تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن

للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

إمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)

_________________________________

سورة المرسلات

بسم اللّه الرحمَن الرحيـم

١

القول في تأويل قوله تعالى: {وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً }.

اختلف أهل التأويل في معنى قول اللّه : وَالمُرْسَلاتِ عُرْفا فقال بعضهم: معنى ذلك: والرياح المرسلات يتبع بعضها بعضا، قالوا: والمرسَلات: هي الرياح. ذكر من قال ذلك:

٢٧٧٤٨ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا المحاربي، عن المسعودي، عن سَلَمة بن كَهيَل، عن أبي العُبيدين أنه سأل ابن مسعود فقال: والمُرْسَلاتِ عُرْفا قال: الريح.

حدثنا خلاد بن أسلم، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا المسعودي، عن سَلَمة بن كهيل، عن أبي العُبيدين أنه سأل عبد اللّه بن مسعود، فذكر نحوه.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم، عن أبي العُبيدين، قال: سألت عبد اللّه بن مسعود، فذكر نحوه.

٢٧٧٤٩ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله والمُرْسَلاتِ عُرْفا يعني الريح.

٢٧٧٥٠ـ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبيد اللّه بن معاذ، قال: ثني أبي، عن شعبة، عن إسماعيل السديّ، عن أبي صالح صاحب الكلبي في قوله وَالمُرْسَلاتِ عُرْفا قال: هي الرياح.

٢٧٧٥١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وَالمُرْسَلاتِ عُرْفا قال: الريح.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سَلَمَة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العُبيدين، قال: سألت عبد اللّه عن المُرْسَلاتِ عُرْفا قال: الريح.

٢٧٧٥٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: وَالمُرْسَلاتِ عُرْفا قال: هي الريح.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، مثله.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: والملائكة التي تُرسَل بالعرف. ذكر من قال ذلك:

٢٧٧٥٣ـ حدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، قال: كان مسروق يقول في المرسلات: هي الملائكة.

٢٧٧٥٤ـ حدثنا إسرائيل بن أبي إسرائيل، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى، عن مسروق، عن عبد اللّه في قوله: وَالمُرْسَلاتِ عُرْفا قال: الملائكة.

٢٧٧٥٥ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا جابر بن نوح ووكيع عن إسماعيل، عن أبي صالح في قوله: وَالمُرْسَلاتِ عُرْفا قال: هي الرسل ترسل بالعُرف.

حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل، قال: سألت أبا صالح عن قوله وَالمُرْسَلاتِ عُرْفا قال: هي الرسل ترسل بالمعروف.

قالوا: فتأويل الكلام والملائكة التي أرسلت بأمر اللّه ونهيه، وذلك هو العرف. وقال بعضهم: عُني بقوله عُرْفا: متتابعا كعرف الفرس، كما قالت العرب: الناس إلى فلان عرف واحد، إذا توجهوا إليه فأكثروا. ذكر من قال ذلك:

٢٧٧٥٦ـ حُدثت عن داود بن الزبرقان، عن صالح بن بريدة، في قوله: عُرْفا قال: يتبع بعضها بعضا.

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن اللّه تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا، وقد ترسل عُرْفا الملائكة، وترسل كذلك الرياح، ولا دلالة تدلّ على أن المعنيّ بذلك أحد الحِزْبين دون الاَخر وقد عمّ جلّ ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف، فكلّ من كان صفته كذلك، فداخل في قسمه ذلك مَلَكا أو ريحا أو رسولاً من بني آدم مرسلاً.

﴿ ١