١٧

 قوله: إنّ عَليْنا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ ينبىء أنه إنما نهى عن تحريك اللسان به متعجلاً فيه قبل جمعه ومعلوم أن دراسته للتذكر إنما كانت تكون من النبي صلى اللّه عليه وسلم من بعد جمع اللّه له ما يدرس من ذلك.

و قوله: إنّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرآنَهُ يقول تعالى ذكره: إن علينا جمع هذا القرآن في صدرك يا محمد حتى نثبته فيه وقُرآنَهُ يقول: وقرآنه حتى تقرأه بعد أن جمعناه في صدرك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٧٥٥٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس إنّ عَلَيْنا جَمْعَهُ قال: في صدرك وَقُرآنَهُ قال: تقرؤه بعد.

٢٧٥٥٧ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس إنّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرآنَهُ أن نجمعه لك، وقرآنه: أن نُقرئك فلا تنسى.

٢٧٥٥٨ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله إنّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرآنَهُ يقول: إن علينا أن نجمعه لك حتى نثبته في قلبك.

وكان آخرون يتأوّلون قوله: وَقُرآنَهُ وتأليفه. وكان معنى الكلام عندهم: إن علينا جمعه في قلبك حتى تحفظه، وتأليفه. ذكر من قال ذلك:

٢٧٥٥٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: إنّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ يقول حفظه وتأليفه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة جَمْعَهُ وقُرآنَهُ قال: حفظه وتأليفه.

وكأنّ قتادة وجّه معنى القرآن إلى أنه مصدر من قول القائل: قد قَرَأَتْ هذِ الناقةُ في بطنها جَنينا، إذا ضمت رحمها على ولد، كما قال عمرو بن كلثوم:

ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أدْماءَ بِكْرٍهِجانِ اللّوْنِ لمْ تَقرأ جَنِينا

 يعني ب قوله: (لم تقرأ) : لم تضمّ رحما على ولد. وأما ابن عباس والضحاك فإنما وجها ذلك إلى أنه مصدر من قول القائل: قرأت أقرأ قرآنا وقراءة.

و قوله: فإذَا قَرأناهُ فاتّبِعْ قُرآنَهُ اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: تأويله: فإذا أنزلناه إليك فاستمع قرآنه. ذكر من قال ذلك:

٢٧٥٦٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن منصور وابن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس فإذَا قَرأناهُ: فإذا أنزلناه إليك فاتّبِعْ قُرآنَهُ قال: فاستمع قرآنه.

حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فإذَا قرأناهُ فاتّبِعْ قُرآنَهُ: فإذا أنزلناه إليك فاستمع له.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إذا تُلي عليك فاتبع ما فيه من الشرائع والأحكام. ذكر من قال ذلك:

٢٧٥٦١ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس فإذَا قَرأناهُ فاتّبِعْ قُرآنَهُ يقول: إذا تلي عليك فاتبع ما فيه.

٢٧٥٦٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فإذا قَرأناهُ فاتّبِعْ قُرآنَهُ يقول اتبع حلالَه واجتنب حرامه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة فإذَا قَرَأناهُ فاتّبِعْ قُرآنَهُ يقول: فاتبع حلاله، واجتنب حرامه.

٢٧٥٦٣ـ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: فاتّبِعْ قُرآنَهُ يقول: اتبع ما فيه.

وقال آخرون: بل معناه: فإذا بيّناه فاعمل به. ذكر من قال ذلك:

٢٧٥٦٤ـ حدثنا عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس ،

﴿ ١٧