٧

القول في تأويل قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرّهُ مُسْتَطِيراً}.

يقول تعالى ذكره: إن الأبرار الذين يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، برّوا بوفائهم للّه بالنذور التي كانوا ينذرونها في طاعة اللّه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٧٦٦٥ـ حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: يُوفُونَ بالنّذْرِ قال: إذا نذروا في حق اللّه .

٢٧٦٦٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: يُوفُونَ بالنّذْرِ قال: كانوا ينذرون طاعة اللّه من الصلاة والزكاة، والحجّ والعمرة، وما افترض عليهم، فسماهم اللّه بذلك الأبرار، فقال: يُوفُونَ بالنّذْرِ ويَخافُونَ يَوْما كانَ شَرّهُ مُسْتَطِيرا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة يُوفُونُ بالنّذْرِ قال: بطاعة اللّه ، وبالصلاة، وبالحجّ، وبالعمرة.

٢٧٦٦٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، قوله: يُوفُونَ بالنّذْرِ قال: في غير معصية.

وفي الكلام محذوف اجتزىء بدلالة الكلام عليه منه، وهو كان ذلك. وذلك أن معنى الكلام: إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، كانوا يوفون بالنذر، فترك ذكر كانوا لدلالة الكلام عليها والنذر: هو كلّ ما أوجبه الإنسان على نفسه من فعل ومنه قول عنترة:

الشّاتِمَيْ عِرْضِي وَلمْ أشْتُمْهُماوالنّاذِرَيْنَ إذا لَمْ ألْقَهُما دَمي

و قوله: وَيخافُونَ يَوْما كانَ شَرّهُ مُسْتَطِيرا يقول تعالى ذكره: ويخافون عقاب اللّه بتركهم الوفاء بما نذروا للّه من برّ في يوم كان شرّه مستطيرا، ممتدّا طويلاً فاشيا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:

٢٧٦٦٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَيخافُونَ يَوْما كانَ شَرّهُ مُسْتَطِيرا استطاروا اللّه شرّ ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض.

وأما رجل يقول عليه نذر أن لا يصل رحما، ولا يتصدّق، ولا يصنع خيرا، فإنه لا ينبغي أن يكفر عنه، ويأتي ذلك، ومنه قولهم: استطار الصدع في الزجاجة واستطال: إذا امتدّ، ولا يقال ذلك في الحائط ومنه قول الأعشى:

فَبانَتْ وَقد أثأرَتْ فِي الفُؤَادِ صَدْعا عَلى نَأَيِها مُسْتَطِيرَا

 يعني : ممتدّا فاشيا.

﴿ ٧