٢و قوله: إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نَبْتَلِيه يقول تعالى ذكره: إنا خلقنا ذرّية آدم من نطفة، يعني : من ماء الرجل وماء المرأة، والنطفة: كلّ ماء قليل في وعاء كان ذلك ركية أو قربة، أو غير ذلك، كما قال عبد اللّه بن رواحة: هَلْ أنْتِ إلاّ نُطْفَةٌ في شَنّهْ و قوله: أمْشاجٍ يعني : أخلاط، واحدها: مشج ومشيج، مثل خدن وخدين ومنه قول رؤبة بن العجاج: يَطْرَحْنَ كُلّ مُعْجَلٍ نَشّاجلَمْ يُكْسَ جِلْدا في دَمٍ أمْشاجِ يقال منه: مشجت هذا بهذا: إذا خلطته به، وهو ممشوج به ومشيج: أي مخلوط به، كمال قال أبو ذؤيب: كأنّ الرّيشَ والفُوقَيْن مِنْهخِلالَ النّصْل سِيطَ بِهِ مَشِيجُ واختلف أهل التأويل في معنى الأمشاج الذي عنى بها في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٦٤٠ـ حدثنا أبو كريب وأبو هشام الرفاعي قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرِمة أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ قال: ماء الرجل وماء المرأة يمشج أحدهما بالاَخر. حدثنا أبو هشام، قال: حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرِمة قال: ماء الرجل وماء المرأة يختلطان. ٢٧٦٤١ـ قال: ثنا أبو أُسامة، قال: حدثنا زكريا، عن عطية، عن ابن عباس ، قال: ماء المرأة وماء الرجل يمشجان. قال: ثنا عبيد اللّه ، قال: أخبرنا إسرائيل، عن السديّ، عمن حدّثه، عن ابن عباس ، قال: ماء المرأة وماء الرجل يختلطان. ٢٧٦٤٢ـ قال: ثنا عبد اللّه ، قال: أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج. ٢٧٦٤٣ـ قال: ثنا أبو أُسامة، قال: حدثنا المبارك، عن الحسن، قال: مُشج ماء المرأة مع ماء الرجل. ٢٧٦٤٤ـ قال: ثنا عبيد اللّه ، قال: أخبرنا عثمان بن الأسود، عن مجاهد، قال: خلق اللّه الولد من ماء الرجل وماء المرأة، وقد قال اللّه : يا أيّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأنْثَى. قال: ثنا عبيد اللّه ، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، قال: خلق من تارات ماء الرجل وماء المرأة. وقال آخرون: إنما عُني بذلك: إنا خلقنا الإنسان من نطفة ألوان ينتقل إليها، يكون نطفة، ثم يصير علقة، ثم مضغة، ثم عظما، ثم كسي لحما. ذكر من قال ذلك: ٢٧٦٤٥ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ الأمشاج: خلق من ألوان، خلق من تراب، ثم من ماء الفرج والرحم، وهي النطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظما، ثم أنشأه خلقا آخر فهو ذلك. ٢٧٦٤٦ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سماك، عن عكرِمة، في هذه الاَية أمْشاجٍ قال: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظما. حدثنا الرفاعي، قال: حدثنا وهب بن جرير ويعقوب الحضْرَميّ، عن شعبة، عن سماك، عن عكرِمة، قال: نطفة، ثم علقمة. ٢٧٦٤٧ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ أطوار الخلق، طورا نطفة، وطورا علقة، وطورا مضغة، وطورا عظاما، ثم كسى اللّه العظام لحما، ثم أنشأه خلقا آخر، أنبت له الشعر. ٢٧٦٤٨ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله أمْشاجٍ نَبْتَليهِ قال: الأمشاج: اختلط الماء والدم، ثم كان علقة، ثم كان مضغة. وقال آخرون: عُني بذلك اختلاف ألوان النطفة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٦٤٩ـ حدثني عليّ قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ يقول: مختلفة الألوان. ٢٧٦٥٠ـ حدثنا أبو هشام، قال: حدثنا يحيى بن يمان، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: ألوان النطفة. ٢٧٦٥١ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: أيّ الماءين سبق أشبه عليه أعمامه وأخواله. ٢٧٦٥٢ـ قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ قال: ألوان النطفة نطفة الرجل بيضاء وحمراء، ونطفة المرأة حمراء وخضراء. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وقال آخرون: بل هي العروق التي تكون في النطفة. ذكر من قال ذلك: ٢٧٦٥٣ـ حدثنا أبو كريب وأبو هشام، قالا: حدثنا وكيع، قال: حدثنا المسعودي، عن عبد اللّه بن المخارق عن أبيه، عن عبد اللّه ، قال: أمشاجها: عروقها. ٢٧٦٥٤ـ حدثنا أبو هشام، قال: حدثنا يحيى بن يمان، قال: حدثنا أُسامة بن زيد، عن أبيه، قال: هي العروق التي تكون في النطفة. وأشبه هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معنى ذلك مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نطفة الرجل ونطفة المرأة، لأن اللّه وصف النطفة بأنها أمشاج، وهي إذا انتقلت فصارت علقة، فقد استحالت عن معنى النطفة فكيف تكون نطفة أمشاجا وهي علقة؟ وأما الذين قالوا: إن نطفة الرجل بيضاء وحمراء، فإن المعروف من نطفة الرجل أنها سحراء على لون واحد، وهي بيضاء تضرب إلى الحمرة، وإذا كانت لونا واحدا لم تكن ألوانا مختلفة، وأحسب أن الذين قالوا: هي العروق التي في النطفة قصدوا هذا المعنى. وقد: ٢٧٦٥٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس ، قال: إنما خلق الإنسان من الشيء القليل من النطفة. ألا ترى أن الولد إذا أسكت ترى له مثل الرّيْر؟ وإنما خُلق ابن آدم من مثل ذلك من النطفة أمشاج نبتليه. و قوله: نَبْتَلِيهِ نختبره. وكان بعض أهل العربية يقول: المعنى: جعلناه سميعا بصيرا لنبتليه، فهي مقدّمة معناها التأخير، إنما المعنى خلقناه وجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه، ولا وجه عندي لما قال يصحّ، وذلك أن الابتلاء إنما هو بصحة الاَلات وسلامة العقل من الاَفات، وإنْ عُدِمَ السمع والبصر. وأما إخباره إيانا أنه جعل لنا أسماعا وأبصارا في هذه الاَية، فتذكير منه لنا بنعمه، وتنبيه على موضع الشكر فأما الابتلاء فبالخلق مع صحة الفطرة، وسلامة العقل من الاَفة، كما قال: ومَا خَلَقْتُ الجِنّ والإنْسَ إلاّ لِيَعبُدون. و قوله: فَجَعَلْناهُ سمِيعا بَصِيرا يقول تعالى ذكره: فجعلناه ذا سمع يسمع به، وذا بصر يبصر به، إنعاما من اللّه على عباده بذلك، ورأفة منه لهم، وحجة له عليهم. |
﴿ ٢ ﴾