٣١٠ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، قال: فتر الوحي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فترة، فحزن حزنا، فجعل يعدو إلى شواهق رؤوس الجبال ليتردّي منها، فكلما أوفي بذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السلام فيقول: إنك نبيّ اللّه ، فيسكن جأشه، وتسكن نفسه فكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يحدّث عن ذلك، قال: (بَيْنَما أنا أمْشِي يَوْما إذْ رأيْتُ المَلَكَ الّذِي كان يأتِيني بِحرَاءَ على كُرْسِيّ بَينَ السّماءِ والأرْضِ، فَجُثِثْتُ مِنْهُ رُعْبا، فَرَجَعْتُ إلى خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: زَمّلُونِي، فزمّلناه) : أي فدثرناه، فأنزل اللّه يا أيّها المُدّثّرُ، قُمْ فأنْذِرْ، وَرَبّكَ فَكَبّرْ، وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال الزهري: فكان أوّل شيء أنزل عليه: اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ... حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ. واختلف أهل التأويل في معنى قوله: يا أيّها المُدّثّرُ، فقال بعضهم: معنى ذلك: يا أيها النائم في ثيابه. ذكر من قال ذلك: ٢٧٣١١ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: يا أيّها المُدّثّرُ قال: يا أيها النائم. ٢٧٣١٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: يا أيّها المُدّثّرُ يقول: المتدثر في ثيابه. وقال آخرون: بل معنى ذلك: يا أيها المتدثر النبوّة وأثقالها. ذكر من قال ذلك: ٢٧٣١٣ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: وسُئل داود عن هذه الاَية: يا أيّها المُدّثّرُ فحدثنا عن عكرمة أنه قال: دثّرت هذا الأمر فقم به. |
﴿ ١ ﴾