تفسير الطبري : جامع البيان عن تأويل آي القرآنللإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبريإمام المفسرين المجتهد (ت ٣١٠ هـ ٩٢٣ م)_________________________________سورة القارعةسورة القارعة مكية وآياتها إحدى عشرة بسم اللّه الرحمَن الرحيم ١القول فـي تأويـل قوله تعالى: {الْقَارِعَةُ}. يقول تعالى ذكره: الْقارِعَةُ: الساعة التي يقرع قلوبَ الناس هو لُها، وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة لا ليل بعدها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٩٢٣٥ـ حدثني عليّ، قال: حدثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ، في قوله: الْقارِعَةُ من أسماء يوم القيامة، عظّمه اللّه وحذّره عباده. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، في قوله الْقارِعَةُ ما الْقارِعَةُ قال: هي الساعة. ٢٩٢٣٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: الْقارِعَةُ ما الْقارِعَةُ قال: هي الساعة. ٢٩٢٣٧ـ حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، قال: سمعت أن القارعة والواقعة والحاقة: القيامة. ٢و قوله: ما الْقارِعَةُ يقول تعالى ذكره معظّما شأن القيامة والساعة التي يقرع العبادَ هولُها: أيّ شيء القارعة؟ يعني بذلك: أيّ شيء الساعة التي يقرع الخلقَ هولُها: أي ما أعظمها وأفظعها وأهولها. ٣و قوله: وَما أدْرَاكَ ما الْقارِعَةُ؟ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : وما أشعرك يا محمد أي شيء القارعة. ٤و قوله: يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كالْفَرَاشِ المَبْثُوثِ يقول تعالى ذكره: القارعة يوم يكون الناس كالفَراش، وهو الذي يتساقط في النار والسراج، ليس ببعوض ولا ذباب، و يعني بالمبثوث: المفرّق. وكالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٩٢٣٨ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كالفَرَاشِ المَبْثُوثِ هذا الفراش الذي رأيتم يتهافت في النار. ٢٩٢٣٩ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: يَوْمَ يَكُونُ النّاسُ كالْفَرَاشِ المَبْثُوثِ قال: هذا شَبَه شبهه اللّه . وكان بعض أهل العربية يقول: معنى ذلك: كغوغاء الجراد، يركب بعضه بعضا، كذلك الناس يومئذ، يجول بعضهم في بعض. ٥و قوله: وَتَكُونُ الجِبالُ كالْعِهْنِ المَنْفُوشِ يقول تعالى ذكره: ويوم تكون الجبال كالصوف المنفوش والعِهْن: هو الألوان من الصوف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٢٩٢٤٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة ، في قوله: وَتَكُونُ الجِبالُ كالْعِهْنِ المَنْفُوشِ قال: الصوف المنفوش. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ، قال: هو الصوف. وذُكر أن الجبال تسير على الأرض وهي في صورة الجبال كالهباء. ٦و قوله: فَأمّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يقول: فأما من ثقُلَت موازين حسناته، يعني بالموازين: الوزن، والعرب تقول: لك عندي درهم بميزان درهمك، ووزن درهمك، ويقولون: داري بميزان دارك ووزن دارك، يراد: حذاء دارك. قال الشاعر: قدْ كُنْتُ قَبْلَ لِقائكُمْ ذَا مِرّةٍعِنْدِي لِكُلَ مخاصِمٍ مِيزَانُه يعني ب قوله: (لكلّ مخاصم ميزانه) : كلامه، وما ينقض عليه حجته. وكان مجاهد يقول: ليس ميزان، إنما هو مثل ضرب. ٢٩٢٤١ـ حدثنا بذلك أبو كُرَيب، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ يقول: في عيشة قد رضيها في الجنة، كما: ٢٩٢٤٢ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ يعني : في الجنة. ٧انظر تفسير الآية: ٨ ٨و قوله: وَأمّا مَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ فأُمّهُ هاوِيَةٌ يقول: وأما من خفّ وزن حسناته، فمأواه ومسكنه الهاوية، التي يهوي فيها على رأسه في جهنم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: ٩٢٩٢٤٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة وَأمّا مَنْ خَفّتْ مَوَازِينُهُ فأُمّهُ هاويَةٌ وهي النار، هي مأواهم. ٢٩٢٤٤ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة فَأُمّهُ هاوِيَةٌ قال: مصيره إلى النار، هي الهاوية. قال قتادة : هي كلمة عربية، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد، قال: هوت أمه. ٢٩٢٤٥ـ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن ثور، عن معمر، عن الأشعث بن عبد اللّه الأعمى، قال: إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين، فيقولون: رَوّحوا أخاكم، فإنه كان في غمّ الدنيا قال: ويسألونه ما فعل فلان؟ فيقول: مات، أَو مَا جاءكم؟ فيقولون: ذهبوا به إلى أمّه الهاوية. ٢٩٢٤٦ـ حدثني إسماعيل بن سيف العجليّ، قال: حدثنا عليّ بن مُسْهِر، قال: حدثنا إسماعيل، عن أبي صالح، في قوله فَأُمّهُ هاوِيَةٌ قال: يهوُون في النار على رؤوسهم. ٢٩٢٤٧ـ حدثنا ابن سيف، قال: حدثنا محمد بن سَوّار، عن سعيد، عن قتادة فَأُمّهُ هاوِيَةٌ قال: يهوى في النار على رأسه. ٢٩٢٤٨ـ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: فَأُمّهُ هاوِيَةٌ قال: الهاوية: النار هي أمّه ومأواه التي يرجع إليها، ويأوي إليها، وقرأ: وَمأوَاهُمُ النّارُ. ٢٩٢٤٩ـ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس فَأُمّهُ هاوِيَةٌ وهو مثلها، وإنما جعل النار أمّه، لأنها صارت مأواه، كما تؤوي المرأة ابنها، فجعلها إذ لم يكن له مأوى غيرها، بمنزلة أمّ له. ١٠قوله: وَما أدْرَاكَ ماهِيَهْ يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم : وما أشعرك يا محمد ما الهاوية، ثم بَيّن ما هي، فقال: ١١هَيَ نَارٌ حَامِيَةٌ، يعني بالحامية: التي قد حميت من الوقود عليها. |
﴿ ٠ ﴾