٥

و قوله: ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ثم رددناه إلى أرذل العمر. ذكر من قال ذلك:

٢٩٠٦٠ـ حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن عكرِمة، عن ابن عباس ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: إلى أرذل العمر.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام بن سلم، عن عمرو، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: إلى أرذل العمر.

٢٩٠٦١ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ يقول: يردّ إلى أرذل العمر، كبر حتى ذهب عقله، وهم نفر رُدّوا إلى أرذل العمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فسُئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين سفهت عقولهم، فأنزل اللّه عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم.

٢٩٠٦٢ـ حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، قال: سُئل عكرِمة، عن قوله: ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: ردّوا إلى أرذل العمر.

٢٩٠٦٣ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل وعبد الرحمن، قالا: حدثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، في قوله: ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ: قال: إلى أرذل العمر.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، مثله.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، مثله.

٢٩٠٦٤ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفلَ سافِلِينَ قال: رددناه إلى الهَرَم.

حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، قال: الهَرَم.

٢٩٠٦٥ـ حدثني يعقوب، قال: حدثنا المعتمر، قال: سمعت الحكم يحدّث، عن عكرِمة ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: الشيخ الهَرِم، لم يضرّه كبرُه إن ختم اللّه له بأحسن ما كان يعمل.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم رددناه إلى النار في أقبح صورة. ذكر من قال ذلك:

٢٩٠٦٦ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن أبي جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: في شر صورة في صورة خنزير.

٢٩٠٦٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: النار.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: إلى النار.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: في النار.

قال: ثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: إلى النار.

٢٩٠٦٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: (قال) الحسن: جهنم مأواه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: قال الحسن، في قوله: ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: في النار.

٢٩٠٦٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ثُمّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ قال: إلى النار.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة، وأشبهها بتأويل الاَية، قول من قال: معناه: ثم رددناه إلى أرذل العمر، إلى عمر الخَرْفَى، الذين ذهبت عقولهم من الهَرَم والكِبر، فهو في أسفل من سفل: في إدبار العمر وذهاب العقل.

وإنما قلنا: هذا القول أولى بالصواب في ذلك: لأن اللّه تعالى ذكره، أخبر عن خلقه ابن آدم، وتصريفه في الأحوال، احتجاجا بذلك على مُنكري قُدرته على البعث بعد الموت. ألا ترى أنه يقول: فَمَا يُكَدّبُكَ بَعْدُ بالدّينِ يعني : بعد هذه الحُجَج. ومحال أن يحتجّ على قوم كانوا مُنكرين معنى من المعاني، بما كانوا له مُنكرين. وإنما الحجة على كلّ قوم بما لا يقدرون على دفعه، مما يعاينونه ويحسّونه، أو يقرّون به، وإن لم يكونوا له مُحِسّين.

وإذْ كان ذلك كذلك، وكان القوم للنار التي كان اللّه يتوعدهم بها في الاَخرة مُنكرين، وكانوا لأهل الهَرَم والخَرَف من بعد الشباب والجَلَد شاهدين، عُلِم أنه إنما احتجّ عليهم بما كانوا له مُعاينين، من تصريفه خلقه، ونقله إياهم من حال التقويم الحسن والشباب والجلد، إلى الهَرَم والضعف وفناء العمر، وحدوث الخَرَف.

﴿ ٥