تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآن

للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري

إمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)

_________________________________

سورة النازعات

سورة النازعات مكية وآياتها ست وأربعون

بسم اللّه الرحمَن الرحيـم

١

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {وَالنّازِعَاتِ غَرْقاً }.

أقسم ربنا جلّ جلاله بالنازعات، واختلف أهل التأويل فيها، وما هي؟ وما تنزع؟ فقال بعضهم: هم الملائكة التي تنزع نفوس بني آدم، والمنزوع نفوس الاَدميين. ذكر من قال ذلك:

٢٧٩٦٠ـ حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا النضّر بن شُمَيل، قال: أخبرنا شُعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضّحى، عن مسروق، عن عبد اللّه والنّازِعاتِ غَرْقا قال: الملائكة.

٢٧٩٦١ـ حدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق: أنه كان يقول في النازعات: هي الملائكة.

٢٧٩٦٢ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا شعبة، عن السديّ، عن أبي صالح، عن ابن عباس ، في النازعات، قال: حين تنزع نفسه.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: والنّازِعاتِ غَرْقا قال: تَنْزِع الأنفس.

٢٧٩٦٣ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: والنّازِعاتِ غَرْقا قال: نزعت أرواحهم، ثم غرقت، ثم قذف بها في النار.

وقال آخرون: بل هو الموت يَنْزِع النفوس. ذكر من قال ذلك:

٢٧٩٦٤ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد والنّازِعاتِ غَرْقا قال: الموت.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن عبد اللّه بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

وقال آخرون: هي النجوم تَنْزِع من أُفق إلى أفق.

٢٧٩٦٥ـ حدثنا الفضل بن إسحاق، قال: حدثنا أبو قُتَيبة، قال: حدثنا أبو العوّام، أنه سمع الحسن في النّازِعاتِ غَرْقا قال: النجوم.

٢٧٩٦٦ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، في قوله: والنّازِعاتِ غَرْقا قال: النجوم.

وقال آخرون: هي القِسِيّ تَنزِع بالسهم. ذكر من قال ذلك:

٢٧٩٦٧ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء والنّازِعاتِ غَرْقا قال القِسِيّ.

وقال آخرون: هي النفس حين تنزع. ذكر من قال ذلك:

٢٧٩٦٨ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن السديّ والنّازِعاتِ غَرْقا قال: النفس حين تغرق في الصدر.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن اللّه تعالى ذكره أقسم بالنازعات غرقا، ولم يخصُصْ نازعة دون نازعة، فكلّ نازعة غَرْقا، فداخلة في قَسَمه، مَلَكا كان أو موتا، أو نجما، أو قوسا، أو غير ذلك. والمعنى: والنازعات إغراقا، كما يغرق النازع في القوس.

﴿ ١