٣و قوله: وَما خَلَقَ الذّكَرَ والأُنْثَى يحتمل الوجهين اللذين وصفت في قوله: وَالسّماءِ وَما بَناها والأرْضِ وَما طَحاها وهو أن يجعل (ما) بمعنى (مَنْ) ، فيكون ذلك قسما من اللّه جل ثناؤه بخالق الذّكر والأنثى، وهو ذلك الخلق، وأن تجعل (ما) مع ما بعدها بمعنى المصدر، ويكون قسما بخلقه الذكر والأنثى. وقد ذُكر عن عبد اللّه بن مسعود وأبي الدرداء: أنهما كانا يقرآن ذلك (وَالذّكَرِ وَالأُنْثَىَ) ويأثُرُه أبو الدرداء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . ذكر الخبر بذلك: ٢٨٩٣١ـ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: في قراءة عبد اللّه : (وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى وَالنّهارِ إذَا تَجَلّى وَالذّكَرِ والأُنْثَى) . ٢٨٩٣٢ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا هشام بن عبد الملك، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني المُغيرة، قال: سمعت إبراهيم يقول: أتى علقمة الشأم، فقعد إلى أبي الدرداء، فقال: ممن أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال: كيف كان عبد اللّه يقرأ هذه الاَية وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى وَالنّهارِ إذَا تَجَلّى فقلت: (وَالذّكَرِ وَالأُنْثَى) قال: فما زال هؤلاء حتى كادوا يستضلّونني وقد سمعتها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا حاتم بن وَرْدان، قال: حدثنا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة قال: أتينا الشأم، فدخلت على أبي الدرداء، فسألني فقال: كيف سمعت ابن مسعود يقرأ هذه الاَية: وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى والنّهارِ إذَا تَجَلّى قال: قلت: (وَالذّكَرِ والأنْثَى) قال: كفاك، سمعتُها من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرؤها. حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن عُليَة وحدثني إسحاق بن شاهين الواسطيّ، قال: حدثنا خالد بن عبد اللّه عن داود، عن عامر، عن علقمة، قال: قَدِمت الشأم، فلقيت أبا الدرداء، فقال: من أين أنت؟ فقلت من أهل العراق؟ قال: من أيها؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: هل تقرؤه قراءة ابن أمّ عبد؟ قلت: نعم، قال: اقرأ وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى قال: فقرأت: (وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى وَالنّهارِ إذَا تَجَلّى وَالذّكَرِ والأُنْثَى) قال: فضحك، ثم قال: هكذا سمعت مِنْ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . حدثنا ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى، قال: ثني داود، عن عامر، عن علقمة، عن أبي الدّرداء، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، بنحوه. حدثني أبو السائب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قدمت الشأم، فأتى أبو الدرداء، فقال: فيكم أحد يقرأ على قراءة عبد اللّه ؟ قال: فأشاروا إليّ، قال: قلت أنا، قال: فكيف سمعت عبد اللّه يقرأ هذه الاَية: (وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى والنّهارِ إذَا تَجَلّى وَالذّكَرِ وَالأُنْثَى) قال: وأنا هكذا سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: فهؤلاء يريدوني على أن أقرأ وَما خَلَقَ الذّكَرِ والأُنْثَى فلا أنا أتابعهم. ٢٨٩٣٣ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وَما خَلَقَ الذّكَرَ وَالأُنْثَى قال: في بعض الحروف: (وَالذّكَرِ وَالأُنْثَى) . حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، مثله. ٢٨٩٣٤ـ حدثني أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا حجاج، عن هارون، عن إسماعيل، عن الحسن أنه كان يقرؤها وَما خَلَقَ الذّكَرَ والأُنْثَى يقول: والذي خلق الذكر والأنثى قال هارون قال أبو عمرو: وأهل مكة يقولون للرعد: سبحانَ ما سبّحْتَ له. حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا جرير، عن مُغيرة، عن مِقْسمَ الضّبيّ، عن إبراهيم بن يزيد بن أبي عمران، عن علقمة بن قيس أبي شبل: أنه أتى الشام، فدخل المسجد فصلّى فيه، ثم قام إلى حَلْقة فجلس فيها قال: فجاء رجل إليّ، فعرفت فيه تحوّش القول وهيبتهم له، فجلس إلى جنبي، فقلت: الحمد للّه إني لأرجو أن يكون اللّه قد استجاب دعوتي، فإذا ذلك الرجل أبو الدرداء، قال: وما ذاك؟ فقال علقمة: دعوت اللّه أن يرزقني جليسا صالحا، فأرجو أن يكون أنت، قال: مِنْ أين أنت؟ قلت: من الكوفة، أو من أهل العراق من الكوفة. قال أبو الدرداء: ألم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد والمِطْهَرة، يعني ابن مسعود، أو لم يكن فيكم من أجير على لسان النبي صلى اللّه عليه وسلم من الشيطان الرجيم، يعني عَمّار بن ياسر، أو لم يكن فيكم صاحب السرّ الذي لا يعلمه غيره، أو أحد غيره، يعني حُذَيفة بن اليمان، ثم قال: أيكم يحفظ كما كان عبد اللّه يقرأ؟ قال: فقلت: أنا، قال: اقرأ: وَاللّيْلِ إذَا يَغْشَى والنّهارَ إذَا تَجَلّى قال علقمة: فقرأت: الذكرِ والأنثى، فقال أبو الدرداء: والذي لا إله إلاّ هو، كذا أقرأنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فوه إلى فيّ، فما زال هؤلاء حتى كادوا يردّونني عنها. |
﴿ ٣ ﴾